إحنا بتوع الانتخابات
في موضوع تحويل الشعب للنيابة بسبب عدم مشاركته في انتخابات مجلس الشيوخ جعل الناس تصرخ علي وسائل التواصل الاجتماعي "إحنا بتوع الانتخابات" علي غرار الظلم الذي وقع علي المتهمين في فيلم إحنا بتوع الاتوبيس.. ولذا لابد ان يتسع صدر المحكمة لسماع دفوع (أغلبية الشعب) عن أسباب عدم مشاركتها.. و جعل المحاكمة علنية فقد تكون روشتة لكل أمراضنا.
وربما يكون عدم التصويت
هو في واقع الأمر تصويتا. لأن من تخلفوا هم 53 مليونا و981 ألفا و130 شخصا، والنيابة
العامة بين بديلين إما إصدار أمر جنائى أي توقيع العقوبة دون اللجوء إلى قاضٍ طالما
الغرامة أقل من 1000 جنيه أو أن تحيلها إلى المحكمة.
النخبة الجديدة
ويتعلل الكثيرون
بعدم المشاركة بنفس سبب عدم أداء صلاة الجمعة! فأن ذهبوا طاعه وخوفا من العبد فكيف
لهم أن لا يخشوا عقاب الله!! بينما يري أخرون أن نص الدستور في المادة ٨٧ علي
"حق" الانتخاب لم ينص علي "وجوبيته"... "حق الانتخاب تكفله
الدولة للمواطن ".. فيكون حين إذ واجبا علي الدولة وحق للمواطن. ولكن إذا كان
نص الدستور علي "وجوبية " الانتخاب.. وجب حينها عقاب من لم يشارك. وهذا هو الفرق بين "الحق و الواجب".
وعلى ذلك فإن تحويل
الشعب للنيابة فى عدم استخدامه لحق له "حق الانتخاب".. يعد هو بعينه المخالفة الواضحة للدستور "لوجود شبه أو قصد أو نية الإكراه أو الإجبار
ومثال على ذلك.. لماذا لا تحول الجهات التنفيذية للنيابة إذا لم تقم بتنفيذ واجب عليها؟
والأمر هكذا فإن الأفضل هو البحث عن السبب الحقيقي للمقاطعة لربما وجدنا ما يفيد لتجنيب
الوطن الفشل والأخطار وطالما ٨٧ بالمائة مقاطعة الانتخابات، كان لابد من إلغائها والبحث
عن سبب المقاطعة..
حيث كان إلغاء مجلس الشوري ثم عودته بدون تمهيد أو مقدمات
ثم عدم وجود آختصاصات تشريعية إضافة إلي عدم توعية المواطنين بالقدر الكافي عن الدور
الحقيقي لمجلس الشيوخ وأهميته بالنسبة للمصريين مع ضعف بعض الأحزاب السياسية التي وصفت
بـ”الكرتونية” وأنها غير مؤهلة للانتخابات..
ثم المنافسة شبه المحسومة حيث لم يترشح
لثلث المقاعد، الذي يبلغ مائة مقعد خصصها القانون للانتخاب بنظام القوائم المغلقة،
إلا قائمة واحدة، ولا تحتاج سوى 5 في المائة ممن يحق لهم التصويت، ليعلن فوزها، ووجود
بعض الإخفاقات السياسية التي سبقت عملية الاقتراع مثل وجود بعض القوانين غير المرضية
للكثيرين، فضلاً عن تردي الأوضاع الاقتصادية لدي الطبقة الفقيرة والمتوسطة وانسداد
الأمل لدي الكثير منهم في إصلاح أحوالهم المالية والاجتماعية..
كما عزف الكثيرون عن الانتخاب خوفاً من تداعيات حائجة
فيروس كورونا علي الرغم من التدابير الاحترازية التي أخذتها الحكومة والهيئة الوطنية
للانتخابات، بالطبع ألقي فيروس كورونا بظلاله الصعبة علي الأحوال المعيشية والاقتصادية
وعلي الناخبين.
صحيح إن عدم التصويت
في الانتخابات بدون عذر تستلزم عقاب مرتكبها بعقوبة الغرامة التي لا تزيد عن 500 جنيه،
وذلك طبقاً لنص المادة ” 57 ” من قانون مباشرة الحقوق السياسية ولكن الصحيح أيضا. وعلي
الرغم من وجود نص قانوني إلا أنه هناك عائق في تطبيق الغرامة، يتمثل أن أعداد المتخلفين
عن التصويت يصل بالملايين، وأن النص يتعذر تطبيقه، وإمكانية الدفع بوجود عذر سيفتح
سبل لملايين الأعذار التي قد يتحجج بها المواطن المخالف بعدم تصويته..
بالإضافة إلي
أن نص المادة ” 57 ” من قانون مباشرة الحقوق السياسية تحيط بها شكوك شبهة عدم الدستورية
لأن المادة ” ٨٧ ” من الدستور المصري الحالي ينص على ما مؤداه حق المواطن في الانتخاب
والترشح وممارسة الحقوق ..
أما عدم ممارستها قد تقع خارج نطاق التجريم . حيث
إن الغرامة عقوبة لا توقع إلا بحكم قضائي أو أمر جنائي من القاضي أو النيابة العامة
وفقاً للمواد ٣٢٣ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ مكرراً “الفقرتان الأولي والثانية” من قانون الإجراءات
الجنائية ، ولمن صدر ضده الأمر الجنائي أن يعلن عدم قبوله له، ويكون ذلك بتقرير بقلم
كتاب المحكمة ويترتب علي ذلك تحديد جلسة لنظر الدعوي طبقاً لنص المادة ٣٢٧ الفقرة الأولي
من قانون الإجراءات جنائية.
وبناء علي ما تقدم
يتعذر توقيع الغرامة على المتخلفين عن الإدلاء بأصواتهم في العملية الانتخابية لتعذر
التنفيذ، وستنظر المحاكم ملايين الدعوي، وسيكون في تطبيق هذه العقوبة إرهاق للسلطات
المختصة. كما يجب أن تكون المشاركة في الحياة السياسية نابعة من الالتزام والمسؤولية
تجاه الوطن إعمالاً لحقهم الدستوري والقانوني، وليس التصويت بدافع تفادي الغرامة.