فضائل الصحابة ومناقب آل البيت.. سعيد بن زيد أحد المبشرين بالجنة

قال الله تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا". [الفتح: 29].
وقال أيضا: "وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". [الحشر: 9].
وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". [التوبة: 100].
فأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أوَّل وأفضلُ مَن دَخَل فيه من هذه الأمة، ولهم منه أوفرُ حظٍّ، وأكملُ نصيب.
وقال الله سبحانه وتعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت".. وقال أبو بكر، رضي الله عنه: "ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته".
في هذه الحلقات نستعرض فضائل ومناقب الصحابة وآل البيت، رضي الله عنهم.
سعيد بن زيد.. كان سببا في إسلام عمر بن الخطاب
هو الصحابي الجليل سعيد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان سببا في إسلام عمر بن الخطاب.
كان من السابقين الأولين، أسلم قبل أن يدخل النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، دار الأرقم بن أبي الأرقم، وشهد المشاهد كلها بعد بدر مع الرسول، صلى الله عليه وسلم، وشهد اليرموك وحصار دمشق وفتحها، وولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح.
لم يهاجر إلى الحبشة، حيث كان من أشراف قريش وساداتهم، فلم يكن ليناله من العذاب ما ينال غيره من المستضعفين، لكنه كان وزوجته فاطمة من المهاجرين الأولين إلى المدينة المنورة.
أبوه من الحنفاء
هو أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.
كان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل من الأحناف في الجاهلية الذين طلبوا دين الحنيفية، قبل أن يُبعث سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يسجد لغير الله في جاهليته، وكان لا يذبح للأصنام ولا يأكل الميتة والدم.
مولده
ولد سعيد بن زيد قبل البعثة النبوية ببضع عشرة سنة.
كان سعيد يُكنى أَبا الأَعور، وكان رجلا آدمَ طَوَالًا أَشْعَرَ.
تزوج سعيد من فاطمة بنت الخطاب، شقيقة عمر بن الخطاب، وتزوّج عمر عاتكة أخت سعيد.
أما والده، فيروي البخاري عن عبد الله بن عمر: “أن زيد خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب اللَّه، ولا أحمل من غضب اللّه شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيعه؟ فهل تدلّني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا.
قال زيد: وما الحنيفُ؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا ولا يعبد إلا اللَّه.
فخرج زيد فلقي عالمًا من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة اللَّه، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله، ولا من غضبه شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا، ولا يعبد إلا الله.
فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم، عليه السَّلام، خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم”.
كان مستجاب الدعوة
كان سعيد بن زيد مُجاب الدعوة، من ذلك أن أروى بنت أويس شكتْهُ إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة لمعاوية، وقالت: إنه ظلمني أرضي، فأرسل إليه مروان، فقال سعيد: "أتروني ظلمتُها وقد سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "من ظلم شبرا من أرض طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين"؟!.. اللهم إن كانت كاذبة، فلا تُمِتْها حتى تُعمي بصرها، وتجعل قبرها في بئرها".
فلم تَمُت حتى ذهب بصرها، وجعلت تمشي في دارها فوقعَت في بئرها فكانت قبرها.
وكان سعيد يبلي بلاء حسنا في المعارك وملازمًا للرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، فعن سعيد بن جبير: “كان مقام أَبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أَمام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في القتال ووراءَه في الصلاة”.
فضائله
وردت أحاديث وآثار عديدة تبين فضل سعيد ومكانته، منها: ما رواه البخاري بإسناده إلى قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم في مسجد الكوفة يقول: "والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر ولو أن أحدًا أرفض للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقًا أن يرفض".
ومن مناقبه شهادة النبي، صلى الله عليه وسلم، له بالجنة مع جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه من الشهداء.
روايته للحديث
كان سعيد مُقلا في رواية الحديث النبوي، فروى ثمانية وأربعين حديثا جمعها بقي بن مخلد في مسنده، وله في صحيحي البخاري ومسلم حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بحديث ثالث، وله في مسند أحمد بن حنبل ثمانية وعشرون حديثًا.
ومن الأحاديث التي رواها سعيد ما رواه عن النبي أنه قال: “من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن ظلم من الأرض شبرًا طوقه من سبع أرضين”.
كما أنه من رواة حديث العشرة المبشرين بالجنة، فقال: “أشهد أني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: “رسول الله في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، ثم قال: إن شئتم أخبرتكم بالعاشر، ثم ذكر نفسه".
قصته مع عمر
كان سعيد وزوجته فاطمة سببا في إسلام عمر بن الخطاب، حيث كان عمر في بداية الأمر شديد العداء للإسلام، وكان يريد أن يقتل الرسول، صلى الله عليه وسلم.
فعندما خرج عمر بن الخطاب قبل إسلامه يحمل سيفه يريد قتل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لقيه بعض كفار قريش وأخبروه أنّ أخته وزوجها صارا على دين محمد، فغير وجهته حتى أتاهما، فوجد خباب بن الأرت عندهما يتلو آياتٍ من سورة طه، فلما سألهما عن إسلامهما، وقف له سعيد بن زيد، رضي الله عنه، فضربه عمر ضربا شديدا، فلحقت به فاطمة ودفعته عن زوجها، فلطمها على وجهها حتى سال الدم منها، فغضبت وأعلنت أمامه أمر إسلامها ناطقة بالشهادتين، فلما يئس عمر منهما، وجد الصحيفة التي كانوا يتلون منها الآيات، فطلبها، فأخبرته فاطمة بوجوب أن يتطهر قبل أن يلمسها، ففعل، فأخذ يقرأ فيها حتى وصل قوله، تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)، فأنار الله قلبه للإسلام ونطق الشهادتين.
