الحب وأشياء أخرى
ليلا، يمشي الحب
حافي القدمين في غرفتي كي لا يفسد علي نومي، ويغفو فور أن أفتح عيني. سنوات ونحن نلعب
لعبتنا هذه، فأستيقظ وقلبي مملوء باليقين أن الحب يعيش قربي، لكننا أبدا لن نلتقي إلا
إذا أخل أحدنا بقوانين اللعبة.
لا يكون الماضي ماضيا إلا إذا انقطعت صلتك به
إلى غير رجعة، طالما هناك نوافذ مفتوحة تطل منها على الذين رحلوا فإنهم يمثلون حاضرك
البعيد.. المسافات المكانية وهم، حدود واهية تتبدد بالخطوات. وحدها المسافات الزمنية
التي يمكن لها أن تفصلنا عن الآخرين وتجعلهم ماضيا. ومع ذلك يظل هناك خيط خفي يربطنا..
فالماضي امتداد غير مرئي للحاضر، أو أساس يختفي في العمق يحمل جدارا ظاهرا فوق سطح
الأرض. أما الأخطر من كل ذلك فهو التباعد الروحاني، كأن يجمعك بأحدهم مكانا وزمانا
واحدا، غير أن روحيكما لا تستطيعان أن تتعرف إحداهما على الأخرى، فتكون كل منهما لا
شيء للأخرى، فلا وجود ولا أثر ولا ذاكرة.. لا شيء، لا شيء على الإطلاق.
* العشق يشبه إظلام
المسرح كله وتوجيه الضوء على وجه واحد فقط فلا ترى ولا تسمع غيره في عرض ممتد بطول
العمر.
* يظل الحب رياضة
ذهنية إلى أن تجد من يبادلك الحب فيصبح لعبة قتالية.
* علمونا أن الحب
حرام، فلم نجد المتعة إلا في العلاقات السرية، ورأينا في الزواج مقبرة للعواطف لأنه
كالشمس بينما المشاعر - حسب ما زرعوا فينا - نباتات ظل تفسد إذا رأت النور.. كل ذلك
لأنهم كذبوا علينا في طفولتنا بأن الحب حرام.
* أفضل من يكتب عن
الحب هو الأعزب فمن لديه حبيب ليس لديه وقت للكتابة.
* الحب عمار لا تبحث
عنه في قلوب خربة.
* لـ ليال ثلاث:
زرعنا سويا الأرض
بخطواتنا
كتبنا معا تاريخا
للشوارع
آنسنا النهر بحكاياتنا
لكنها وحدها أضاءت
السماء بنور عينيها..
ورحلت،
فلا ليل ولا شوارع
ولا نهر.. ولا سماء.
* ظلت تبحث عن نصفها الآخر، وحين وجدته، أطلق
القطار صافرته معلنا نهاية الرحلة.
رسائل صباحية لامرأة تعشق السهر
* كلنا يا صديقي
يكذب بالقدر الذي يضمن له أن يعيش في سلام. لو كان أحدنا صادقا تمام الصدق لما تمكن
من العيش دون خسائر. أكذب حين أقول إنني بخير، وتكذب حين تقول إنك تفتقدني. ذلك الرجل
هناك الذي يحمل أزهارا حتما سيقول لامرأته كذبا إنها الأجمل، وستكذب هي حين تخبره أنه
الألطف. بائعة الهوى تكذب لتمنح زبونها نشوة زائفة. الجرسون في المطعم يمنحك ابتسامة
كاذبة. البائعة في محل الملابس تكذب لتقنع السيدة بشراء الفستان. الطبيب يكذب ليمنح
المريض فرصة للموت في سلام. كذبات صغيرة تتبعها كذبات كبيرة.
* لاحظت جارتي العجوز
ضيقي من حديثها المطول معي في كل مرة تلتقيني على السلم، أو حين تلتقطني قبل أن أدخل
إلى شقتي، إذ اعتادت أن تسألني عن الماء الذي يبحثون عنه فوق المريخ والطقس وثمن رغيف
العيش وعدد السيارات في الشارع وما إذا كان البطريق يلد أم يبيض.. فدمعت عيناها ولمعتا،
وقالت بابتسامة تتكسر على شفتها النحيلة: اعذرني يا بني، فالثرثرة «صراخ» الوحدة المكتوم..
أنين العابرين على الأرصفة الفارغة.. وطعام
الجوعى لحديث مع الراحلين..