رئيس التحرير
عصام كامل

محاكمة ابن تيمية..." فيتو" تطرح الأسئلة الجدلية حول "شيخ الإسلام".. وأزهريون يردون على كل الشبهات..البصيلي: له خروقات لم يسبقها إليه أحد

ابن تيمية
ابن تيمية

لم يحظ شيخ أو فقيه بجدل وهجوم بمثل ما حظي ابن تيمية، فالرجل الذي توفى قبل ما يقرب من 1000 عام، ما زالت أفكاره تشعل معارك طاحنة بين مؤيد ورافض، البعض يراه عالما من علماء الإسلام المشهود لهم، وآخرون يتعاملون معه على أنه منبع الإرهاب في العالم كله، وما بين هؤلاء وهؤلاء تضيع حقيقة ابن تيمية.

 

تأصيل

"شيخ الإسلام".. " أباهم الذي علمهم الإرهاب".. "الفقيه المعذب".. "الرجل الذي ظلم من مريديه قبل أعدائه".. كلها صفات ما أن تذكر حتي يذكر اسم تقى الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام النميرى الحرانى الشهير باسم "ابن تيمية" المولود سنة 661 هـ 1263 م، ذلك الرجل الذي أثار جدلًا كبيرا في عصره، ومازال حتى الآن مثار جدل كبيرة داخل أروقة العلم المغلقة ويخرج من حين لآخر على العلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي تارة وعلى القنوات الفضائية تارة أخرى.

وكيف لا ونحن نتحدث عن شخصية أثرت في التراث الإسلامى وكان لها منتجها الخاص بها، والذي قارب على الثلاثمائة كتاب أو أكثر، شخصية تعرضت للسجن مرات عديدة، بسبب آرائه العلمية التي تصادمت مع الجماعات العلمية والمذاهب الفقهية في حينها، شخصية تتعمد بعض التيارات المتشددة تصدير فتاويه في أي عمل إنتاجي يقومون به، شخصية أثارت العديد من النقاشات وفتحت حولها الكثير من الأحاديث بين رجال وشباب الـ سوشيال ميديا.

التراث الإسلامي

وبين أغراض الطعن في التراث الإسلامي ومحاولة لإيجاد ثغرة لضرب التراث منها، وبين التشدد المقمع الذي يصل في بعض الأحيان إلى نظرة "القدسية" وعدم الخطأ والعصمة إن صح التعبير، وأيضًا محاولة إلقاء زيغ الحاضر على تراث الماضي، تختلف وجهات ودوافع التعرض لابن تيمية بين الحين والآخر سواء على المنصات العلمية والمناظرات أو من خلال الهاشتاجات على مواقع التواصل المختلفة.

أسباب الجدل

وبنظرة أعمق في حياة ابن تيمية نجد أن الرجل مثل حالة الجدل منذ أيام عصره بسبب خروجه في أحيان كثيرة على الجماعة العلمية من أهل الفقه والعلم، وإتيانه بفتاوى غريبة وشاذة في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى منهجة الصادم في حديثه في علم العقائد والإلهيات.

فكان أول من قسم علم التوحيد، بجانب فتاوى في مسائل الجهاد والقتال، يتعمد مقاتلو الجماعات المتطرفة  تصديرها عند التباهي بعرض أعمالهم القتالية، والتي تؤدى إلى حصد أرواح الأبرياء.

وبنظرة مجردة وبعيدًا عن الميل لطرف دون آخر نحاول خلال السطور التالية الإجابة على عدة أسئلة أهمها: - سبب إثارة اسم ابن تيمية بين الحين والآخر على وسائل الإعلام - ما هي الإنجازات التي يمكن ذكرها لابن تيمية وأبرز الصفات التي كان يتمتع بها - أبرز المواقف والآراء التي شذ فيها عن علماء المسلمين وتمثل نقطة ضعف له - هل ظلم ابن تيمية من قبل الجماعات المتطرفة من خلال اجتزاء فتوى له أم هو كما يطلق عليه البعض "أباهم الذي علمهم الإرهاب".

