رئيس التحرير
عصام كامل

"إرهابى" فى قلب أمريكا

للأسف، أن كثيرا من السياسيين الأمريكان والأوربيين ما زالوا يجهلون خطورة سياسة "تبنى الإرهاب" التى يمارسها "الرئيس التركى" وأن من يعطونه الضوء الأخضر للتدخل فى شئون دول الشرق الأوسط، لا يقدرون مدى الكوارث التى ستلحق بدولهم نتيجة لتلك السياسات الكارثية فى القريب العاجل.

فمنذ أيام، وجه عدد من أعضاء لجنة الدفاع والعلاقات الخارجية بمجلس  الشيوخ الفرنسى، اتهامات مباشرة لوزير الخارجية الفرنسي السابق "جان إيف لودريان" بمساندة المشير "خليفة حفتر" في سيطرته على شرق ليبيا، وكأنه لا درايه لهم بحقيقة ما يدور على الأرض.


"كارثة السد".. مصر تنتظر الإجابة؟

 
الجميل أن رد الوزير الفرنسى السابق جاء صادما للجنة، حيث قال نصا: "دائما ما أسمع هذا الاتهام من المحاضرين الذين لا يدركون من التاريخ شيئاً، خاصة وأن "حفتر" كان معترفاً به بشكل شرعي من قبل البرلمان المنتخب في عام 2014، وكان الهدف الرئيسي للجيش الوطني الليبي، الذي تجمع حول الرجل فى ذلك الوقت، هو محاربة التنظيمات المتطرفة، وهو ما دفع فرنسا إلى دعمه، ولا سيما وأن باريس كانت تعانى خلال تلك الفترة من هجمات تلك المليشيات".

الملفت أن الوزير الفرنسى قال لأعضاء اللجنة صراحة: "إن ليبيا أوشكت على التحول إلى سوريا جديدة، خاصة بعد أن زجت أنقرة بآلاف العناصر من التنظيمات الإرهابية ضمن صفوف القوات التى أتوا بها من إدلب، ويعملون الآن كمليشيات ضمن القوات الداعمة لحكومة الوفاق، ويأتمرون بأمر تركيا".

الغريب فى المواجهة، أن أعضاء مجلس الشيوخ وجهوا لوزير الخارجية السابق سؤالا عن مدى إمكانية عودة عناصر من مليشيات داعش الإرهابية إلى أوروبا؟

ورغم خطورة السؤال، إلا أن طرحه والإجابة عليه تؤكد وللأسف جهل السياسيين الأمريكان والأوربيين بحقيقة ما يفعله "الرئيس التركى" من رعاية ودعم وتدريب وعلاج لأعضاء الجماعات المتطرفة، التى اتهم بها سوريا والعراق وليبيا.
"إيزادورا" تستغيث
المحزن، أن إجابة الوزير أكدت أيضا أنه لا يمتلك معلومات عن حقيقة الكوارث التى يرتكبها "السلطان الواهم" بحق أمريكا وأوربا، خاصة وأن الآلاف من عناصر تلك المليشيات قد دخلوا بالفعل إلى الولايات المتحدة وأوربا، ويعيشون فيها فى صورة "لاجئين" منذ سنوات.

فأذكر أنه خلال وجودي فى مدينة "الرقة" معقل تنظيم داعش الإرهابي، خلال زيارتى الأخيرة لسوريا، استفزني حجم الدمار والخراب اللإنساني الذي حل بالمدينة، وسألت صديقي السوري الذي كان يرافقنى: "كيف ألحقتم بالمدينة كل هذا الدمار، ولم تتمكنوا من القضاء داعش، وما زالت جيوبهم تمثل تهديدا حقيقيا لحياة المواطنين؟

فرد قائلا: "الكارثة في تلك المواجهات، أننا لم نكن نواجه عدوا واضحا أو قوات نظامية نستطيع تمييز، بل ميلشيات غير واضحة المعالم، لدرجة انه كان من الممكن أن تفاجأ بوابل من الطلقات يوجه إلى صدرك من شخص يقف إلى جوارك، وأنت تتعامل معه على أنه "أعزل آمن" يجب أن تحميه".

وأضاف صديقى السورى: "لقد كنا في كل المواجهات مع مليشيات داعش، نفاجأ بالعشرات من المواطنين يخرجون من المنازل وهم يرفعون الرايات البيضاء ويقولون "نحن مواطنون آمنون" وللأسف لم نكن نستطيع التعامل معهم سوى على هذا الأساس، إلى أن يثبت عكس ذلك، وللأسف نجح الآلاف من الدواعش فى الخروج وسط هؤلاء "الآمنين" وعاشوا في المخيمات ك "لاجئين" بل إن الآلاف منهم سافروا إلى أوروبا وأمريكا ويعيشون بها الآن كـ"لاجئين" .


طموح "الإمبراطور المجنون"

 
الخطير، أن دخول آلاف الدواعش إلى أمريكا وأوربا التى كشف عنها صديقى السورى، أكدتها روايات عديدة، من بينها قصة "أشواق" الإيزيدية الكردية التي نشرتها العديد من وسائل الإعلام الأوروبية.

حيث كانت الفتاة قد تعرضت للخطف من مدينة "سنجار" العراقية قبل 6 سنوات، وتم بيعها مع المئات من الإيزيديات في أسواق "النخاسة" التي أقامها "داعش" إلا أنها نجحت في الهرب، والانضمام لعدد من أفراد أسرتها كـ "لاجئة" في ألمانيا.

وفي شهر فبراير عام 2017، وأثناء سيرها في شوارع مدينة "شتوتجارت" فوجئت بخاطفها الداعشي "أبو همام" يقف أمامها بلحيته الكثيفة وجلبابه الأبيض القصير، ويقول لها ببجاحة: "أعلم أين وكيف ومع من تعيشين، ولن تفلتي منى".

الغريب أن السلطات الألمانية لم تستطع أن تفعل شيئا للمتطرف الداعشى الذى ظل يطارد "أشواق" لشهور، لأنه مسجل في سجلات الدولة كـ "لاجئ" ويصعب وجود دليل على انضمامه لصفوف التنظيم الإرهابي.

أؤكد أن الأمريكان والأوربيين ما زالوا يجهلون حقيقة ما يقوم به "أردوغان" وأن الواقع يؤكد أن أمريكا ودول القارة العجوز، قد يشهدون كوارث فى القريب العاجل إن لم ينتفضوا ضد سياسات "الرئيس التركى" خاصة بعد نجاح آلاف المتطرفين الذين تربوا وتدربوا وتعلموا أصول الإرهاب على يد "أردوغان" من دخل تلك الدول والعيش فيها فى صورة "لاجئين".. وكفى.

الجريدة الرسمية