رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الصوت الغائب.. والطبقة العازلة!

حالة الإقبال الشديد على المراكز التكنولوجية المخصصة لتقديم طلبات المصالحة لا يجب أن تمر دون تأمل، عندما صدرت قرارات فرض غرامات وهدم المنازل غير المسكونة للمواطنين، استقبلها المواطنون بصدمة شديدة، رغم تأكدهم من أن ما ارتكبوه جريمة يحاسب عليها القانون. وكان أكثر المضارين الفلاحين وعمال الزراعة الذين لا يملكون قوت يومهم، أو من الطبقة المتوسطة ذات الدخل المحدود التى طالما عانت من أعباء الإصلاح.


الفلاحون الذين لم يجدوا من يرشدهم أن ما إرتكبوه جريمة مكتملة الأركان، كان وقع القرار عليهم عظيما، فعندما يتغرب فلاح شاب سنوات عديدة يستخدم فى أصعب الأعمال ولا يجد المعاملة الكريمة -التى يلقاها فى بلده- ليوفر الأموال لبناء شيء أشبه بالمنزل، ثم يهدم فوق رأسه ولا يعرف أين يقضى ليلته هو وأفراد أسرته، بالتأكيد يتألم من أجلهم كل المقيمين في القرية.

ولا عزاء لأصحاب الدخول المحدودة

تضاعفت أعداد البيوت العشوائية حتى أن الحكومة فشلت فى توصيل المرافق أو تمهيد الطرق وكان لابد أن تواجه الحكومة الموقف، ولكن بعد أصوات الذين أضيروا.. غاب صوت الفلاح أن يصل إلى أصحاب القرار بينما كان هناك طبقة عازلة تقطع الطريق بين المواطن والحكومة وتروج بأن الفلاح يستطيع أن يتحمل الغرامات، وأن التساهل مع المخالفين سيؤدى إلى انتشار عشوائيات لا تقدر الدولة القضاء عليها.

وهذا المنطق لا ينطبق أبدا على حالة الفلاح المصرى الذى عاني طويلا بسبب كارثة كورونا، وبينما آلاف المواطنين يجدون عملا. وقدم أصحاب هذا المنطق هدية مجانية للدول المعادية وأجهزة إعلامها التى تلقت تلك القرارات لتصنع منها مادة للهجوم على مصر، والتباكي على حال مواطنيها..

والملاحظ أن الحكومة وحدها التى حاولت التصدى لهذا الموقف الصعب، رغم مئات المشروعات التى أقامتها على الأرض المصرية بينما مجلس النواب يفضل أن يؤيد قرارات الحكومة (عمال على بطال) بدلا من أن يوصل أصوات أبناء الدوائر وهمومهم ومعاناتهم إلى المسئولين.

من ينصف الفلاح المصرى؟!

ويحسب للحكومة أنها أدركت خطأها وتراجعت عن تشددها وراعت أحوال الضعفاء، وعندما حدث هذا تسابق الناس للدفع طالما فى مقدورهم ويحسب لرئيس الوزراء إنه قرر مد فترة السماح لمدة شهر تسهيلا على المواطنين وتقسيط الغرامات لمن لا يستطيعون الدفع الفورى.. وهذه التجربة لابد من استيعاب دروسها.

إن أى قرار تتخذه الحكومات دون مشاركة أصحاب المصلحة مصيره الفشل. إن المجالس النيابية تفشل فى الإحتفاظ بثقة المواطنين، إذا لم تعبر عن همومهم ومشاكلهم وتوصيلها للمسئولين وتطرح الحلول.. إن أكبر أخطاء الحكومات أن ترضخ لتوصيات الطبقة التى تعزلها عن مواطنيها.
Advertisements
الجريدة الرسمية