المصلحة تحكم
أن تتزوج ليلى الطرابلسي،
زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، فهذا شأنها، فقد رحل بعلها، ومن
حقها أن تتزوج، وتبحث عن "ضل راجل"، ولكن أن تكون زوجة رابعة لأمير سعودي، إن صحَّتْ الرواية المتداولة بشأن هذا الزواج، فهنا لا بد من وقفة للتذكرة ليس إلا!
ليلى الطرابلسى.. كانت تقود نساء تونس فى زمن زوجها لرفض تعدد الزوجات وتجريمه، بغض النظر إن كان من المباحات الشرعية من عدمه، ولكن عندما انقلبت حياتها رأسًا على عقب، ولم تعد سيدة أولى، ولم تعد صاحبة الحل والربط، لم تمانع من أن تكون زوجة رابعة لأحد الأمراء العرب!
لم يكن المبدأ هو الحاكم عند ليلى الطرابلسي، ولكنها كانت المصلحة، ولا شيء غيرها، وعندما انتفت المصلحة، تخلت عما كانت تتمسك به وتروج له وتدافع عنه، وفعلت نقيضه بالكامل، "الطرابلسى" ليست بدعًا من أهل السياسة، ممن يتحولون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أو العكس، حسبما تقتضي المصلحة، فالغاية -عندهم كما عند غيرهم- تبرر الوسيلة، فما أكثر التحولات فى المشهد السياسي المصري، وما أكثر الأحزاب السياسية التى كانت يومًا أقصى اليمين، فأصبحت اليوم أقصى اليسار، والتى كانت أقصى اليسار، فغدت اليوم أقصى اليمين.
المحافظ العاجز
ومن السياسة إلى الدين، تتحكم المصلحة فى قناعات المشتغلين بالدين ومَن يتكسبون منه، وأبرزهم على الإطلاق: الدعاة الجدد الذين بدأوا يُفرّطون فيما كانوا يتمسكون به، خوفًا من أن يتواروا عن الأضواء، أو تتوارى عنهم الأضواء، أو يفقدوا مصادر الاسترزاق.
أحد هؤلاء الدعاة، تراجع –فجأة- عن رأيه فى "فرضية الحجاب"، واعتذر عن "فيديو" عمره 12 عامًا، تحدث خلاله عن أشكال وصور الحجاب، ومواصفات الحجاب الشرعى الذى لا يجب أن تتخلى المرأة المسلمة عنه، ولكن هذا الداعية الهمام لم يكشف لمتابعيه عن سر هذا التراجع المخزي الذي يتلخص فى أنه تم منعه مؤخرًا من إلقاء محاضرات بالمجلس القومي للمرأة؛ على خلفية "حملة تنويرية تترية"، فآثر أن ينحني للعاصفة، ويتراجع عن موقفه القديم، ويقدم "فيديو" اعتذاريًا؛ حتى يبقى في المشهد، ولا يتم الإطاحة به، ويفقد مكتسباته المادية والمعنوية.
هذا الداعية لا يغرد منفردا فى الانقلاب على مبادئه وأفكاره وقناعاته، ولكن يحذو حذوه شيوخ كثيرون؛ لدوافع سياسية ومالية، حتى لا يخسروا سيف المعز وذهبه، وحتى لا تخفت الأضواء عنهم، مُضحِّين بالثقة التى كان أتباعهم يضعونها فيهم، وما يُخلف ذلك من تبعات جسيمة.
هوامش برلمانية
المشتغلون بما يسمى "التنوير"، يدورون أيضًا حول المصلحة الشخصية، لا تشغلهم قيم الحرية والفضيلة وغيرهما؛ ففى الوقت الذى يدافعون فيه عن تجاوزات أصدقائهم وصديقاتهم فى الخروج عن النص فى أمور أخلاقية كثيرة، نراهم يحتشدون لـ"التقطيع" والتطاول على رجل دين متعدد الزواج. قد تختلف مع هذا الشيخ الذى يدعو الناس إلى الزهد وغض البصر؛ انتظارًا لـ"حور الجنة"، فى الوقت الذى لا يتوقف فيه عن إشباع ملذاته رغم تجاوزه الستين من العمر، ولكن بميزان الحلال والحرام، الرجل لا يقترف إثمًا كبيرًا حتى يتناوب "ذباب التنوير" و"غربان العلمانية" للتطاول عليه، فى الوقت الذين يرون فى العلاقات المفتوحة حرية شخصية، لا ينبغى المساس بها من قريب أو من بعيد.
