اشبعوهم من خيركم
فاجأني صديقي الحريص على المال وأوجه إنفاقه ومن ثم ادخاره، وهو يخبرني بنبرة
حزن واضحة أن نجله الصغير يبدو وأنه في احتياج للذهاب إلى طبيب نفسي، كونه يتصرف بعدوانية
شديدة مع إخوته وأقرانه، مع تفكير دائم في الرغبة بالتخلص من الحياة، علما بأن عمر
هذا الطفل لم يتجاوز العشر سنوات!.
سألت صديقي: هل بحثت عن الأسباب التي دفعت بالولد إلى هذا الفكر غير المتكافئ مع سنه وطفولته وبراءتها؟، فرد بالنفي أنه مشغول طوال اليوم في عمله من أجل تحصيل المال ومتطلبات الطعام والشراب والدخول في "جمعيات" ثم الخروج منها والدخول في أخرى تحسبا من أجل الزمن وصعابه، مقسما أن بيته لا ينقصه شيء من طعام وشراب على الوجه الأكمل.
الإدارة الحازمة
بادرت بالحديث مع الطفل الصغير بعيدا عن أبيه، فأخبرني بعد مناورات كلامية ووعد منى بأننى لن أشكوه لأبيه كونه يخافه، أنه لم يشعر يوما بأن أباه يحبه، فلم يجلب له ألعابا مثل باقي أقرانه، لم يحتضنه، مخاطبا إياه بنبرة بريئة: "بابا كل حاجة عنده الأكل والشرب والجمعيات وأنا نفسي العب زي أصحابي".
وأكمل الطفل: "بابا بياخدنى عند الحلاق ويحلق لي حاجة أنا مش بحبها، وبتخلي أصحابي يضحكوا علي، وبيقولى إنه بيعمل كده علشان ماحلقش تانى قريب، وبيبقي نفسي في شكل تانى بس أخاف أقول له لأنى عارف إنه مش هيرضي، ومش بيجيب لى أى حاجة حلوة وهو راجع من الشغل ولا بيرضي يدينى فلوس اشتري زي أصحابي".
أيقنت أن سبب تعاسة هذا الطفل البريء، أمرين أولهما حرص أبيه البالغ على المال إلى الدرجة التي قد تدمر أطفاله نفسيا بلا أي وازع من ضمير.
والثاني حماقته حين ظن أن اكتناز المال حتى ينفع الصغار حينما يكبروا ــــ وفق قوله ــ مع إهمال أي متعة بسيطة لهم في طفولتهم، سواء كانت لعبة أو قطعة حلوى، أو حتى تجربة قصة شعر، في سبيل الجمعيات والادخار واكتناز المال، قد يكون هو الطريق الصحيح للتربية.
تعشموا ولكن بحدود
أذكر أحد زملاء الدراسة الذي كان يعاني بخل أبيه الشديد رغم علمه بأنه يحوز المال الكثير، وقد كان هذا الزميل يتمنى وفاة أبيه حتى يرثه، بل إن يديه طالت حقائب زملائه بالسرقة، إذ كان يرمقهم بنظرات الحقد، وهم يشترون الحلوى من كانتين المدرسة، بينما ينزوي في ركن ويتمنى مثلهم، ولكن يمنعه حائط بخل أبيه القاسي من البهجة.
لكل أب وأم، إذا كنتم تعتقدون أن التضييق على الصغار في مراحل العمر الأولى، هو من أجل مصلحتهم عند الكبر، فأنتم تدمروهم فعليا، ولا تدرون أن الحرمان الشديد في الصغر يولد الحقد والأنانية والغيرة وربما الجريمة فى الكبر، فما كان المال يفيد البناء على أساسات هشة ضعيفة، بل قد ينهار بالكامل كلما ارتفعت طوبة فوق الأخرى.
اشبعوهم من خيركم، نموا شخصياتهم وربوهم على المشاركة في مشكلاتكم، أعطوا لهم الدفء الذي ينشدون، فليس المال كل الأمر، فما يفيد إذ قضيتم على هويتهم البريئة ووضعوهم في خانة الاعتلال النفسي بامتياز.
سألت صديقي: هل بحثت عن الأسباب التي دفعت بالولد إلى هذا الفكر غير المتكافئ مع سنه وطفولته وبراءتها؟، فرد بالنفي أنه مشغول طوال اليوم في عمله من أجل تحصيل المال ومتطلبات الطعام والشراب والدخول في "جمعيات" ثم الخروج منها والدخول في أخرى تحسبا من أجل الزمن وصعابه، مقسما أن بيته لا ينقصه شيء من طعام وشراب على الوجه الأكمل.
الإدارة الحازمة
بادرت بالحديث مع الطفل الصغير بعيدا عن أبيه، فأخبرني بعد مناورات كلامية ووعد منى بأننى لن أشكوه لأبيه كونه يخافه، أنه لم يشعر يوما بأن أباه يحبه، فلم يجلب له ألعابا مثل باقي أقرانه، لم يحتضنه، مخاطبا إياه بنبرة بريئة: "بابا كل حاجة عنده الأكل والشرب والجمعيات وأنا نفسي العب زي أصحابي".
وأكمل الطفل: "بابا بياخدنى عند الحلاق ويحلق لي حاجة أنا مش بحبها، وبتخلي أصحابي يضحكوا علي، وبيقولى إنه بيعمل كده علشان ماحلقش تانى قريب، وبيبقي نفسي في شكل تانى بس أخاف أقول له لأنى عارف إنه مش هيرضي، ومش بيجيب لى أى حاجة حلوة وهو راجع من الشغل ولا بيرضي يدينى فلوس اشتري زي أصحابي".
أيقنت أن سبب تعاسة هذا الطفل البريء، أمرين أولهما حرص أبيه البالغ على المال إلى الدرجة التي قد تدمر أطفاله نفسيا بلا أي وازع من ضمير.
والثاني حماقته حين ظن أن اكتناز المال حتى ينفع الصغار حينما يكبروا ــــ وفق قوله ــ مع إهمال أي متعة بسيطة لهم في طفولتهم، سواء كانت لعبة أو قطعة حلوى، أو حتى تجربة قصة شعر، في سبيل الجمعيات والادخار واكتناز المال، قد يكون هو الطريق الصحيح للتربية.
تعشموا ولكن بحدود
أذكر أحد زملاء الدراسة الذي كان يعاني بخل أبيه الشديد رغم علمه بأنه يحوز المال الكثير، وقد كان هذا الزميل يتمنى وفاة أبيه حتى يرثه، بل إن يديه طالت حقائب زملائه بالسرقة، إذ كان يرمقهم بنظرات الحقد، وهم يشترون الحلوى من كانتين المدرسة، بينما ينزوي في ركن ويتمنى مثلهم، ولكن يمنعه حائط بخل أبيه القاسي من البهجة.
لكل أب وأم، إذا كنتم تعتقدون أن التضييق على الصغار في مراحل العمر الأولى، هو من أجل مصلحتهم عند الكبر، فأنتم تدمروهم فعليا، ولا تدرون أن الحرمان الشديد في الصغر يولد الحقد والأنانية والغيرة وربما الجريمة فى الكبر، فما كان المال يفيد البناء على أساسات هشة ضعيفة، بل قد ينهار بالكامل كلما ارتفعت طوبة فوق الأخرى.
اشبعوهم من خيركم، نموا شخصياتهم وربوهم على المشاركة في مشكلاتكم، أعطوا لهم الدفء الذي ينشدون، فليس المال كل الأمر، فما يفيد إذ قضيتم على هويتهم البريئة ووضعوهم في خانة الاعتلال النفسي بامتياز.