رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام الفضائح

فى قرار صائب بشأن ضبط الانفلات الأخلاقى والركض خلف ما يعرف بـ"التريند"، تلك الآفة التي ضربت بعض المواقع الإخبارية، ما جعلها تلجأ إلى نشر فرقعات مشينة تخوض فى الأعراض، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إحالة عدد من المواقع والصحف إلى تحقيقات عاجلة، نظرا لإسرافها في نشر مواد غير أخلاقية عبر صفحاتها، وأكد المجلس أن ذلك يسيء للمجتمع والأسرة المصرية، دون سند من القانون أو تحقيقات النيابة العامة.


دائما مع مطلع كل صباح، أطالع الأخبار والتقارير الصحفية المنشورة عالميا والخاصة بمصر، وكم يكون الألم والغصة، حين أجد مواقع وقنوات عربية وعالمية شهيرة، تتناول قضايا خلافات أسرية أو حوادث أخلاقية فردية، على أنها حالة عامة فى المجتمع المصرى، وبالتالى يعطى هذا التناول المضخم والمبالغ فيه، انطباعا بأن سيدات مصر وفتياتها العفيفات، أصبحن فى موضع جدل وشبهات، أعزهن الله ووقاهن شر ذلك.

فى سكن البنات

قضية شهيرة لزوجة وأم، دبت الخلافات بينها وبين زوجها مثلهم مثل أى أسرة فى هذا الكون الرحب، وبناء على اتهام من الزوج لها بعثوره على بعض المواد المشينة التى قال إنها منسوبة إليها، سارعت مواقع وصحف إلى وصم شرف السيدة والطعن فى عرضها وإطلاق مسميات "التريند" عليها وعلى مدينة إقامتها.

وانتشرت تلك المسميات، انتشار النار فى الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بل أصبحت جمل البحث عن الأفلام المزعومة المنسوبة لها عبر محركات البحث هى السائدة، دون انتظار لما تسفر عن تحقيقات النيابة العامة، الجهة الوحيدة صاحبة الفصل فى إقرار توجيه الاتهام ومدى حقيقته أم لا.

وفى نفس القضية، كشفت مصادر أمنية بالأمس أن التحريات التي أجراها ضباط البحث الجنائي، في بلاغ أحد الأشخاص، والذى يتهم زوجته، بارتكاب جريمة الزنا، وممارسة الفاحشة مع أكثر من رجل، أثبتت عدم صحة الاتهامات الموجهة للزوجة، ودلت التحريات أن الزوجة شهد لها جيرانها ومعارفها بحسن الخلق، كما أكدت مصادر أمنية، أن محامي الزوج قدم للنيابة العامة «فلاشة» تحتوي على مقطع فيديو (وحيد) وأكرر (وحيد)، لا يُظهر شخصاً بعينه، مشيرة إلى أن الزوج تقدم بهذا البلاغ لإجبار زوجته على التنازل عن حقوقها المالية، كما تبين وجود تخبط في روايات الزوج بشأن الواقعة.

الفرار من الرحمة!

وأقول للزملاء فى المواقع الاخبارية، خاصة مسئولى صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بها، وقفة مع النفس، وأسال نفسك قبل أن تبادر إلى النشر، هل فكرت وأنت تلوك فى سمعة إمراة بلا بينة ولا دليل قاطع لديك، أن لو كانت ابنتك أو شقيقتك أو والدتك فى محلها، وتطعنها خناجر القذف فى عرضها بلا رحمة.

هل فكرت أن ما تكتبه وتشيعه عن نساء بلدك، تتناوله بعض الأقلام الحاقدة على مصر والمصريين وينسج منه ضعاف النفوس فى الخارج والداخل وما أكثرهم، روايات وهمية، وأساطير لا تنطلي على عقل عن شرف المصريات، فيسبون أعراض المصريين كافة بلا استثناء، والجدال والسباب المتبادل فى تعليقات مواقع التواصل، خير شاهد ودليل على ذلك.

لنترك الأمر لجهات التحقيق الرسمية وحسب، لا نطلق أحكاما مسبقة بلا دليل، وحتى وإن ثبت الدليل، فلابد أن يكون التناول بموضوعية ومهنية تامة بحسابات الأخلاق والقيم، وليس بحسابات التخلي عن المروءة والنخوة والشرف.

الجريدة الرسمية