حنين
بين عشية وضحاها،
أصبحنا آباء، نحمل مسئولية بيت وصغار، وأصبح علينا السعي في كل اتجاه إلى تحقيق طموحاتهم
وآمالهم وتطلعاتهم في هذه الدنيا.
يلازمني حنين دائم إلى الثمانينيات، يوم أن كنت أنعم فى براح أمي وأبي، برفاهية اللاشيء، لا تفكير، لا شقاء، لا هموم، لا شيء سوى المرح، وقليل من المشاعر الطفولية البريئة تجاه ابنة الجيران، أو جميلة المدرسة. أنتظر كل يوم عودة أبي من مقر عمله فى الصحيفة العريقة، محملا بالإصدارات اليومية والكتب، التي شكلت وجداني وربما أسهمت قليلا في نمو لغتي، ومحاولتي التشبث بها و بمفرداتها.
المبادرة النبيلة
تكافئني أمى على إنجاز بعض الأعمال المنزلية معها فى هذا اليوم، بقطعة معدنية من فئة العشرة قروش، أهلل على الفور فرحا ثم ذهاب إلى العم حسين، اشترى البسكويت ذي الورقة الفضية وقليل من الفيشار، مع وعد أمي أن تزيد المكافأة إلى 25 قرشا مع نهاية الأسبوع، كي أتمكن من شراء قصصي المفضلة.
كان تلفزيون منزلنا من صناعة شركة النصر، كل محتوياته قناتين الأولى والثانية، ابدأ يومي ببرامج الأطفال، ومسلسل الثانية عشرة، وما أن ينتهى إلا وتبدأ يومياتى مع الإبحار فى عالم رجل المستحيل، لا أدرى بمن حولى، يدق الباب، فى تمام الرابعة عصرا، نعم جاء أبي في موعده، اختطف حقيبته، أجد بها جريدتي المفضلة، وربما يصادف عيد النهم الأسبوعى للقراءة بوجبة العدد الشامل، وبين طيات الصحف أجد إحدى الروائع الأدبية، كي تكتمل معرفتى بهذا العالم الصاخب وأحداثه، بقليل من صفحات العاطفة.
وش الخير
بات هذا الحنين الجارف يشدني إلى عالم ما قبل التكنولوجيا، أصبحت أنفر رويدا رويدا من أى شيء يجذبني إلى الواقع، آتية فى عالم الدراما القديمة مع قناتي التراثية، يمازحني اطفالى بأننى "قديم"، متعلق بالماضي.
وفى الحقيقة اننى حين أشاهد أطياف الماضي، أحيا بها، ناجيا من مخالب الحاضر الموحش، فقط الذكريات هي التي تقوي عزيمتنا، وقدرتنا على الاستمرار، تفجر فينا طاقات الاشتياق الى يوم كان فيه بيت ودفء وحائط صد ضد الزمن "أم وأب"، ثم تحولنا لنكون دعائم هذا الحائط، ظهورنا عارية لرصاصات الزمن ومفاجآته،
تبا للحنين.
يلازمني حنين دائم إلى الثمانينيات، يوم أن كنت أنعم فى براح أمي وأبي، برفاهية اللاشيء، لا تفكير، لا شقاء، لا هموم، لا شيء سوى المرح، وقليل من المشاعر الطفولية البريئة تجاه ابنة الجيران، أو جميلة المدرسة. أنتظر كل يوم عودة أبي من مقر عمله فى الصحيفة العريقة، محملا بالإصدارات اليومية والكتب، التي شكلت وجداني وربما أسهمت قليلا في نمو لغتي، ومحاولتي التشبث بها و بمفرداتها.
المبادرة النبيلة
تكافئني أمى على إنجاز بعض الأعمال المنزلية معها فى هذا اليوم، بقطعة معدنية من فئة العشرة قروش، أهلل على الفور فرحا ثم ذهاب إلى العم حسين، اشترى البسكويت ذي الورقة الفضية وقليل من الفيشار، مع وعد أمي أن تزيد المكافأة إلى 25 قرشا مع نهاية الأسبوع، كي أتمكن من شراء قصصي المفضلة.
كان تلفزيون منزلنا من صناعة شركة النصر، كل محتوياته قناتين الأولى والثانية، ابدأ يومي ببرامج الأطفال، ومسلسل الثانية عشرة، وما أن ينتهى إلا وتبدأ يومياتى مع الإبحار فى عالم رجل المستحيل، لا أدرى بمن حولى، يدق الباب، فى تمام الرابعة عصرا، نعم جاء أبي في موعده، اختطف حقيبته، أجد بها جريدتي المفضلة، وربما يصادف عيد النهم الأسبوعى للقراءة بوجبة العدد الشامل، وبين طيات الصحف أجد إحدى الروائع الأدبية، كي تكتمل معرفتى بهذا العالم الصاخب وأحداثه، بقليل من صفحات العاطفة.
وش الخير
بات هذا الحنين الجارف يشدني إلى عالم ما قبل التكنولوجيا، أصبحت أنفر رويدا رويدا من أى شيء يجذبني إلى الواقع، آتية فى عالم الدراما القديمة مع قناتي التراثية، يمازحني اطفالى بأننى "قديم"، متعلق بالماضي.
وفى الحقيقة اننى حين أشاهد أطياف الماضي، أحيا بها، ناجيا من مخالب الحاضر الموحش، فقط الذكريات هي التي تقوي عزيمتنا، وقدرتنا على الاستمرار، تفجر فينا طاقات الاشتياق الى يوم كان فيه بيت ودفء وحائط صد ضد الزمن "أم وأب"، ثم تحولنا لنكون دعائم هذا الحائط، ظهورنا عارية لرصاصات الزمن ومفاجآته،
تبا للحنين.