فتاوي ابن تيمية

الدكتور أحمد البصيلى عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة بجامعة الأزهر الشريف، رد على بعض الأسئلة المثيرة للجدل في شخصية ابن تيمية قائلا:"ابن تيمية" كان له فتاوى انفرد بها في عصره، وكانت سببًا في تأليب الرأى العام ضده، سواء الرأي العام الشعبي أو العلمي، وأقل ما يقال عنه إنه شخصية "قلقة" بمعنى أنه خرق الإجماع الذي كان عليه علماء الأمة، لدرجة أننا نرى علماء كبار جدًا من أهل السنة والجماعة يشنعون عليه في هذه الانفرادات التي انفرد بها، مثل تحريم شد الرحال لزيارة المقام الأنور مقام سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم-.

حيث قال إن الزيارة بنية زيارة القبر المشرف بدعة، أو سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة، وهذا رأي شاذ لم "يسبق ولم يلحق" أي لم يقل به أحد من العلماء الذين سبقوا ابن تيمية، ولم يصرح به أي من العلماء حتى يومنا هذا، حتى الإمام ابن حجر يقول في شرح البخاري في كتاب "فتح الباري" ينقل عن ابن تيمية هذا الرأي وعلق عليه قائلا "هذا من أشنع وأبشع ما نقل إلينا عن ابن تيمية".

وأضاف:" كما أن لابن تيمية خروقات أخرى في مجال العقيدة منها التقسيم الثلاثي للتوحيد" وهو توحيد الألوهية، الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات"، ويسمى التقسيم الثلاثي "التيمي" نسبة له، فهذه "بدعة" ابتدعها "ابن تيمية" وهذا التقسيم لم يكن تقسيما اصطلاحيًا وإنما هو  تقسيم عملى بنى عليه أحكام عقدية.

هذا التقسيم قسم بناءً عليه الأمة، بل إنه جعل المشركين العرب في الجاهلية، أكثر ذكرًا لله من الصوفية الذين يزورون سيدنا الحسين، وهذه الخروقات العملية كانت سببًا في تأليب الرأي العام ضده، لدرجة أن العلماء المعاصرين له خالفوه وعارضوه عليها، وحكم عليه بالسجن لفترات كبيرة.

كما أن سيدنا حكم بن عطاء الله السكندري، حينما طلب للشهادة على ابن تيمية في مجلس القضاء غضب منه "ابن تيمية" وقال له أتشهد ضدى، فرد عليه ابن عطاء قائلا " أنت حبيب إلينا لكن الحق أحب إلينا منك".

سيولة علمية

وأوضح "البصيلى" أن ابن تيمية كانت لديه "سيولة علمية" بمعنى كثرة المعلومات غير المتقيدة بمنهجية علمية، والسبب في هذه السيولة، أنه لم يترب على يد أحد المشايخ، بخلاف جده الذي كان أحد أعمدة المذهب الحنبلي في وقته، فابن تيمية خالف العلماء بمن فيهم "أبوه وجده"، حيث كان شيخه "كتابه" وهناك قاعدة تقول "من كان شيخه كتابه كثر خطأه".

كما أنه قيل عنه "كان علمه أكبر من عقله" حيث كان يتمتع بذكاء كبير، وكان سريع الحفظ، قوي الذاكرة ، بحيث إنه إذا قرأ كتابًا حفظه عن ظهر قلب كما نحفظ القرآن، حيث كانت لديه حصيلة معلوماتية رهيبة لدرجة أن عقله لم يستوعب هذه المعلومات فانحرف أحيانًا.

وأضاف "البصيلي" أن ابن تيمية كان إمامًا وله مؤلفات كثيرة، لكنه ظلم أكثر من مريديه قبل أن يظلم من مخالفيه، قائلا" الجماعة من عند محمد بن عبدالوهاب فيما بعده " دسوا عليه أحيانًا واجتزأوا من فتاويه أحيانًا ظنًا منهم أنهم يخدمونه فظلم ابن تيمية بسببهم أكثر مما ظلم من المخالفين له، وليس سرا حينما أقول إن بعض العلماء في عصره وما بعده اختلفوا معه اختلافا شديدا جدًا وصل معهم إلى حد التكفير.

ونحن ضد هذا المنهج في النقد العلمي ، ونقول بكل صراحة إن "ابن تيمية" رحمه الله تعالى نعتقد أنه في فترة كان من أولياء الله الصالحين، وله محاسن جمة، وله مؤلفات رائعة جدًا لكن شذوذاته هي التي ألبت عليه المؤيد والمعارض لأنه خرق الإجماع أكثر من مرة".

