رئيس التحرير
عصام كامل

ليبيا ومظاهراتها!

ثمة شكوك لدى البعض فى المظاهرات التى تشهدها العاصمة الليبية طرابلس وعدد من مدن الغرب الليبي.. فهم يرونها مظاهرات ليست عفوية وإنما هى مظاهرات مدبرة من قبل الفرقاء الذين يسيطرون على طرابلس وكل غرب ليبيا فى إطار صراع على السلطة نشب بينهم..


ويستند أصحاب الشكوك هذه إلى مجموعة من الوقائع مثل، إن هذه المظاهرات سبقها دعوة لوزير الداخلية فى حكومة الوفاق فتحى باشاغا الليبيين فى طرابلس للنزول فى الشارع احتجاجا على تردى ونقص الخدمات، وقد نشبت هذه المظاهرات فى الوقت الذى يزور فيه الرجل تركيا..
المشكلة الليبية تزداد التهابا!
فضلا عن الشعارات الطاغية فيها للمتظاهرين لا تشمل استهجانا لوجود القوات التركية أو المرتزقة والإرهابيين السوريين الذين تم نقلهم إلى الأراضى الليبية، بل هى تتركز أساسا ضد فايز السراج وهو ما يكشف إنها تستهدفه شخصيا ومن يرتبط به بشكل مباشر.. كما أن هذه المظاهرات ترفع أيضا شعارات ضد عقيلة صالح وحفتر وتطالب بإبعادها مع السراج.. وفوق ذلك فإن الميليشيات التابعة للسراج هى التى تتصدى بالسلاح لهذه المظاهرات وليست الميليشيات التابعة لفتحى باشاغا.

وهذه الشكوك تسترعي الانتباه أيضا، خاصة فى ظل ما تسرب من معلومات تشير إلى وجود صراع بين الفرقاء الذين يسيطرون على غرب ليبيا وتحديدا بعد انتهاء محاولة الجيش الليبى اقتحام طرابلس وانسحابه إلى سرت والجفرة، وهو صراع مفهوم بعد أن تراجع الخطر الذى كان يوحدهم، خطر إقتحام الجيش الليبى لطرابلس.. فضلا عن أن بيان السراج الخاص بوقف إطلاق النار لم ينل تأييدا من كل الفرقاء الذين يسيطرون على غرب ليبيا. 

ولكن حتى لو صحت هذه الشكوك، وتأكد بالفعل أن مظاهرات طرابلس ليست عفوية وإنما هى مدبرة من بعض الفرقاء الذين يسيطرون عليها، فإن هؤلاء الفرقاء لا يضمنون السيطرة عليها طوال الوقت، خاصة وأن هناك تدهورا حقيقيا فى حياة أهل طرابلس والعديد من مدن الغرب..
فى ليبيا: هدنة أم حل سياسى؟
أى إن أسباب الغضب الجماهيرى كامنة وموجودة.. فضلا عن أن مواجهة المتظاهرين بالعنف يمكن أن تزيدها اشتعالا بدلا من أن تحتويها.. ولعلنا نتذكر كيف سعى الإخوان للسيطرة على حركة الجماهير المصرية فى عام ٢٠١١ ، لكن الجماهير انتفضت ضدهم ابتداء من العام التالى ٢٠١٢.. لذلك إن ما تشهده طرابلس الآن من مظاهرات حتى ولو كان هناك من يقف وراءه ومن خطط له فإنه سيكون له تأثيره المباشر على الأزمة الليبية وتطوراتها فى المستقبل القريب.
الجريدة الرسمية