هل نحتاج وزيرا للإعلام؟
بسبب الرغبة فى تطوير الإعلام والارتقاء والنهوض به ليقوم بدوره الذي ينتظره منه الرأي العام ارتفعت صيحات تطالب بتعيين وزيرا للإعلام يتولى قيادة إعلام الدولة المصرية بما يخدم قضاياها المختلفة وفي المقدمة منها قضايا الأمن القومي المصري، رغم أن بعض أصحاب هذه الأصوات كان متحمسا قبل سنوات مضت لإلغاء وزارة الإعلام أسوة بما هو معمول به في الدول الديمقراطية خاصة الغربية..
لكني أعتقد إنه فى ظل أحكام الدستور الحالية التى تنظم عمل الإعلام المصري فإن دور وزير الإعلام هنا لن يكون مجديا للنهوض بالإعلام المصري وتطويره.. فإن الدستور أنشأ مجلس أعلى للإعلام أنيطت به بعض اختصاصات وزير الإعلام، ومنحه صلاحيات منح تراخيص إنشاء الصحف والفضائيات والمواقع الالكترونية، ومنحه أيضا صلاحيات مراقبة الأداء الإعلامي لضمان الالتزام بالمهنية والقانون.. كما أنشأ الدستور أيضا هيئتين واحدة لإدارة الصحف القومية التى كان يتولاها مجلس الشورى من قبل والثانية لإدارة التليفزيون المصرى الذى كان يعتبر الإشراف عليه مسئولية مباشرة لوزير الإعلام قبل عام ٢٠١١..
وبالتالى فإنه لم يتبق دستوريا دورا يمكن أن يقوم به وزير الإعلام، اللهم إلا إذا نازع المجالس والهيئات القائمة اختصاصاتها أو اكتفى بالإشراف على المؤتمرات الصحفية للحكومة ووزرائها كما فعل وزير الدولة للإعلام السابق الذي استقال في نهاية المطاف .
وهكذا إذا كنّا متمسكين بأن يكون لدينا وزير للإعلام أو حتى وزير دولة للإعلام فليس أمامنا سوى تعديل الدستور لتعديل الأحكام التي تنظم العمل الإعلامي، وأعتقد إن ذلك ليس مطروحا على أجندتنا السياسية حاليا أو في المستقبل القريب، وبالتالي لا فائدة سوف نجنيها من تعيين وزير إعلام جديد.
تطوير الإعلام
لكن الذين يبغون تطوير الإعلام المصرى يرون أن ذلك مرهون بوجود قيادة للإعلام المصري توجه في إطار تبنى استراتيجية واضحة المعالم.. وهذا صحيح فعلا، لكنه ليس السبيل الوحيد لتطوير إعلامنا، فنحن نحتاج إلى سبل أخرى معه تبدأ من الاعتماد على المهنيين الحقيقيين، ولا تنتهى بمساحة مقدرة من الحرية الإعلامية.. ويمكننا أن نتفق على هذه الاستراتيجية معا..
أي بدعوة المجالس والهيئات الإعلامية الحالية والمؤسسات التي تدير الإعلام الخاص وخبراء إعلاميين وصحفيين من مختلف الأجيال ونقابتا الصحفيين والإعلاميين لتنظيم مؤتمرا للنهوض بإعلامنا تحت رعاية رئيس الجمهورية الذي جاهر أكثر من مرة بحاجتنا لتطوير إعلامنا، والنتائج التى سوف يتوصل إليها كل هؤلاء سوف تصوغ لنا استراتيجيتنا الإعلامية والصحفية وتحدد مسئولياتنا جميعا.. هيئات صحفية وإعلامية وشركات إعلامية ونقابات صحفية وإعلامية وأيضًا الحكومة التي عليها مسئوليات عديدة لا تقتصر فقط على توفير الأموال للمؤسسات الصحفية القومية والإعلامية الحكومية.. فهل نجرب ذلك؟