الحنابلة

وكشف أن "الحنابلة" لا يعدون ابن تيمية من طبقات الحنابلة على الرغم من أن أباه وجده من أعمدة المذهب الحنبلي، لكن علماء الحنابلة لم يعدوه هو ولا ابن القيم من طبقات الحنابلة، وذلك لأنه كانت له خروقات ألبت عليه المؤالف والمخالف، لذلك استحق أن يطلق عليه شخصية "قلقة".

وطرح "البصيلى" تساؤلا مهمًا :"لماذا اعتمدت الوهابية على مذهب ابن تيمية لتأسيس مذهبها، على الرغم من أنه توفي سنة 728 هجرية، فهذا يدل على أن الوهابية كانوا لا يريدون الخير لهذه الأمة، لأنهم اعتمدوا في مذهبهم على شخصية "قلقة" كما اعتمدوا على المذهب "الحنبلي" اٌقل المذاهب الفقهية "انضباطًا". وكما قيل إنها كانت حركة سياسية لم ترد للأمة خيرًا.

ولفت عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر إلأى أن الأمة الإسلامية لم ترتح إلى ابن تيمية في تعامله مع النص الإلهي من منظوره لأنها طريقة خطيرة جدًا، فعلى سبيل المثال في كتابه الشهير "الفتاوى الكبرى" اعتاد على تكرار وهذا لم يؤثر عن صحابة رسول الله ولا عن التابعين ولاعن الإجماع وغيرهم، فهذا أمر خطير جدًا لأنه مغالطة على التراث وعلى التاريخ.

كما أن هناك تناقضات غريبة وعجيبة، بحيث إن الأمة كلها تجتمع على شيء ويخالف هو هذا الإجماع ويأتى بشيء آخر.

الوهابية

وأوضح أن الوهابية هي أكثر من ظلمت ابن تيمية كما أنها تعتبر "رحم" كل تطرف، حيث يولد منه كل تطرف، وابن تيمية بريء منهم تمامًا ولو كان موجودا على قيد الحياة الآن للعنهم لعنًا شديدًا.

وعن طريقة طرح الحديث عن "ابن تيمية" على وسائل التواصل مؤخرًا أكد "البصيلى" أن هذا الأمر ينم عن ثقافة وليس عن علم، والثقافة هنا تعنى مجموعة معلومات ، وكل واحد يدلى بدلوه، ويجب أن يعلم قبل أن يتعلم، وأنا دائما أقول إن المعلومة الحقيقية تضيع بين "العقول الهاوية والعقول الواهية".

علاقة ابن تيمية بالإرهاب

من جانبه قال الدكتور هاني نسيرة أستاذ الفلسفة والفكر العربي المعاصر: إن ابن تيمية كان طوال حياته محلا للتساؤل لكن في الآونة الأخيرة، بدأت الهجمة من بعض الذين لم يقرأوا شيئًا عنه أو عن أدبيات الجماعات الإرهابية، مشيرًا إلى أنه تخرج بين الحين والآخر حملات مختلفة للهجوم على الإسلام تارة أو على ابن تيمية أو على الأزهر نفسه في حالة من العشوائية التي تدل أيضًا على عشوائية في التفكير ذاته.

خاصة وأنهم أحيانًا يتهمون الأزهر بمنهجه الأشعري وأحيانًا أخرى يتهمون البخاري، فعشوائية الهجوم تلك دليل على عشوائية الفكرة وعدم الإلمام بأصل القضية ذاتها.

وكشف "نسيرة" أن رسالة الدكتوراه الخاصة به كانت عن "ابن تيمية" وعلاقته بالجماعات الإرهابية المتطرفة، ومن خلال قراءته لسيرة ابن تيمية وفتاويه وفتاوى الجماعات الإرهابية المتطرفة التي ينسبونها إليه ومن خلال استخدام أدوات التدقيق العملية تصل إلى أن الرجل أسيء فهمه واختلق عليه العديد من الأقاويل والفتاوى التي لم يقلها.

