حصاد اقتصاد مصر في عام 2020
بداية أتقدم لحضراتكم بالتهنئة القلبية بالعام الجديد،
وأدعو الله أن يكون عام سعادة ورخاء وصحة لكل المصريين وللعالم كله، وأخص بالتهنئة
أشقائنا المسيحيين بعيد الميلاد المجيد. ونستطيع أن نلحظ بوضوح ومن خلال بعض المؤشرات
الاقتصادية العالمية متانة الإقتصاد المصري في عام كورونا، وصموده بقوة جعلته يحتل
المركز الثاني عالميا في معدل النمو على مستوى العالم 2020 بنسبة نمو بلغت 3.6 بالمئة،
متجاوزا بذلك توقعات صندوق النقد الدولي.
ونحن هنا لسنا في معرض تقييم تجربة صندوق النقد الدولي وأثرها السلبي على الإنسان المصري البسيط، فقد أفردنا لذلك مقالات مختلفة بما يؤكد أن متانة الاقتصاد قد تأتي أحيانا على حساب حالة المواطن الفقير، وزيادة معدل ذلك الفقر، فبالقطع هناك فارق بين حالة الاقتصاد ككل وكيفية قياسها، وحالة عودة ذلك الاقتصاد على المواطن البسيط، ولسنا الآن لسنا في معرض ذلك الأمر وإنما نستعرض فقط مؤشرات نجاح الاقتصاد المصري في عام كورونا وأسباب ذلك.
البطاطس تحنو على الفقراء وترفق بهم
وبالقطع ترجع تلك المتانة في عام كورونا إلى اتباع الحكومة "خطة الإصلاح الاقتصادي" القاسية التي تعنى برفع جميع أسعار الخدمات وإزالة أي دعم من الحكومة للفقراء، مع رفع أسعار كل المرافق من طاقة ومياه الخ، ويذكر البعض أن الحكومة في ذلك وازنت بين الإجراءات الاقتصادية الصعبة والبرامج الحمائية، وهذا أمر غير صحيح أو غير دقيق فالحكومة لم تبالي مطلقا بحماية الفقير بقدر مبالتها برفع الدعم وجلب الأموال من جيوب الناس بحجة تقديم الخدمات أو تحسين جودة الخدمات..
مثلما حدث في رفع أسعار المترو أو إدخال خطوط جديدة للمترو أو تحسين وميكنة بعض خدمات الوزارات المختلفة، وبالتالي تجد أن جلب المال من الناس هو الحل الأمثل للتنمية الحكومية دون النظر لمستوى الفقر وحالة الناس، أو التفكير في تنمية حقيقة من خلال التوسع في إنشاء المصانع أو الرقعة الزراعية .
ورغم تداعيات فيروس كورونا على مستوى العالم أجمع، تصدرت مصر دول الأسواق الناشئة في احتواء معدل التضخم خلال العام الجاري، طبقا للبيانات الصادرة عن مجلس الوزراء المصري. ووفق صندوق النقد الدولي، الذي كان في قمة سعادته عندما لجأت مصر له لتمويلها وأسلمها له قيادها الاقتصادي يفعل بها ما يشاء، وبالتالي دائما ما يعبر عن سعادته بما حققه هو في مصر، فيذكر أن مصر "حققت أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم بالأسواق الناشئة في 2020، مقارنة بعام 2019، بتراجع بلغ 8.2 نقطة مئوية".
ومن بين آثار خطة الإصلاح الاقتصادي، تراجع معدلات التضخم إلى 5.7 بالمئة خلال العام الماضي 2019-2020 مقارنة بـ 13.9 بالمئة في عام 2018-2019. كما عكست مؤشرات البطالة صمود وتطور الاقتصاد المصري على نحو واسع، فوفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر مؤخرا، فإن معدل البطالة "تراجع إلى 7.3 بالمئة في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بـ7.8 بالمئة قبل عام" وهذا أمر نشك في حدوثه. وارتفع الاحتياطي النقدي لمصر إلى 39.22 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر الماضي، بحسب بيانات البنك المركز المصري.
معاناة نور عنينا
وتعكس هذه المؤشرات صلابة الاقتصاد المصري - طبعا من وجهة نظر الصندوق الذي يحرك الاقتصاد المصري كيفما شاء – حيث الإعلان الرسمي من خبراء صندوق النقد الدولي، الذي قال إن أداء الاقتصاد المصري "فاق التوقعات". ويعيد بعض الاقتصاديين السر في ذلك إلى "التنوع" الذي هو أحد أسرار صلابة الاقتصاد المصري خلال أزمة كورونا، وتجاوزه توقعات صندوق النقد الدولي. فتنوع مصادر الناتج القومي مكّن من المحافظة على نسب النمو التي نتحدث عنها الآن، على عكس الوضع عندما كان هناك اعتماد على مصدر واحد أو مصدرين.
