حديد وصلب وصفيح
ربما نتعرض بسبب
ما سنقوله الآن إلى هجوم الضوارى من الناصرية. فمنذ الإعلان عن بيع مصنع الحديد
والصلب، تفشى وباء مذهبى شديد الشراسة، يسب ويشتم من جرؤ على البيع، ومن حطم
تابوها مقدسا من تابوهات الحقبة الاشتراكية، رغم أن السيدة اشتراكية نفسها فاضت
روحها، وترقد في سلام بمقابر الصدقة منذ عشرات السنين مع أبيها الشرعى الاتحاد
السوفيتي!
أنتمي إلى الجيل الذي كان مصنع الحديد والصلب بحلوان، ومصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، ومصنع الخشب الحبيبي بسندوب بالمنصورة وغيرها وغيرها، من أسباب فخره واعتزازه بكل تطوير وكل صناعة وطنية. وأيضا أنتمى إلى الجيل الذي كذبوا عليه بالظافر والقادر والقاهر وموعدنا قريب في تل أبيب.
وتقريبا، فإن معظم سنى حياتنا عشناها بلا هوية اقتصادية واضحة، إلا في سنوات توزيع الفقر بالعدل، بعدها كانت الاشتراكية مخلوطة بالرأسمالية، ومع عصر الرئيس الراحل مبارك، وفي السنوات العشر الأخيرة من حكمه، توحشت الرأسمالية، نفوذا ومناصب ووجاهة اجتماعية.. فدخل رجال أعمال أمانة السياسات ودخلوا الحكومة، وملأوا الحزب الوطنى. ورجال الأعمال هؤلاء منهم من واصل بقدرته البارعة وتواصل مع الحكم الحالى.. لكن ليس منهم في الحكومة بعد.
يناير الأمريكي ومعركة الكونجرس
قرار الحكومة المصرية بيع مصنع خسران وفاشل، هو قرار معناه وقف نزيف المال، ووقف الفشل، واعتبار التجربة رهن عصرها، وأن التحديث والتجديد لم يحققا الأرباح المطلوبة، وفي بيان لوزارة قطاع الأعمال توضيح قاطع بالأرقام: بلغت الخسائر ٨٫٥ مليار جنيه. الحالة المتدنية للمعدات أدت إلى انخفاض كميات الإنتاج. المصنع طاقته الإنتاجية في الأصل ١٫٢مليون طن صلب، لم ينتج منها في العام الماضي ٢٠٢٠ سوى ١٠%.
تكلفة إنتاج الطن في القطاعات الثقيلة ٣٤٫٨ ألف جنيه.. متوسط سعر بيع الطن تسعة آلاف جنيه! بالنسبة للصاج البارد تكلفة الطن ٣٤٫٧ ألف جنيه.. بيع ب ١١ ألف جنيه.. الفرق بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع ينطبق علي كل منتجات الشركة.
هذا باختصار ما دفعت به وزارة قطاع الأعمال من أرقام لتبين أن الاستمرار في ضخ دم داخل جسم ميت هو حماقة وجريمة! وحتى في عهد الرئيس مبارك وما بعد ٢٠١١، جرت محاولة إنقاذ الشركة.. تم ضخ ٩٫٣مليار جنيه من عام ٢٠٠٥ إلي عام ٢٠١٦، لإصلاح الهيكل التمويلي للشركة.. وتحملها الشعب عبثا.
بل عجزت الشركة عن توفير المرتبات لأكثر من سبعة آلاف عامل ومهندس وإداري، وسددت القابضة ٤١٧ مليون جنيه لمرتبات ومنح للعاملين.. منح ومصنع خسران!.
محنة ترامب!
من المفهوم عاطفيا الارتباط بين الموجودات، أصولا وجمادات.. وبين البشر. والحق أن الارتباط العاطفي والوجداني الوطني بين إنجازات الحقبة الناصرية في سنوات الاشتراكية من مصانع وتأميمات.. وبين جيلنا لا يمكن تجاهله.. ورغم أن كثيرين لايزالون يفضلون مشاركة الرئيس الراحل عبد الناصر مقبرته، من قبيل الامتنان والعرفان والتمجيد.. إلا أن الستينيات ماتت تماما بالهزيمة العسكرية للفكرة الناصرية.
العالم تغير.. السوفيت تحللوا دولا وقوميات.. العراك المستعر في أمريكا حاليا هو في حقيقته أن الرأسمالية تطارد اليسار الراديكالي وتراه مقبرة العظمة الأمريكية.. ترامب والقوميون البيض وغلاة الرأسمالية يرون في بايدن الفساد والتنطع وزيادة اعتماد الناس على الدولة.. طريق مضت فيه الشعوب السوفيتية.. حتى سقطت الإمبراطورية.