كما كان هناك تحيز شديد من بعض الذين يرغبون  في اتهامه وكنوع من التهرب من مسئولية الحصار وإلقائها على أي شيء من الماضي، موضحًا أن "ابن تيمية" ليس مقدسًا وفي ذات الوقت كان عقلًا جبارًا ومن أهم مفكري الإسلام في القرن الثامن الهجري، وكان صاحب رأي ومقالات جيدة وصاحب رؤى سبق بها زمانه.

الفتاوي المتشددة

وعن فكرة تشدده في بعض الفتاوى، أوضح "نسيرة" أن ذلك يرجع لكونه حنبليا وكان موجودا في فترة مملوءة بالصراعات الداخلية والخارجية، وهو ما خلق نوعا من الشدة في فتاويه، بالإضافة إلى أن فترته شهدت صحوة لبعض الطوائف مثل الباطنية وغيرها، وكان الرجل له موقف مغاير منها، وكان دائما يقول "لا تأخذوا شوارد كلامي بل ردوه إلى أصولها إلى قواعده الفقهية".

كما كان يقول "من يفعل كذا كافر" وفي ذات الوقت يقول "لا أكفر أحدًا من أهل السنة" مؤكدَا أن هناك فرقا بين التكفير المعين والتكفير في العموم، كما أن الرجل كان فيه براح ومساحة كبيرة من الأخذ والرد، فكان يهاجم الأشاعرة لكنه كان يثنى على علماء منهم، كان يهاجم الصوفية لكن في نفس الوقت كان يثنى على الإمام "الجيلاني" وابن عربي" وغيرهم".

وعن مسألة تعرضه وشذوذه في العقيدة وحديثه عن التقسيم الثلاثي لها، أكد "نسيرة" أن جميع العلماء الذين تكلموا في العقيدة كل منهم أدلى بدلوه فيها سواء من سبق ابن تيمية أو من جاءوا بعده، فمسائل مثل خلق القرآن وغيرها من مسائل العقيدة كانت محل نقاش كبير من العلماء على مدار عصور كثيرة، موضحًا أنه فيما يخص فتوى "التتار" أو "التترس" نقلت عن ابن تيمية خطًأ، مشددًا على أن الرجل لم يقل "بموت الحاكم في الدار المركبة" بل قال "إنها دار مركبة يعامل أهلها بما هم أهل له" ونقلت خطأ "يقاتل أهلها" فحدثت عملية خطأ في النقل هي التي أدت إلى لبس في الفهم.

ومما يدل على ذلك أن ابن تيمية كان جزءًا من الدولة المملوكية، وكان صديقا لـ"ناصر بن قلاوون" وكان يحمل حكم الأشاعرة والصوفية ولم يكفر أحدا ولم يغير منكرا بيده إلا في إطار شرعية الحاكم، بل إنه كان ضد معارضة الحاكم المسلحة، وهذا فارق مهم بينه وبين الجماعات الإرهابية التي تدعو إلى الخروج الآن ومواجهة الحكام.

كما أن الكثير خلط بين رأي فقهي كان يقوله ينقله الرجل عن جماعات أخرى فأخذ الكلام أن هذا هو رأي ابن تيمية وهو غير صحيح.

استغلال ابن تيمية

وتابع: "الجماعات الإرهابية استفادت من "ابن تيمية" عند تأسيسها لأدبياتها واستفادت منه أيضًا بعد ذلك عند مراجعات الفتاوى الخاطئة التي أخذوها عنه بالخطأ بعد ذلك، وفي النهاية هو كان دوره في المجتمع حينها أنه كان فقيهًا وعالمًا وما ينتج عنه هو عصارة أفكار قد يصيب في بعضها ويخطئ في الأخرى، فهو كان يضع معيارية فقهية.

أما الحديث عن أنه منبع للإرهاب فهذا كلام غير صحيح" وفسر "أستاذ الفكر العربي المعاصر" التعرض بالهجوم على ابن تيمية بين الحين والآخر بأنه نوع من "الاستسهال" لدى البعض وإلقاء الاتهامات على التاريخ ، خاصة وأن "ابن تيمية" هو رجل مقروء ومشهور له مؤلفات كثيرة، كما أنه كان صاحب لغة قوية أعجب بها الناس في زمنه.

