مصير علاقات "التطبيع" المجاني
يقيني إن كل خطوات
تطبيع العلاقات التي تمت بشكل متسارع بين العديد من الدول العربية و"الكيان الصهيوني"
تحت ضغوط من الإدارة الأمريكية، مصيرها "الفشل" ليس بحكم رحيل إدارة
"ترامب" فحسب، ولكن بحكم "الرفض الشعبي" الذى أدى بكل تجارب التطبيع
السابقة إلى التجميد، والاكتفاء بتمثيل دبلوماسي "شكلى محدود" لا يقدم ولا
يؤخر.
فالمتتبع لمسيرة العلاقات "العربية - الإسرائيلية" منذ مبادرة الرئيس الراحل "أنور السادات" وزيارة "تل أبيب" وتوقيع اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1978 وما تبعها من علاقات سرية أو علنية مع "الأردن، وسلطنة عمان، وتونس، وقطر، والمغرب" يجد إنها جميعها باءت بالفشل، وأخفقت في تحقيق الحد الأدنى من درجات "التطبيع" لا لشيء سوى أنها تأتي "على غير رغبة الشعوب" التي ما زالت تعتبر "إسرائيل" عدوها الأول، الذي من المستحيل أن تبني معه علاقات طبيعية في أي من المجالات.
صفعة على وجه إسرائيل
وهو بالتحديد ما أستطيع أن أجزم أنه سينطبق على نموذج العلاقات "الإماراتية والبحرينية والسودانية" مع إسرائيل التى جاءت جميعها تحت ضغوط فرضتها سياسة "لي الذراع" التى مارستها أمريكا، فى محاولة فاشلة لزيادة شعبية "ترامب" والاستحواذ على إجماع عربى تستطيع إسرائيل بمقتضاه، تنفيذ ما يسمى ب"صفقة القرن" وضم أراضى غور الأردن والجزء الأكبر من أراضى الضفة الغربية.
ولعل ما يدعو للأسف فى أمر العلاقات العربية الإسرائيلية الجديدة، أن جميعها جاءت "مجانية" على عكس ما فعل الرئيس السادات، الذى نجح فى إستعادة كل الأراضى المصرية المحتلة فى ذلك الحين، ورغم ذلك إنتفض العرب حينها ضد النظام المصرى، وفرضوا عليه مقاطعة، تم بمقتضاها نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس.
على النقيض تماما من علاقات التطبيع الجديدة، التى باركها "كل العرب" ومعهم الجامعة العربية، على الرغم أن كل أطرافها ليسوا من "دول المواجهة" ولم يسبق لاي منهم الدخول فى مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع "الكيان الصهيوني" بل وجاء تطبيعهم مخالفا لمبادئ "مبادرة السلام العربية" التى اشترطت تطبيق مبدأ "الأرض مقابل السلام" ومقرا بمبدأ أقل ما يوصف إنه "انبطاح عربي" يسمى "السلام مقابل السلام".
للأسف، لقد توهم صناع القرار فى كل من "الإمارات والبحرين" المعاديتان تاريخيا لإسرائيل، في التقارب من إسرائيل أقرب الطرق لجلب تحالف "أمريكى إسرائيلى" يكون بمثابة حماية لهما فى مواجهة الخطر "الإيرانى" وهو ما أشك فى أنه قد يحدث، وستثبت الأيام القليلة القادمة، أن "الإمارات والبحرين" قد قدمتا ل"الكيان الصهيوى" تطبيعا مجانا سيتضح بمجرد اقدام "جو بايدن" على تغيير السياسة الأمريكية مع إيران، وطرح "نتنياهو" لمشروع ضم الاراضى العربية الجديدة على الكنيست، خلافا لما وعد به "الإمارات والبحرين".
أما بالنسبة للحكام الجدد فى "السودان" فقد توهموا أيضا فى التطبيع مع "الكيان الصهيونى" أقرب الطرق لمخاطبة قلب "واشنطن" لرفع اسم "الخرطوم" من "قائمة الإرهاب" وفتح المجال لاستقطاب ولو القليل من الاستثمارات الخارجية، لتغيير الأوضاع الاقتصادية المأساوية التي حلت بالبلاد خلال السنوات الأخيرة.
وهو ما جعل رئيس مجلس السيادة السوداني"عبدالفتاح البرهان" يستجيب لضغوط أمريكية و"دولة عربية" ترتبط بعلاقات سرية مع إسرائيل، ويدخل على خط التطبيع، متناسيا أن أزمة السودان ليست في القطيعة مع إسرائيل، ولكن في الحروب الأهلية التي استمرت فى البلاد لسنوات، والفساد السياسي الذي سيطر على نظام الحكم لعقود، والسياسات الخاطئة التي أودت بالبلاد إلى حصار أمريكي خانق، وانفصال الجنوب، وفقدان الجزء الأكبر من موارد النفط.