هذا مصنع خسران ويخسر.. نحزن لبيعه نعم. نجدده؟ تم إنفاق مليارات، ولم يتطور. بناء مصنع أحدث هو الحل تبنيه الدولة. يبنيه القطاع الخاص. المهم ألا نضخ دم الحى في جثة المرحوم.
أنتمي إلى الجيل الذي كان مصنع الحديد والصلب بحلوان، ومصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، ومصنع الخشب الحبيبي بسندوب بالمنصورة وغيرها وغيرها، من أسباب فخره واعتزازه بكل تطوير وكل صناعة وطنية. وأيضا أنتمى إلى الجيل الذي كذبوا عليه بالظافر والقادر والقاهر وموعدنا قريب في تل أبيب.
وتقريبا، فإن معظم سنى حياتنا عشناها بلا هوية اقتصادية واضحة، إلا في سنوات توزيع الفقر بالعدل، بعدها كانت الاشتراكية مخلوطة بالرأسمالية، ومع عصر الرئيس الراحل مبارك، وفي السنوات العشر الأخيرة من حكمه، توحشت الرأسمالية، نفوذا ومناصب ووجاهة اجتماعية.. فدخل رجال أعمال أمانة السياسات ودخلوا الحكومة، وملأوا الحزب الوطنى. ورجال الأعمال هؤلاء منهم من واصل بقدرته البارعة وتواصل مع الحكم الحالى.. لكن ليس منهم في الحكومة بعد.
يناير الأمريكي ومعركة الكونجرس
قرار الحكومة المصرية بيع مصنع خسران وفاشل، هو قرار معناه وقف نزيف المال، ووقف الفشل، واعتبار التجربة رهن عصرها، وأن التحديث والتجديد لم يحققا الأرباح المطلوبة، وفي بيان لوزارة قطاع الأعمال توضيح قاطع بالأرقام: بلغت الخسائر ٨٫٥ مليار جنيه. الحالة المتدنية للمعدات أدت إلى انخفاض كميات الإنتاج. المصنع طاقته الإنتاجية في الأصل ١٫٢مليون طن صلب، لم ينتج منها في العام الماضي ٢٠٢٠ سوى ١٠%.
تكلفة إنتاج الطن في القطاعات الثقيلة ٣٤٫٨ ألف جنيه.. متوسط سعر بيع الطن تسعة آلاف جنيه! بالنسبة للصاج البارد تكلفة الطن ٣٤٫٧ ألف جنيه.. بيع ب ١١ ألف جنيه.. الفرق بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع ينطبق علي كل منتجات الشركة.
هذا باختصار ما دفعت به وزارة قطاع الأعمال من أرقام لتبين أن الاستمرار في ضخ دم داخل جسم ميت هو حماقة وجريمة! وحتى في عهد الرئيس مبارك وما بعد ٢٠١١، جرت محاولة إنقاذ الشركة.. تم ضخ ٩٫٣مليار جنيه من عام ٢٠٠٥ إلي عام ٢٠١٦، لإصلاح الهيكل التمويلي للشركة.. وتحملها الشعب عبثا.
بل عجزت الشركة عن توفير المرتبات لأكثر من سبعة آلاف عامل ومهندس وإداري، وسددت القابضة ٤١٧ مليون جنيه لمرتبات ومنح للعاملين.. منح ومصنع خسران!.
محنة ترامب!
من المفهوم عاطفيا الارتباط بين الموجودات، أصولا وجمادات.. وبين البشر. والحق أن الارتباط العاطفي والوجداني الوطني بين إنجازات الحقبة الناصرية في سنوات الاشتراكية من مصانع وتأميمات.. وبين جيلنا لا يمكن تجاهله.. ورغم أن كثيرين لايزالون يفضلون مشاركة الرئيس الراحل عبد الناصر مقبرته، من قبيل الامتنان والعرفان والتمجيد.. إلا أن الستينيات ماتت تماما بالهزيمة العسكرية للفكرة الناصرية.
العالم تغير.. السوفيت تحللوا دولا وقوميات.. العراك المستعر في أمريكا حاليا هو في حقيقته أن الرأسمالية تطارد اليسار الراديكالي وتراه مقبرة العظمة الأمريكية.. ترامب والقوميون البيض وغلاة الرأسمالية يرون في بايدن الفساد والتنطع وزيادة اعتماد الناس على الدولة.. طريق مضت فيه الشعوب السوفيتية.. حتى سقطت الإمبراطورية.
هذا مصنع خسران ويخسر.. نحزن لبيعه نعم. نجدده؟ تم إنفاق مليارات، ولم يتطور. بناء مصنع أحدث هو الحل تبنيه الدولة. يبنيه القطاع الخاص. المهم ألا نضخ دم الحى في جثة المرحوم.