ونجد أن هناك العديد من الكتاب الذين أنصفوه ومنهم الشاعر عبدالرحمن الشرقاوى، فرغم كونه شاعرا وأديبا إلا أنه كتب عنه كتابا أسماه " الفقيه المعذب" نظرًا لإعجابه بشخصيته، بجانب عدد من الكتاب الغربيين، نظرًا لحالة الزخم التي تركها الرجل في مؤلفاته وأطروحاته واللغة المميزة التي كان يستخدمها، مما يجعله مادة دسمة للطرح والنقاش وإثارة الجدل بين الحين والآخر.

ومما لا يعرفه الكثيرون أن السلفية الجهادية تخطئ ابن تيمية في العديد من المسائل، موضحًا أنه في حياة كل فقيه مراحل وفترات محيطة به فعل سبيل المثال أبو حامد "الغزالي قبل كتاب "المنقذ من الضلال" غير الغزالى بعده، وابن تيمية كذلك في حربه مع المغول غير ابن تيمية في فترة السلام وناصر بن قلاوون، فلابد من معرفة كيفية قراءة التراث بمراحله وفتراته المختلفة والتغيرات السياسية والاجتماعية التي يكون فيها، حتى نفهم طبيعة الكاتب وتحولاته.

وأكد "نسيرة" أننا أصبحنا نفتقد إلى أسلوب الحوار العلمى وأصبحت وسائل الإعلام هي من تشكل الوعي لدى الجمهور، ومن المغالطات التي تثار في هذا الشأن هو نقل كلام عن "الحاكمية" عن ابن تيمية مع أن هذا غير صحيح، لأن الرجل لم يتعرض لمسألة الحاكمية، والوحيد الذي تعرض لها هو "سيد قطب" فقط، لكن ابن تيمية لم يقل بأي شيء فيها.

بل على العكس فالرجل قبل حكم المماليك والمغول، وقبل أمرا في جميع المذاهب ولم يكن خارجًا على أحد، ولم يحمل سلاحًا على أحد، مؤكدًا أن الهجوم على "ابن تيمية" والبخاري والتراث الإسلامي بشكل عام يصب في مصلحة الجماعات الإرهابية في النهاية لأنهم يعتبرون ذلك هجوما على الإسلام.

 

نظرة إنصاف

من جانبه قال الدكتور محمد عبدالعاطي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: إنه قبل الحديث عن ابن تيمية يجب التأكيد على عدة أمور أهمها أننا لا نعرف الحق بالرجال، وإنما نعرف الحق فنعرف أهله.

ثانيًا أنه مهما كان علم العالم فإنه يخطئ ويصيب ويأتى منه الحق والباطل وخلاف الأولى إلا المعصوم –صلى الله عليه وسلم- وبناءً عليه فإنه لا قداسة لأحد بعد النبي- صلى الله عليه وسلم- مشيرًا إلى أن كل ما قاله وكتبه "ابن تيمية" فإنه يوضع في إطار الفكر الديني، ويجب أن نعلم أن الفكر شيء والدين شيء آخر تمًامًا.

فالدين نص مقدس كتاب الله وسنة نبيه وإجماع علماء، بينما الفكر الديني هو منتج إعمال العقل في فهم هذه النصوص، وهذا المنتج قد يصيب ويخطئ كما أنه يكون انعكاسا لصاحبه.

وأكد أن كل عالم يتحدث من خلال واقع زمنه وعصره ومن خلال المشكلات التي تعتبر تحديات في عصره، فلم يدع أحد أن "ابن تيمية" اخترق حاجز المستقبل، بل نقول إنه عالم من علماء الإسلام له وعليه كان يخدم الإسلام في عصره، ورغم ذلك فإن العلماء الذين عاصروه منهم من عادوه ومنهم من كفروه، مؤكدًا أن "ابن تيمية" ليس هو الإسلام، وإنما هو عالم من علماء الإسلام.

وتابع قائلا:" أما أصحاب الأجندات السياسية الذين يعلون أقدار أشخاص علو أقدار الأنبياء فهذا خلل منهم"، مشددًا على أن هناك طائفة مغرضة تريد أن تتخذ من "ابن تيمية" خنجرًا يضرب به ظهر الإسلام، قائلا:" يجب على من يتعرض لابن "تيمية" أن يكون متخصصا يجيد قراءة التراث وينبغى أن يكون هذا النقد موضوعيا يتميز بثلاثة أشياء "الموضوعية والعقلانية والتجرد".

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية