دروس من "أمير الصحافة" (3)
ويحكي محمد
التابعي عن قصة تعارفه بمصططفى النحاس.. أن الملك أحمد فؤاد كان قد أقال وزارة
الوفد في شهر يونية عام 1928، وتولى رئاسة الوزراء محمد محمود باشا، رئيس حزب
الأحرار الدستوريين، وهنا بدأت أشن حملة على محمد محمود باشا.. لأن أول قرار كان
أصدره بعد توليه رئاسة مجلس الوزراء كان القرار الخاص بتعطيل العمل بأحكام الدستور
لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. كما أنه استصدر
من الملك أحمد فؤاد مرسوما ملكيا بحل مجلس النواب، وأعلن أنه سوف يحكم مصر بيد من
حديد.. وأن الحكم لا ينبغي أن يكون للشعب أو من أسماهم بالغوغاء، وإنما يجب أن
يكون للعناصر الرشيدة وأبناء البيوتات.
وفي أحد أعداد "روز اليوسف"، نشرت لمحمد محمود صورة كاريكاتيرية، وفيها يرى القراء محمد محمود وهو يدوس بقدمه ورقة مكتوبا عليها "الدستور"، وإلى جانب هذه الورقة رسم لامرأة ملقاة على الأرض، بينما يداها وساقاها مكبلة بقيود من حديد، ومكتوب عليها "مصر"!، فأصدر محمود محمود باشا أمرا بمصادرة عدد مجلة "روز اليوسف".
دروس من "أمير الصحافة" (2)
ومرت بضعة أيام.. ووقف مصطفى النحاس باشا، وألقى في حشد كبير من الوفديين خطبة هاجم فيها محمد محمود.. وقال، بين ما قاله، إن رئيس الوزراء الجديد يصادر حرية الرأي وصحف الوفديين.. ويومئذ بدأت أتردد على النادي السعدي، وهناك قدمني مكرم عبيد إلى مصطفى النحاس.
وعن الملك فاروق بن أحمد فؤاد، أهدي هذه التفاصيل وأقدمها كحقائق دامغة تدحض دعاوى "تببيض وجه العهد الملكي، لا سيما أيام فاروق الأول، والأخير، ومحاولات إظهاره على أنه كان عهدا ذهبيا، كانت أثناءه مصر جنة الله في أرضه، وكان المصريون يتقلبون في النعيم المقيم"!
يقول التابعي: كنت هويت رياضة "السكي"، أي التزحلق، منذ كل عام 1936، وهناك كنت أسافر بطريق البحر إلى مرسيليا في شهر نوفمبر من كل عام.. ومن مرسيليا بالقطار إلى جنيف ومن جنيف إلى زيورخ.. ومن هذه إلى سان مويتز.. حيث كنت أمضي نحو شهرين. وبعد أن قامت الحرب العالمية الثانية وفي أول سبتمبر عام 1939، واستحال علي السفر إلى أوروبا، بدأت أسافر إلى لبنان.
وهكذا سافرت في يوم السبت 27 ديسمبر عام 1941 بطريق السكة الحديدية إلى القدس، من القاهرة إلى القنطرة.. ومن القنطرة بقطار فلسطين إلى حيفا إذ لم يكن هناك يومئذ شيء اسمه "إسرائيل". ومن حيفا عبر الحدود بين فلسطين ولبنان، ويسمونها "الناقورة".. بالسيارة إلى بيروت.. ومن بيروت بسيارة تاكسي إلى جبل الأرز الذي تكسوه الثلوج طوال السنة. وكنت أعود إلى القاهرة من نفس الطريق.. وقد عدت في 30 يناير عام 1942، وبعد انتهاء الحرب.. كنت أسافر في شهر نوفمبر من كل عام.. عامي 1946، و1947.
دروس من "أمير الصحافة" (1)
ثم انقطعت عن زيارة سان مويتز لأن صحتي لم تعد تحتمل الإقامة بها بسبب ارتفاعها عن سطح البحر بنحو 1700 متر. وتوفي الملك أحمد فؤاد في يوم 26 مارس عام 1936.. وكان ابنه وولي عهده يقيم يومئذ في دار استأجرها خصيصا له، وأسماها "كنزي هاوس" في ضاحية "كنجسون" القريبة من لندن. وكانت معه حاشيته وعلى رأسها المرحوم الفريق عزيز المصري باشا.. ويليه أحمد حسنين الذي رتبته القائمقام.. ومعهما كان يوجد أيضا الدكتور عباس الكفراوي، الطبيب الخاص لفاروق، وحسين حسني السكرتير الخاص لفاروق.
ورأى أحمد حسنين باشا أن يتعلم فاروق الرقص، فأحضر له سيدة إنجليزية لكي ترقص معه في قاعة جلوس القصر كل مساء بعد تناول العشاء.
وذات مساء.. سمع عزيز المصري باشا صوت دقات البيانو، فنزل من غرفته، وقال "شاخطا" في الأمير الشاب: "بدل ما تذاكر دروسك قاعد ترقص؟!.. اطلع يا ولد.. اطلع أوضتك نام"، ثم التفت إلى أحمد حسنين، موجها له تأنيبا وتقريعا شديدين! وأسرها حسنين في صدره.. وفي صباح اليوم التالي بعث حسنين بخطاب إلى الملك أحمد فؤاد، وقال فيه إن عزيز المصري باشا يسب ويسيء معاملة صاحب السمو الملكي الأمير فاروق.
وكان أحمد فؤاد يحب ابنه فاروق حبا شديدا، ومن ثم أمر باستدعاء عزيز المصري من لندن.
وعقب وفاة الملك أحمد فؤاد تشكل مجلس للوصاية على فاروق.. وكان المجلس مكونا من صاحب السمو الملكي الأمير محمد علي ولي العهد، ومحمد شريف صبري باشا خال فاروق، وعبد العزيز عزت باشا من أصهار الأسرة الملكية.
وفي أحد أعداد "روز اليوسف"، نشرت لمحمد محمود صورة كاريكاتيرية، وفيها يرى القراء محمد محمود وهو يدوس بقدمه ورقة مكتوبا عليها "الدستور"، وإلى جانب هذه الورقة رسم لامرأة ملقاة على الأرض، بينما يداها وساقاها مكبلة بقيود من حديد، ومكتوب عليها "مصر"!، فأصدر محمود محمود باشا أمرا بمصادرة عدد مجلة "روز اليوسف".
دروس من "أمير الصحافة" (2)
ومرت بضعة أيام.. ووقف مصطفى النحاس باشا، وألقى في حشد كبير من الوفديين خطبة هاجم فيها محمد محمود.. وقال، بين ما قاله، إن رئيس الوزراء الجديد يصادر حرية الرأي وصحف الوفديين.. ويومئذ بدأت أتردد على النادي السعدي، وهناك قدمني مكرم عبيد إلى مصطفى النحاس.
وعن الملك فاروق بن أحمد فؤاد، أهدي هذه التفاصيل وأقدمها كحقائق دامغة تدحض دعاوى "تببيض وجه العهد الملكي، لا سيما أيام فاروق الأول، والأخير، ومحاولات إظهاره على أنه كان عهدا ذهبيا، كانت أثناءه مصر جنة الله في أرضه، وكان المصريون يتقلبون في النعيم المقيم"!
يقول التابعي: كنت هويت رياضة "السكي"، أي التزحلق، منذ كل عام 1936، وهناك كنت أسافر بطريق البحر إلى مرسيليا في شهر نوفمبر من كل عام.. ومن مرسيليا بالقطار إلى جنيف ومن جنيف إلى زيورخ.. ومن هذه إلى سان مويتز.. حيث كنت أمضي نحو شهرين. وبعد أن قامت الحرب العالمية الثانية وفي أول سبتمبر عام 1939، واستحال علي السفر إلى أوروبا، بدأت أسافر إلى لبنان.
وهكذا سافرت في يوم السبت 27 ديسمبر عام 1941 بطريق السكة الحديدية إلى القدس، من القاهرة إلى القنطرة.. ومن القنطرة بقطار فلسطين إلى حيفا إذ لم يكن هناك يومئذ شيء اسمه "إسرائيل". ومن حيفا عبر الحدود بين فلسطين ولبنان، ويسمونها "الناقورة".. بالسيارة إلى بيروت.. ومن بيروت بسيارة تاكسي إلى جبل الأرز الذي تكسوه الثلوج طوال السنة. وكنت أعود إلى القاهرة من نفس الطريق.. وقد عدت في 30 يناير عام 1942، وبعد انتهاء الحرب.. كنت أسافر في شهر نوفمبر من كل عام.. عامي 1946، و1947.
دروس من "أمير الصحافة" (1)
ثم انقطعت عن زيارة سان مويتز لأن صحتي لم تعد تحتمل الإقامة بها بسبب ارتفاعها عن سطح البحر بنحو 1700 متر. وتوفي الملك أحمد فؤاد في يوم 26 مارس عام 1936.. وكان ابنه وولي عهده يقيم يومئذ في دار استأجرها خصيصا له، وأسماها "كنزي هاوس" في ضاحية "كنجسون" القريبة من لندن. وكانت معه حاشيته وعلى رأسها المرحوم الفريق عزيز المصري باشا.. ويليه أحمد حسنين الذي رتبته القائمقام.. ومعهما كان يوجد أيضا الدكتور عباس الكفراوي، الطبيب الخاص لفاروق، وحسين حسني السكرتير الخاص لفاروق.
ورأى أحمد حسنين باشا أن يتعلم فاروق الرقص، فأحضر له سيدة إنجليزية لكي ترقص معه في قاعة جلوس القصر كل مساء بعد تناول العشاء.
وذات مساء.. سمع عزيز المصري باشا صوت دقات البيانو، فنزل من غرفته، وقال "شاخطا" في الأمير الشاب: "بدل ما تذاكر دروسك قاعد ترقص؟!.. اطلع يا ولد.. اطلع أوضتك نام"، ثم التفت إلى أحمد حسنين، موجها له تأنيبا وتقريعا شديدين! وأسرها حسنين في صدره.. وفي صباح اليوم التالي بعث حسنين بخطاب إلى الملك أحمد فؤاد، وقال فيه إن عزيز المصري باشا يسب ويسيء معاملة صاحب السمو الملكي الأمير فاروق.
وكان أحمد فؤاد يحب ابنه فاروق حبا شديدا، ومن ثم أمر باستدعاء عزيز المصري من لندن.
وعقب وفاة الملك أحمد فؤاد تشكل مجلس للوصاية على فاروق.. وكان المجلس مكونا من صاحب السمو الملكي الأمير محمد علي ولي العهد، ومحمد شريف صبري باشا خال فاروق، وعبد العزيز عزت باشا من أصهار الأسرة الملكية.