رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الدكتور على جمعة يهدم أساس جماعات التكفير (٢)

نواصل ما بدأناه في مقال سابق عن كيفية هدم أساس فكرة نشأة جماعات التكفير والإرهاب، حيث ألمح الدكتور علي جمعة إلى إننا في هذا الوقت الذي نعيشه في عالم أضحى الإسلام فيه المتهم الأول بالإرهاب ودعم العنف والتطرف‏ ‏لفي أشد الحاجة إلى نقض وتمحيص ومراجعة تلك الشوائب والتهم التي لحقت بالإسلام والمسلمين‏,‏ سواء من الجماعات المتطرفة في الداخل‏,‏ أو من الإعلام الخارجي الموجه‏ والمدفوع في أحيان كثيرة‏..


وقد ترك لنا الأوائل الأدوات والمعايير التي من خلالها نُزيل غبش تلك الشوائب‏,‏ ونعرف الصواب من الخطأ‏,‏ والصحيح من الباطل‏,‏ سواء مما ورد في تاريخنا وتراثنا أم مما يفد إلينا من غيرنا‏,‏ وبتلك المعايير وذلك المنهج لنا وقفة مع فتوى بن تيمية من حيث التوثيق والفهم‏.‏

فتوى بن تيمية
فكان اختلال الفهم الذي وقع فيه بعض المتشددين، حين تعلقوا بهذه الفتوى دون الرجوع إلى أهل العلم والاختصاص ليبينوا فحوى هذه الفتوى ومعناها والسياق الذي قيلت فيه‏.‏ والذي أدى إلى هذا الاختلال هو عدم الوقوف فضلا عن الدرية والإستخدام للمنهج العلمي في كيفية توثيق النصوص وفهمها لدي علماء المسلمين‏,‏ فالمنهج العلمي عند المسلمين يتكون من أركان لا غنى عنها‏ وهي‏:‏ الطالب‏,‏ والمعلم‏,‏ والمنهج‏,‏ والكتاب‏,‏ والمناخ العلمي الملائم‏,‏ وهي أركان إذا غاب أحدها اختلت العملية التعليمية برمتها‏.‏

وهو ما حدث عندما انتقى غير المتخصصين فتوى ابن تيمية بشكل محرف‏,‏ فحرفوا كلمة ويعامل الخارج عن شريعة الإسلام بكلمة ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام‏,‏ وبذلك برروا أعمال القتل والعنف والتخريب وترويع الآمنين ضد المسلمين وغير المسلمين‏,‏ والنص الصحيح لفتوى ابن تيمية عن بلدة ماردين هو‏: (‏وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة‏: فيها المعنيان‏,‏ ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام‏, لكون جندها مسلمين‏,‏ ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار‏,‏ بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه‏,‏ ويعامل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه‏),‏ وهو ما ورد في الفتاوى المصرية لابن تيمية‏

ولكن ليس في النسخة المطبوعة المتداولة في خمسة أجزاء‏,‏ وإنما جاءت صحيحة في النسخة المخطوطة بمكتبة الأسد الوطنية بسورية‏,‏ وأكد ذلك العلامة ابن مفلح الحنبلي المتوفي ‏763‏ هـ‏,‏ وهو تلميذ لابن تيمية‏,‏ حيث أوردها على الوجه الصحيح في كتابه‏:‏ الآداب الشرعية والمنح المرعية ص‏212. وكذلك وردت في كتاب‏:‏ الدرر السنية في الأجوبة النجدية لبعض علماء السعودية المعاصرين.‏

 غياب التوثيق
وتابع الشيخ علي جمعة.. فكتب قد حفظ الله تعالى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من التحريف والتصحيف‏,‏ ولذلك ورد الوحي بالتلقي من أفواه العلماء ليطابق المكتوب المقروء‏,‏ حتى إن بعضهم وقع في تحريف بعض الآيات فسخر الله له من يرد عن كتابه‏,‏ ومن ذلك ما أورده العسكري في تصحيفات المحدثين ‏(1/26)‏ والذهبي في ميزان الإعتدال ‏(3/37):‏ أن رجلا قرأ ‏(وجعل السقاية في رجل أخيه‏), فصححها له الحاضرون‏: و(جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) [يوسف:70].‏

أما في السنة فقد أورد ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث ‏(ص‏143)‏ مثالا على ذلك‏,‏ وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الذين يشققون الخطب‏.‏ أي يتقعرون في الكلام ويتكبرون على الناس بهذا‏,‏ فقرأها أحد الرواة ‏(الحطب‏)‏ بالحاء المهملة‏,‏ فقال بعض الحاضرين من الفلاحين‏:‏ يا قوم كيف نعمل والحاجة ماسة‏.‏

وحذر الشيخ علي جمعة من إن غياب التوثيق في فتوى بن تيمية أدى إلى تحريفها بشكل أهدر كثيرا من دماء المسلمين وغيرهم‏,‏ بل أضر بمقاصد الشريعة وأهدافها‏,‏ وتسبب في تشويه صورة الإسلام والمسلمين ووصمهما بالتطرف والعنف‏.‏
وفي المقال القادم نختم رد الدكتور على جمعة على جماعات التكفير والإرهاب بالقول الشافِ

Advertisements
الجريدة الرسمية