رئيس التحرير
عصام كامل

تركيا تسرقنا.. بمزاجنا؟!

بصراحة، لا ألوم أنقرة.. بل ألوم العرب.. الذين لا يتعلمون أبدا، ولا ينظرون للخلف إطلاقا.. بل يتصرفون كالسمك.. يبتلعون الطعم، وفي كل مرة تقع إحدى السمكات فريسة لـ "صنارة" إنسان.. تبكي عليها باقي السمكات، لكنها بعد لحظات تلتقط نفس الطعم، من نفس الصنارة أو شبيهتها!!


هكذا العرب.. استثمروا أموالهم التي جنوها من بيع النفط في الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، فساعدوا في نهضة ونمو دول الغرب، وانحدرت بلدانهم نحو الحضيض !! ولم يستطيعوا سحب سنت واحد.. بالعكس تعرضت تلك الأموال الباهظة للتجميد في أكثر من حالة، وكانت محلا لتوقيع عقوبات عليها!

قوتنا الناعمة.. ومنظمة تضامن الشعوب
العقل يقول إنهم سيتحينون أول فرصة لسحب أموالهم لاستثمارها في بلادهم وأوطانهم، ودفع عجلة التنمية، والقضاء على الفقر في الدول العربية، التي سقط عدد كبير منها تحت خط الفقر بمراحل.. لكن مليونيرات العرب يستمتعون، على ما يبدو، بالتعرض لعمليات "النصب" الدولية، لأنهم استبدلوا تركيا بدول الغرب وأمريكا!!


فقد شهدت السنوات الأخيرة، زيادة ضخمة في الاستثمارات العربية داخل تركيا، في مختلف القطاعات والمجالات. فالعرب صاروا الأكثر شراء للعقارات التركية، حيث أصدرت هيئة الإحصاء التركية، مؤخراً، أرقام الإسكان الشهرية، حيث يبرز العراق في هذه الفئة متجاوزا كل الدول سواء العربية او الاوروبية.

وتشير قراءات حول النشاط الاقتصادي العربي في تركيا إلى أن رجال الأعمال العرب يتوجهون إلى الاستثمار هناك؛ بحثا عما يصدقونه عن مزاعم البيئة الاستثمارية الآمنة وعن التسهيلات الحكومية والإعفاءات والتخفيضات، بالإضافة إلى سهولة التحويلات المالية والمعاملات الرسمية وفتح الشركات وإقامة الأعمال، إضافة لسهولة التنقل الداخلي والشحن الخارجي.

 

تركيا توفر فرصة التجنيس وفرص "الإمتاع الجنسي"؛ الأمر الذي يروق للكثيرين من العرب وكانوا يبحثون عنه باستمرار. من جانبه، قال رئيس الجالية الصومالية محمد محمود محمد، إن جذب تركيا للاستثمار العربي يعود إلى قوة الإنتاج التركي وتوسع قاعدته التصديرية عالميا بما يشمل البلدان العربية. ولفت إلى أن المستثمرين الصوماليين في تركيا ينشطون في مجال الخدمات والسياحة والعقار، منوها إلى أن الصومال تستورد بضائع بنحو مئتي مليون دولار سنويا من هناك.


المستشار عمر.. "حدوتة مصرية" في قلب أفريقيا

 
وعلى صعيد الطلاب العرب، فإنهم يشكلون نسبة كبيرة بالجامعات التركية، حيث يأتي السوريون بالمرتبة الأولى ووصل عددهم إلى نحو عشرة آلاف طالب، ثم يأتي العراقيون، وهم أكبر جالية عربية بعد السوريين، ويصل عدد طلابهم إلى 4414، ويتبعهم الليبيون الذين تخطى عددهم 1668 طالبا. الجاليات العربية أعلنت تأسيس اتحاد لها قالت إنه حصل على ترخيص لعمله وفق القانون التركي، للعمل على توحيد جهود جميع ممثلي الجاليات العربية، التي لايقل عدد أعضائها عن الخمسة ملايين.


الفلسطيني فتحي السماعنة انتقل مع عائلته من رام الله إلى غازي عنتاب للعيش فيها عند ابنه مجدي الذي أنهى دراسة طب الأسنان في إحدى الجامعات التركية وافتتح عيادة له. وعبّر الحاج الفلسطيني عن سعادته للعيش في تركيا التي تنتشر فيها المساجد والتي يسمع بها الأذان ويشعر بمحبة الأتراك لفلسطين، مشيرا إلى تشابه الثقافة والعادات والكثير من الصفات بين الشعبين التركي والعربي.

أما رجل الأعمال السوداني محمد حمدان، فقد انتقل من الخرطوم إلى أنقرة في عام 2012، بعد فشل شركته في بلده بسبب الغلاء والركود وتذبذب سعر صرف العملة الوطنية، وأسس شركة للشحن.
مسلسلان وفيلم.. ونقاط مضيئة في تاريخنا
ويقول رجل الأعمال السوداني: "عندما وضعت قدمي في أنقرة، لم أكن أعرف شيئًا عن تركيا، ثم قابلت العديد من الناس واكتسبت ثقتهم وأصبحت شريكا لهم بعدما بدأت في تجارة بيع الساعات التي أصبحت جزءا مني، فكنا نشتري الساعات والمنتجات التركية من تركيا ونبيعها للشركات في السودان". مضيفا "مقارنة بالدول العربية فالأشياء هنا رخيصة جدًا وعالية الجودة". شركة محمد توسعت وأصبحت تقوم بشحن البضائع إلى دول مثل الصومال والسنغال بالإضافة للسودان، كما تعمل أيضا في مشاريع البناء في أفريقيا بمساعدة المقاولين الأتراك، حيث فاز مؤخرا مع شركائه الأتراك بمناقصة اﻷعمال الميكانيكية والديكورية في مطار غينيا.


تركيا تفعل ما كان يجب على الدول العربية الكبرىأن تفعله، من تقديم التسهيلات لجذب ملايين العرب للاستثمار، وفي الوقت ذاته الدخول في استثمارات بأفريقيا.. لكننا، بكل أريحية، نترك تركيا تسرق أموالًا هي من حقنا.

الجريدة الرسمية