"إرهابى" فى قلب أمريكا
غير أن "ترامب" عز عليه أن يترك حكام السودان الجدد يهنئون "بمكافأة التطبيع" برفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فأعلن قبل أيام من الانتخابات الأمريكية، تمديد العقوبات المفروضة على السودان منذ نوفمبر عام 1997 بسبب النزاع في دارفور، بحجة إن سياسات السودان مازالت تمثل تهديدا للأمن القومى الامريكى.
الواقع يقول إن "الكيان الصهيوني" لم يسع إلى إقامة علاقات مع "الإمارات والبحرين والسودان" حبا فى تلك الدول أو خوفا منها، خاصة وانها جميعا ليست من "دول المواجهة" ولكن بحكم التغيرات الجديدة في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلى، ورغبة الكيان الصهيونى في تحقيق تقارب مع العدد الأكبر من الدول العربية، أملا في الحصول على تأييد عربي لتمرير "صفقة القرن".
وهو ذات الخط الذي تضغط أمريكا في اتجاهه منذ تولي "ترامب" مقاليد الحكم، ونجحت من خلاله في فتح خطوط اتصال مباشرة وغير مباشرة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، أسفرت عن عقد لقاءات مباشرة بين مسئولين عرب وإسرائيليين، وأخرى تمت عبر وسطاء، وجميعها تصب في اتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
الغريب، أن قرارات الدول الثلاثة بالموافقة على إقامة علاقات مع "الكيان الصهيونى" لم تأخذ وقتا، وكأنها كانت معدة مسبقا، والاغرب الادعاءات
التى يطلقها عدد من ساسة تلك الدول، بأن "التطبيع" يلقى تأييدا شعبيا واسعا، ولا يرفضه إلا مجموعات أيديولوجية محدودة.
غير أن تجارب الماضى تؤكد، أن ذات الادعاءات، سبق وأطلقها "زعماء وقادة عرب" يزيدون ثقلا وحنكة وعمقا وفهما وإدراكا لطبيعة العلاقات الدولية والسياسية، ورغم ذلك "فشلوا" في تسويق فكرة التطبيع واضطروا تحت ضغط "الرفض الشعبي" إلى تجميدها، أو قصرها على تمثيل دبلوماسي "شكلى" لا يقدم ولا يؤخر.. وكفى.
فالمتتبع لمسيرة العلاقات "العربية - الإسرائيلية" منذ مبادرة الرئيس الراحل "أنور السادات" وزيارة "تل أبيب" وتوقيع اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1978 وما تبعها من علاقات سرية أو علنية مع "الأردن، وسلطنة عمان، وتونس، وقطر، والمغرب" يجد إنها جميعها باءت بالفشل، وأخفقت في تحقيق الحد الأدنى من درجات "التطبيع" لا لشيء سوى أنها تأتي "على غير رغبة الشعوب" التي ما زالت تعتبر "إسرائيل" عدوها الأول، الذي من المستحيل أن تبني معه علاقات طبيعية في أي من المجالات.
صفعة على وجه إسرائيل
وهو بالتحديد ما أستطيع أن أجزم أنه سينطبق على نموذج العلاقات "الإماراتية والبحرينية والسودانية" مع إسرائيل التى جاءت جميعها تحت ضغوط فرضتها سياسة "لي الذراع" التى مارستها أمريكا، فى محاولة فاشلة لزيادة شعبية "ترامب" والاستحواذ على إجماع عربى تستطيع إسرائيل بمقتضاه، تنفيذ ما يسمى ب"صفقة القرن" وضم أراضى غور الأردن والجزء الأكبر من أراضى الضفة الغربية.
ولعل ما يدعو للأسف فى أمر العلاقات العربية الإسرائيلية الجديدة، أن جميعها جاءت "مجانية" على عكس ما فعل الرئيس السادات، الذى نجح فى إستعادة كل الأراضى المصرية المحتلة فى ذلك الحين، ورغم ذلك إنتفض العرب حينها ضد النظام المصرى، وفرضوا عليه مقاطعة، تم بمقتضاها نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس.
على النقيض تماما من علاقات التطبيع الجديدة، التى باركها "كل العرب" ومعهم الجامعة العربية، على الرغم أن كل أطرافها ليسوا من "دول المواجهة" ولم يسبق لاي منهم الدخول فى مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع "الكيان الصهيوني" بل وجاء تطبيعهم مخالفا لمبادئ "مبادرة السلام العربية" التى اشترطت تطبيق مبدأ "الأرض مقابل السلام" ومقرا بمبدأ أقل ما يوصف إنه "انبطاح عربي" يسمى "السلام مقابل السلام".
للأسف، لقد توهم صناع القرار فى كل من "الإمارات والبحرين" المعاديتان تاريخيا لإسرائيل، في التقارب من إسرائيل أقرب الطرق لجلب تحالف "أمريكى إسرائيلى" يكون بمثابة حماية لهما فى مواجهة الخطر "الإيرانى" وهو ما أشك فى أنه قد يحدث، وستثبت الأيام القليلة القادمة، أن "الإمارات والبحرين" قد قدمتا ل"الكيان الصهيوى" تطبيعا مجانا سيتضح بمجرد اقدام "جو بايدن" على تغيير السياسة الأمريكية مع إيران، وطرح "نتنياهو" لمشروع ضم الاراضى العربية الجديدة على الكنيست، خلافا لما وعد به "الإمارات والبحرين".
أما بالنسبة للحكام الجدد فى "السودان" فقد توهموا أيضا فى التطبيع مع "الكيان الصهيونى" أقرب الطرق لمخاطبة قلب "واشنطن" لرفع اسم "الخرطوم" من "قائمة الإرهاب" وفتح المجال لاستقطاب ولو القليل من الاستثمارات الخارجية، لتغيير الأوضاع الاقتصادية المأساوية التي حلت بالبلاد خلال السنوات الأخيرة.
وهو ما جعل رئيس مجلس السيادة السوداني"عبدالفتاح البرهان" يستجيب لضغوط أمريكية و"دولة عربية" ترتبط بعلاقات سرية مع إسرائيل، ويدخل على خط التطبيع، متناسيا أن أزمة السودان ليست في القطيعة مع إسرائيل، ولكن في الحروب الأهلية التي استمرت فى البلاد لسنوات، والفساد السياسي الذي سيطر على نظام الحكم لعقود، والسياسات الخاطئة التي أودت بالبلاد إلى حصار أمريكي خانق، وانفصال الجنوب، وفقدان الجزء الأكبر من موارد النفط.
"إرهابى" فى قلب أمريكا
غير أن "ترامب" عز عليه أن يترك حكام السودان الجدد يهنئون "بمكافأة التطبيع" برفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فأعلن قبل أيام من الانتخابات الأمريكية، تمديد العقوبات المفروضة على السودان منذ نوفمبر عام 1997 بسبب النزاع في دارفور، بحجة إن سياسات السودان مازالت تمثل تهديدا للأمن القومى الامريكى.
الواقع يقول إن "الكيان الصهيوني" لم يسع إلى إقامة علاقات مع "الإمارات والبحرين والسودان" حبا فى تلك الدول أو خوفا منها، خاصة وانها جميعا ليست من "دول المواجهة" ولكن بحكم التغيرات الجديدة في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلى، ورغبة الكيان الصهيونى في تحقيق تقارب مع العدد الأكبر من الدول العربية، أملا في الحصول على تأييد عربي لتمرير "صفقة القرن".
وهو ذات الخط الذي تضغط أمريكا في اتجاهه منذ تولي "ترامب" مقاليد الحكم، ونجحت من خلاله في فتح خطوط اتصال مباشرة وغير مباشرة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، أسفرت عن عقد لقاءات مباشرة بين مسئولين عرب وإسرائيليين، وأخرى تمت عبر وسطاء، وجميعها تصب في اتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
الغريب، أن قرارات الدول الثلاثة بالموافقة على إقامة علاقات مع "الكيان الصهيونى" لم تأخذ وقتا، وكأنها كانت معدة مسبقا، والاغرب الادعاءات
التى يطلقها عدد من ساسة تلك الدول، بأن "التطبيع" يلقى تأييدا شعبيا واسعا، ولا يرفضه إلا مجموعات أيديولوجية محدودة.
غير أن تجارب الماضى تؤكد، أن ذات الادعاءات، سبق وأطلقها "زعماء وقادة عرب" يزيدون ثقلا وحنكة وعمقا وفهما وإدراكا لطبيعة العلاقات الدولية والسياسية، ورغم ذلك "فشلوا" في تسويق فكرة التطبيع واضطروا تحت ضغط "الرفض الشعبي" إلى تجميدها، أو قصرها على تمثيل دبلوماسي "شكلى" لا يقدم ولا يؤخر.. وكفى.