رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور علي جمعة.. يهدم أساس جماعات التكفير (٣)

نختم في هذا المقال رد الدكتور علي جمعة على فكر واستدلال جماعات التكفير بفتوى بن تيمية رحمه الله، حيث أنهم ذهبوا بهذه الفتوى إلى الانحدار في الفهم والانحطاط في التفكير، وقسموا الديار إلى ديار كفر وديار مسلمين!!!


ومما جاء في رد الدكتور على جمعة ما نصه، إن كانت القاعدة عند العلماء أن دعوى الوهم في التفسير أسهل من دعوى التصحيف في الأصل إلا أن من استخدم نص ابن تيمية المحرف قد وقع في الأمرين معا‏,‏ لأن التفسير مبني على صحة الأصل‏.‏ فهم قد جانبهم الصواب في توثيق النص وقراءته‏,‏ وأخطأوا أيضا في فهم الكلمة المحرفة من خلال السياق وسابق الكلام ولاحقه‏,‏ وأمارة ذلك الاقتران والازدواج الواردين في نص الفتوى بين قوله‏:‏ ويعامل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه . وقوله‏:‏ يعامل المسلم فيها بما يستحقه. إذ لو كان المراد -كما فهموا- ويقاتل الخارج لما كان هناك داع لقوله بعدها‏:‏ بما يستحقه. لأن الخلاف ليس في كيفية القتال‏, وإنما في إقرار القتال ومشروعيته‏.

تحريف النص
ويرى الشيخ على جمعة.. أن التحريف في النص أدى إلى خطأ في الفهم‏,‏ وإلى أن يستخدمه قاصروا الفهم في ترويع الآمنين‏,‏ وبالتتبع يجد العاقل العالم أن كثيرا من المشكلات والأحداث الجسام التي وقعت في التاريخ الإسلامي كانت مبنية على خطأ في توثيق نصوص العلماء وخطأ فهمها‏.

إن افتقار المتلقين لفتوى ابن تيمية وافتقادهم للمنهج العلمي عند المسلمين قد أحدث هذا التحريف والتشويه لفتوى هذا العالم‏,‏ وسبب ذلك أنهم يستسهلون التقليد الأعمى دون التأكد من حقيقة الأمور‏,‏ والتبصر ببواطنها ومعرفة عواقبها‏,‏ ورغبة الناس في أن تستسهل طريق العقل عملية قديمة جدا‏,‏ فهو لا يكلفهم شيئا‏,‏ خاصة أنه ليس في خدمة العلم‏,‏ ولا تحت عباءة المنهج‏, أما العلم فيحتاج إلى الاحتراق به‏,‏ وإلى أعمال العقل أيضا فيه‏.

العقلية الخرافية
وطالب الدكتور علي جمعة بأن نمتلك الأدوات الضرورية اللازمة لفهم أدوات التعامل مع الموروث الإسلامي أو أن نرشد إلى الطريق في ذلك‏,‏ مع ضرورة حفظ التمييز بين الأصلين المترهين ‏(الكتاب والسنة‏),‏ وبين سائر التراث الذي اجتهد في إنتاجه المسلمون من علوم وفكر‏,‏ وفقه وفتاوى‏,‏ ورؤى وواقع تاريخي‏.‏

كما حذر الدكتور علي جمعة من العقلية الخرافية وتداعياتها‏,‏ ونبه إلى أن هذا النمط القديم الجديد الذي يبرز كل حين فيحدث جلبة وضوضاء‏,‏ من أجل أن يلفت لنفسه الأنظار‏,‏ ويحقق اشتياقه الذي ضل عنه‏,‏ ويوظف تراثنا وموروثاتنا لخدمة أهدافه‏,‏ مستغلا حالة الاختلال في الفهم‏,‏ والبعد عن التوثيق‏,‏ والتمسك بالتقليد الأعمى دون وعي ولا سبيل لنا بمواجهته سوى بالتسلح بالمنهج العلمي‏, المرتبط بالتوثيق والتمحيص والفهم‏,‏ وهو المنهج الوسطي الذي يتحراه القائمون على العملية التعليمية في الأزهر الشريف وغيره من الجامعات والمعاهد المعتبرة في العالم الإسلامي‏,‏ ولا يسعنا إلا ما ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه لمن لا يجيد العلم وأدواته‏, فنقول‏:‏ هلا سألوا إذ لم يعلموا‏,‏ إنما شفاء العي السؤال‏.
الجريدة الرسمية