أهل الفضفضة
لفت انتباهي تلك الكلمات البسيطة التى وجدتها
منشورة على صفحة ابنتى على "فيس بوك"، حين لاحظت علىّ بوادر قلق واضطراب
وشرود ينتابني بين الحين والأخر، ولا أعلم أسبابه.
يقول المنشور المقتبس من إحدى الصفحات العامة:
(أجمل ما يمكن أن تقدمه إلى شخص أن تجعله يطمئن)، نعم فعلا أن تكون خائفا وجلا، فييسر
الله في طريقك من ينزع عنك همومك، ويفتح لك أبواب الأمل التى تعثر فتحها على مصراعيها،
بعد أن تكلس عليها صدأ التفكير السلبي القبيح بعض الوقت.
روائح الأمل
التفكير السلبي فى كل شيء وأى شيء، مشقات
الحياة، مستقبل الأبناء، الخوف من أى أمر مجهول لا يعلمه إلا الله عز وجل، تفكير يسلم
النفس إلى أيدي الشيطان فيجنح الإنسان بعده إلى القنوط من رحمة الله ومن الأمل فى غد
أفضل بعيدا عن الاحباط والخوف والهلع.
النفس البشرية على نوعين: الأول يمكن أن
نطلق عليه شخصيات ثلجية لا تفكر فى أى أمر إلا بمقداره ووضعه الصحيح أو أقل، أو قد
لا تفكر من الأساس، وهؤلاء ربما ينعمون بمزيد من الصحة بالابتعاد عن الضغوط النفسية،
بعد أن أغلقوا صمام التفكير بعزم وإحكام، وأراحوا العقل وتركوا كل شيء لوقته وأجله
كما قدره الله عز وجل.
النوع الثاني هو الشخصيات النارية، التي
تمسك صمام التفكير بقبضتي اليدين وتشرع فى فتحه عن آخره حتى يكاد العقل ينفجر من شتات
الفكر، فيحتاج حينها من يلملم أشلاءه ويهون ويخفف ثم يغلق الصمام المفتوح بهدوء وإحكام،
حتى يولى القلق، وتهدأ النفس، وتسكن أمواج الاضطراب.
معروف علميا أن القلق الدائم المستمر يستنزف
طاقة الإنسان، ويجعله عرضةً للأمراض المختلفة، إلى جانب وجودِ احتماليّة لإصابته بالأمراض
النفسيّة، وربما لا ولم تخل حياة أحد من قلق أو اضطراب أو خوف من مجهول على أسرة وأولاد،
ولم يخترع العلماء بعد زرا بالضغط عليه يتوقف القلق.
وثيقة عزم وأمل
يبدأ علاج القلق والاضطراب الدائم، أولا
بتدريب النفس على مهل باليقين التام أن كل ما جرى فى حياتنا وسيجرى مستقبلا هو إرادة
الواحد الأحد، وأن الاطمئنان بأقداره خير وسيلة لراحة النفس والعقل واطمئنان القلب.
وثانيا بانتقاء من يكونون لنا (أهل الفضفضة)
نلقى لديهم الهموم، فتخرج من أفواههم الراحة، حتى ولو كانت مجرد عبارة (لا تقلق أنا
إلى جوارك)، فتشد الأزر، وتوقف مطحنة التفكير الدائمة،، لنحاول أن نكون صمامات أمان
وبث الطمأنينة فى حياة أهلنا وأصدقائنا وأحبابنا، فالكلمة المطمئنة، يتعدى مفعولها
مفعول العقاقير والمهدئات الكيميائية.