فمصر التي خرجت من أحداث سياسية متعاقبة في 2011 و2013، كانت تعاني من تداعيات تلك التطورات، مما انعكس سلبا على المؤشرات الاقتصادية كافة، كتراجع الاحتياطي النقدي وارتفاع نسب البطالة والتضخم وغير ذلك، حتى هبوط تصنيف مصر الائتماني لأكثر من مرة. ولو تم الاستمرار على نفس المنوال لم نكن لنستطيع تحقيق ما تم تحقيقه الآن.
وفي عام 2016 لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي؛ من أجل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي، تحصل القاهرة بموجبه على 12 مليار دولار على دفعات، مع مجموعة من الإصلاحات الهيكيلة للموازنة العامة وإجراءات أخرى، صاحب ذلك مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية بجانب برنامج الصندوق.
وفي نهاية 2019، كان المتوقع وصول نسبة النمو إلى 6 بالمئة، وحققت مصر نموا نسبته 5.6 بالمئة. ثم في بداية مارس 2020 بدأت ملامح الأزمة الصحية العالمية المرتبطة بفيروس كورونا، وكانت الاحتياطات في مصر في زيادة، ومعدل النمو يسير "على الطريق الصحيح". ولا نستطيع أن نقول إن الأزمة لم تؤثر على مصر، فهي أثرت بشكل أو بآخر، لكن نتيجة البرامج التي نفذتها الحكومة والإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ عام 2016 - على يد صندوق النقد الدولي الذي هو الذي يشيد بذلك الاقتصاد - نجحت الدولة المصرية في امتصاص تداعيات كورونا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان القطاع الصناعي إلى حد كبير به نسبة معقولة من المكون المحلي، الذي نجح معظمه في أن يصمد في مواجهة الأزمة.
ويضيف مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق، الدكتور فخري الفقي، إلى تلك العوامل عامل "الاستقرار الأمني والسياسي" كشرط مسبق لنجاح أي إصلاح اقتصادي. وكانت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، قد أعلنت مؤخرا أن "الحكومة المصرية رفعت توقعاتها لنمو الاقتصاد إلى 3.8 بالمئة، خلال العام الجاري". كما أن الجنيه المصري بدأ يسترد عافيته أمام الدولار الأميركي، لا سيما مع الاستثمارات التي ضختها صناديق الاستثمار الأجنبية التي دخلت مصر بـ 10.35 مليار دولار، لشراء أذونات وسندات الخزانة، نظرا للعائد المجزي. وكل تلك المؤشرات، هي مؤشرات جيدة في ظل جائحة فيروس كورونا.
ونحن هنا لسنا في معرض تقييم تجربة صندوق النقد الدولي وأثرها السلبي على الإنسان المصري البسيط، فقد أفردنا لذلك مقالات مختلفة بما يؤكد أن متانة الاقتصاد قد تأتي أحيانا على حساب حالة المواطن الفقير، وزيادة معدل ذلك الفقر، فبالقطع هناك فارق بين حالة الاقتصاد ككل وكيفية قياسها، وحالة عودة ذلك الاقتصاد على المواطن البسيط، ولسنا الآن لسنا في معرض ذلك الأمر وإنما نستعرض فقط مؤشرات نجاح الاقتصاد المصري في عام كورونا وأسباب ذلك.
البطاطس تحنو على الفقراء وترفق بهم
وبالقطع ترجع تلك المتانة في عام كورونا إلى اتباع الحكومة "خطة الإصلاح الاقتصادي" القاسية التي تعنى برفع جميع أسعار الخدمات وإزالة أي دعم من الحكومة للفقراء، مع رفع أسعار كل المرافق من طاقة ومياه الخ، ويذكر البعض أن الحكومة في ذلك وازنت بين الإجراءات الاقتصادية الصعبة والبرامج الحمائية، وهذا أمر غير صحيح أو غير دقيق فالحكومة لم تبالي مطلقا بحماية الفقير بقدر مبالتها برفع الدعم وجلب الأموال من جيوب الناس بحجة تقديم الخدمات أو تحسين جودة الخدمات..
مثلما حدث في رفع أسعار المترو أو إدخال خطوط جديدة للمترو أو تحسين وميكنة بعض خدمات الوزارات المختلفة، وبالتالي تجد أن جلب المال من الناس هو الحل الأمثل للتنمية الحكومية دون النظر لمستوى الفقر وحالة الناس، أو التفكير في تنمية حقيقة من خلال التوسع في إنشاء المصانع أو الرقعة الزراعية .
