رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

يناير الأمريكي ومعركة الكونجرس

لن نتنازل. لن نتخلي. لن نقر بالهزيمة. سأتنازل. سأنقل السلطة سلميا يوم العشرين من يناير. لكن الانتخابات مزورة.. المتحدث والفاعل هو من صار يطلق عليه الآن في الإعلام الأمريكي وعلى ألسنة السياسيين الذين أفزعهم ما جري في معركة الكونجرس، المتمرد دونالد ترامب .


لم تكن المشاهد المخزية والاشتباكات العنيفة وطلقات الرصاص التى دوت في قاعات وردهات مبنى الكابيتول الذي يضم المجلس التشريعي بغرفتيه، الشيوخ والنواب، أمرا خارج حسابات وتوقعات المراقبين. فقبل خمسة عشر يوما أعلن ترامب عن حدوث شيء كبير سيراه العالم قريبا.

وبعدها دعا مؤيديه إلى الاحتشاد يوم أمس السادس من يناير، وخطب فيهم خطابا ألهم مشاعرهم، وحركهم نحو اختراق الحواجز الأمنية واقتحام الكونجرس في سابقة غير معهودة منذ القرن التاسع عشر.

تغير المشهد.. ولكن!

وعلى طريقته في الاقتحام ثم الانسحاب، عاد ترامب ليطلب من أنصاره العودة إلى البيوت.. وقال إنه يحبهم ويشعر بالآلامهم. أخذ عليه الإعلام أنه لم يوجه إدانة لأفعالهم. أطلقت الواشنطون بوست والنيويورك تايمز علي حشود ترامب وصف الرعاع والأوباش. وسمتهم ال CNN الغوغاء.

صدم العالم كله شرقا وغربا مما يحدث في أروقة دولة هي الأكبر والأعظم قوة، عسكريا واقتصاديا، وطالما تباهت بديمقراطيتها. سوف تترتب علي معركة الكونجرس عواقب ومضاعفات خطيرة علي المستوى الداخلي والخارجي. داخليا يتساءلون عن إمكانية عزل ترامب بتفعيل المادة ٢٥من الدستور وأن يقوم بهذا الإجراء نائبه بنس الذي رفض بعقلانية الانصياع إلى طلب، بل توسل، ترامب أن يرفض بنس المصادقة علي أصوات المجمع الانتخابي.. لقلب النتيجة والاستمرار في الحكم لأربعة أعوام أخرى.. حلم ترامب.

داخليا أيضا يتحدثون طيلة ليلة أمس وسيواصلون ذلك لأيام عن محاكمة ترامب فيدراليا.. بوصفه المحرض علي انقلاب ضد الديمقراطية الأمريكية. هو حرك الشارع الأمريكي من القوميين البيض والعنصريين والشعبويين وجماعات PROUD BOYS، وعصابات منفلتة استغلت الوضع الفوضوى.. بإصراره على تكرار كلمة الشرعية.. أعاد إلى أذهان المصريين لفظة الشرعية التى كررها الجاسوس الراحل محمد مرسي عشرات المرات.

خارجيا، اهتزت بشدة صورة ومكانة الولايات المتحدة، ولن يعود بوسعها انتقاد غيرها أو توجيه مساءلات لدول أخرى عن العمليات الانتخابية. باتت انتخابات أمريكا ملوثة ومشوهة وفي غير موضع الثقة. دول في العالم المتخلف سترى في ذلك قدوة للقمع والتزوير. لن تكون واشنطن قادرة بعد معركة الكونجرس على معايرة ومساءلة موسكو والرئيس بوتين أو الصين أو كوريا الشمالية أو أي دولة في منطقتنا .

مليونيات واشنطن!

ومن الملاحظ أن جماعات حقوق الإنسان لم تنطق بعد بحرف واحد عن مقتل أربعة اشخاص في اشتباكات المتظاهرين، من بينهم سيدة تلقت رصاصة في صدرها ونازعت الموت حتى انتزع روحها في الطريق إلى المستشفى.

شيء من الشماتة ظهر في الشرق الأوسط، في إيران طبعا، وفي دول الربيع العبرى، التى اجتاحتها الفوضى، وانتظر المصريون ليلة أمس ظهور قطعان الجمال. تقتحم ميدان الحرية، اسمه فعلا ميدان الحرية، الواقع ما بين البيت الابيض ومقر الكونجرس في مبنى الكابيتول.
باتت نارا وأصبحت رمادا، وعاد الكونجرس إلى إقرار فوز بايدن والمصادقة عليه. ولم ينم ترامب قبل أن يقر بدوره أن بايدن رئيس أمريكا من يوم عشرين يناير الحالي، وأنه سيسلمه السلطة، وبعدها يبدأ الكفاح !!

التشبث بالسلطة يورث الجنون.. والجريمة. الآن تخلى عن ترامب كل سياسييه ورجاله.. وهو واقف وحيدا.. في البيت الأبيض.. تحاصره نظرات كارهة أو آسفة مستنكرة ما فعله. ماجرى في قلعة الديمقراطية.. هو تمرد يصل إلى الخيانة في أدبيات الجرائم السياسية الأمريكية.. ولذلك نلاحظ كثيرا جدا استعمال السياسيين والإعلاميين INSURRECTION التمرد..
حسنا.. سيسلم ترامب السلطة صاغرا كارها.. وسيبدأ رحلة المقاومة والكفاح.. والعرض مستمر!
Advertisements
الجريدة الرسمية