نحن نعيش فى مجتمع لا تحكمه ضوابط ولا قيم ولا ثوابت، القدوة الحسنة فيه ضائعة لا وجود لها، وكل ما يحكم نخبته السياسية والدينية والثقافية.. المصلحة، ولا شيء سوى المصلحة.
ليلى الطرابلسى.. كانت تقود نساء تونس فى زمن زوجها لرفض تعدد الزوجات وتجريمه، بغض النظر إن كان من المباحات الشرعية من عدمه، ولكن عندما انقلبت حياتها رأسًا على عقب، ولم تعد سيدة أولى، ولم تعد صاحبة الحل والربط، لم تمانع من أن تكون زوجة رابعة لأحد الأمراء العرب!
لم يكن المبدأ هو الحاكم عند ليلى الطرابلسي، ولكنها كانت المصلحة، ولا شيء غيرها، وعندما انتفت المصلحة، تخلت عما كانت تتمسك به وتروج له وتدافع عنه، وفعلت نقيضه بالكامل، "الطرابلسى" ليست بدعًا من أهل السياسة، ممن يتحولون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أو العكس، حسبما تقتضي المصلحة، فالغاية -عندهم كما عند غيرهم- تبرر الوسيلة، فما أكثر التحولات فى المشهد السياسي المصري، وما أكثر الأحزاب السياسية التى كانت يومًا أقصى اليمين، فأصبحت اليوم أقصى اليسار، والتى كانت أقصى اليسار، فغدت اليوم أقصى اليمين.
المحافظ العاجز
ومن السياسة إلى الدين، تتحكم المصلحة فى قناعات المشتغلين بالدين ومَن يتكسبون منه، وأبرزهم على الإطلاق: الدعاة الجدد الذين بدأوا يُفرّطون فيما كانوا يتمسكون به، خوفًا من أن يتواروا عن الأضواء، أو تتوارى عنهم الأضواء، أو يفقدوا مصادر الاسترزاق.
أحد هؤلاء الدعاة، تراجع –فجأة- عن رأيه فى "فرضية الحجاب"، واعتذر عن "فيديو" عمره 12 عامًا، تحدث خلاله عن أشكال وصور الحجاب، ومواصفات الحجاب الشرعى الذى لا يجب أن تتخلى المرأة المسلمة عنه، ولكن هذا الداعية الهمام لم يكشف لمتابعيه عن سر هذا التراجع المخزي الذي يتلخص فى أنه تم منعه مؤخرًا من إلقاء محاضرات بالمجلس القومي للمرأة؛ على خلفية "حملة تنويرية تترية"، فآثر أن ينحني للعاصفة، ويتراجع عن موقفه القديم، ويقدم "فيديو" اعتذاريًا؛ حتى يبقى في المشهد، ولا يتم الإطاحة به، ويفقد مكتسباته المادية والمعنوية.
هذا الداعية لا يغرد منفردا فى الانقلاب على مبادئه وأفكاره وقناعاته، ولكن يحذو حذوه شيوخ كثيرون؛ لدوافع سياسية ومالية، حتى لا يخسروا سيف المعز وذهبه، وحتى لا تخفت الأضواء عنهم، مُضحِّين بالثقة التى كان أتباعهم يضعونها فيهم، وما يُخلف ذلك من تبعات جسيمة.
هوامش برلمانية
المشتغلون بما يسمى "التنوير"، يدورون أيضًا حول المصلحة الشخصية، لا تشغلهم قيم الحرية والفضيلة وغيرهما؛ ففى الوقت الذى يدافعون فيه عن تجاوزات أصدقائهم وصديقاتهم فى الخروج عن النص فى أمور أخلاقية كثيرة، نراهم يحتشدون لـ"التقطيع" والتطاول على رجل دين متعدد الزواج. قد تختلف مع هذا الشيخ الذى يدعو الناس إلى الزهد وغض البصر؛ انتظارًا لـ"حور الجنة"، فى الوقت الذى لا يتوقف فيه عن إشباع ملذاته رغم تجاوزه الستين من العمر، ولكن بميزان الحلال والحرام، الرجل لا يقترف إثمًا كبيرًا حتى يتناوب "ذباب التنوير" و"غربان العلمانية" للتطاول عليه، فى الوقت الذين يرون فى العلاقات المفتوحة حرية شخصية، لا ينبغى المساس بها من قريب أو من بعيد.
نحن نعيش فى مجتمع لا تحكمه ضوابط ولا قيم ولا ثوابت، القدوة الحسنة فيه ضائعة لا وجود لها، وكل ما يحكم نخبته السياسية والدينية والثقافية.. المصلحة، ولا شيء سوى المصلحة.