ورغم تداعيات فيروس كورونا على مستوى العالم أجمع، تصدرت مصر دول الأسواق الناشئة في احتواء معدل التضخم خلال العام الجاري، طبقا للبيانات الصادرة عن مجلس الوزراء المصري. ووفق صندوق النقد الدولي، الذي كان في قمة سعادته عندما لجأت مصر له لتمويلها وأسلمها له قيادها الاقتصادي يفعل بها ما يشاء، وبالتالي دائما ما يعبر عن سعادته بما حققه هو في مصر، فيذكر أن مصر "حققت أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم بالأسواق الناشئة في 2020، مقارنة بعام 2019، بتراجع بلغ 8.2 نقطة مئوية".
ومن بين آثار خطة الإصلاح الاقتصادي، تراجع معدلات التضخم إلى 5.7 بالمئة خلال العام الماضي 2019-2020 مقارنة بـ 13.9 بالمئة في عام 2018-2019. كما عكست مؤشرات البطالة صمود وتطور الاقتصاد المصري على نحو واسع، فوفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر مؤخرا، فإن معدل البطالة "تراجع إلى 7.3 بالمئة في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بـ7.8 بالمئة قبل عام" وهذا أمر نشك في حدوثه. وارتفع الاحتياطي النقدي لمصر إلى 39.22 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر الماضي، بحسب بيانات البنك المركز المصري.
معاناة نور عنينا
وتعكس هذه المؤشرات صلابة الاقتصاد المصري - طبعا من وجهة نظر الصندوق الذي يحرك الاقتصاد المصري كيفما شاء – حيث الإعلان الرسمي من خبراء صندوق النقد الدولي، الذي قال إن أداء الاقتصاد المصري "فاق التوقعات". ويعيد بعض الاقتصاديين السر في ذلك إلى "التنوع" الذي هو أحد أسرار صلابة الاقتصاد المصري خلال أزمة كورونا، وتجاوزه توقعات صندوق النقد الدولي. فتنوع مصادر الناتج القومي مكّن من المحافظة على نسب النمو التي نتحدث عنها الآن، على عكس الوضع عندما كان هناك اعتماد على مصدر واحد أو مصدرين.
فمصر التي خرجت من أحداث سياسية متعاقبة في 2011 و2013، كانت تعاني من تداعيات تلك التطورات، مما انعكس سلبا على المؤشرات الاقتصادية كافة، كتراجع الاحتياطي النقدي وارتفاع نسب البطالة والتضخم وغير ذلك، حتى هبوط تصنيف مصر الائتماني لأكثر من مرة. ولو تم الاستمرار على نفس المنوال لم نكن لنستطيع تحقيق ما تم تحقيقه الآن.
وفي عام 2016 لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي؛ من أجل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي، تحصل القاهرة بموجبه على 12 مليار دولار على دفعات، مع مجموعة من الإصلاحات الهيكيلة للموازنة العامة وإجراءات أخرى، صاحب ذلك مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية بجانب برنامج الصندوق.
وفي نهاية 2019، كان المتوقع وصول نسبة النمو إلى 6 بالمئة، وحققت مصر نموا نسبته 5.6 بالمئة. ثم في بداية مارس 2020 بدأت ملامح الأزمة الصحية العالمية المرتبطة بفيروس كورونا، وكانت الاحتياطات في مصر في زيادة، ومعدل النمو يسير "على الطريق الصحيح". ولا نستطيع أن نقول إن الأزمة لم تؤثر على مصر، فهي أثرت بشكل أو بآخر، لكن نتيجة البرامج التي نفذتها الحكومة والإصلاح الاقتصادي الذي بدأ منذ عام 2016 - على يد صندوق النقد الدولي الذي هو الذي يشيد بذلك الاقتصاد - نجحت الدولة المصرية في امتصاص تداعيات كورونا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان القطاع الصناعي إلى حد كبير به نسبة معقولة من المكون المحلي، الذي نجح معظمه في أن يصمد في مواجهة الأزمة.
ويضيف مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق، الدكتور فخري الفقي، إلى تلك العوامل عامل "الاستقرار الأمني والسياسي" كشرط مسبق لنجاح أي إصلاح اقتصادي. وكانت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، قد أعلنت مؤخرا أن "الحكومة المصرية رفعت توقعاتها لنمو الاقتصاد إلى 3.8 بالمئة، خلال العام الجاري". كما أن الجنيه المصري بدأ يسترد عافيته أمام الدولار الأميركي، لا سيما مع الاستثمارات التي ضختها صناديق الاستثمار الأجنبية التي دخلت مصر بـ 10.35 مليار دولار، لشراء أذونات وسندات الخزانة، نظرا للعائد المجزي. وكل تلك المؤشرات، هي مؤشرات جيدة في ظل جائحة فيروس كورونا.