ففرح سعيد وزوجته وأخبراه أنها دعوة النبي، صلى الله عليه وسلم، حين قال: “اللَّهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك: عمرو بن هشام، أو عمر بن الخطاب”، فسأل عن مكان النبي فأخبراه بمكانه، صلى الله عليه وسلم، فذهب، وأعلن إسلامه بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم.
وهكذا كان سعيد بن زيد وزوجته فاطمة سببا في إسلام عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم جميعا.
مع البدريين
شهد سعيد بن زيد جميع المشاهد والمعارك مع النبي إلا غزوة بدر، فشهد أحدا والخندق وبيعة الرضوان وما بعدها من المشاهد.
يوم بدر كان قد أرسله رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في مهمة استطلاعية عن الأعداء فرجع منها بعد انتهاء الغزوة، فأحزنه ذلك أنه لم يشترك في هذه الغزوة الأولى مع رسول الله، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم طيَّب خاطره وضرب له بسهمه في الغزوة كمن اشترك فيها.
وفي باقي المعارك كان ملازما لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
زمن الخلافة
ظل سعيد بن زيد رضي الله عنه تحت إمرة الخلفاء الراشدين ولم يشترك في أي فتنة ضدهم حتى استشهد عمر ثم عثمان ثم علي، فبايع بعد علي ولده الحسن عليهما السلام، ثم معاوية.
وعندما تولى أبو بكر الخلافة، كان سعيد بن زيد رضي الله عنه في مقدمة الصحابة الذين توجهوا للقتال في بلاد الشام.
معركة اليرموك ونيابة دمشق
شارك في معركة اليرموك وكان من قادتها، فلمّا التقى الجمعان أشار خالد على أبي عبيدة أن يفرق الخيل فرقتين، ويجعلها وراء الميمنة والميسرة حتى إذا صدموهم كانوا لهم ردءًا فيأتوهم من ورائهم، فكان خالد في أحد الخيلين من وراء الميمنة، وجعل قيس بن هبيرة في الخيل الأخرى، وأمر أبا عبيدة أن يتأخر عن القلب إلى وراء الجيش كله، لكي إذا رآه المنهزم استحى منه ورجع إلى القتال، فجعل أبو عبيدة مكانه في القلب سعيد بن زيد، فكان لسعيد الدور البارز في المعركة.
يقول حبيب بن سلمة: "اضطررنا يوم اليرموك إلى سعيد بن زيد، فلله در سعيد، ما سعيد يومئذٍ إلا مثل الأسد، لمّا نظر إلى الروم وخافها، اقتحم إلى الأرض، وجثا على ركبتيه، حتى إذا دنوا منه وثب في وجوههم مثل اللَّيث، فطعن برايته أول رجل من القوم فقتله، وأخذ والله يقاتل راجلًا قتال الرجل الشجاع البأس فارسًا ويعطف الناس إليه"، وانتهت المعركة بانتصار المسلمين على الروم.
موقفه في الفتنة
كان سعيد بن زيد من معتزلي الفتنة. فظل يسكن في أرضه بالعقيق في المدينة، وكان عثمانُ قد أقْطَعه أرضًا بالكوفة، فنزلها وسكنها إلى أن مات.
وكان سعيد يرغب عن الولاية، يقول أبو نعيم الأصبهاني: "رغب عن الولاية، وتشمر في الرعاية، قمع نفسه، وأخفى عن المنافسة في الدنيا شخصه".
في عهد معاوية
بايع سعيد لمعاوية بعد صلحه مع الحسن بن علي سنة 41 هـ.
ولم يبايع ليزيد بن معاوية، فلمّا كتب معاوية إلى مروان بالمدينة أن يبايع لابنه يزيد للخلافة من بعده، جاء رجل من أهل الشام وقال لمروان: "ما يحبسك؟".
قال: "حتى يجيء سعيد بن زيد فيبايع؛ فإنه سيد أهل البلد، إذا بايع بايع الناس"، قال الشامي: "أفلا أذهب فآتيك به؟"، فذهب الشامي إلى سعيد بن زيد، وقال له: "انطلق فبايع".
قال سعيد: "انطلق، فسأجيء فأبايع"، فقال الشامي: "لتنطلقن، أو لأضربن عنقك".
قال: "تضرب عنقي؟ فوالله إنك لتدعوني إلى قوم أنا قاتلتهم على الإسلام".
فرجع الشامي إلى مروان، فأخبره، فقال له مروان: اسكت.
ثم ماتت إحدى أمهات المؤمنين، وكانت قد أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، فقال الشامي لمروان: "ما يحبسك أن تصلي على أم المؤمنين".
قال: "أنتظر الذي أردت أن تضرب عنقه، فإنها أوصت أن يصلي عليها".
فقال الشامي: "أستغفر الله".
وفاته
تُوُفي بالعقيق سنة 51 للهجرة، الموافق 671 م، في خلافة معاوية، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وغسله عبد الله بن عمر، ونزل قبره هو وسعد بن أبي وقاص، ودفن بالمدينة المنورة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا