رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حرفة القفز من المراكب

ما أشبه الليلة بالبارحة، فالمشهد اللبناني الحالي هو نفسه الذي عشناه في مصر قبل عشر سنوات، تبدأ الأزمة.. فينفجر الشارع، ثم يبدأ القفز من المركب باستقالات أعضاء الحكومة، لتبدأالإتهامات المتبادلة..

 

انفجر الشارع اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت، لتبدأ عمليات القفز بإستقالة ترايسي شمعون سفيرة لبنان في الأردن اعتراضاً على تفشي الفساد، أعقبتها استقالة وزيرة الإعلام منال عبدالصمد بعد تأكيدها أنه لا أمل في التغيير، وهي التي أكدت من قبل أن الاستقالة جبن وخيانة، ثم جاءت استقالة وزير البيئة دميانوس قطار اعتراضاً على نظام مترهل أضاع العديد من الفرص، ومعولاً على الشباب في قيادة لبنان جديد، وسوف تنتقل عدوى الاستقالات إلى آخرين.

احذروا الفتنة
ويكتمل المشهد بمسئولين سابقين يوجهون سهامهم إلى الحكومة الحالية، ويحملوها مسئولية ما حدث. نفس المزايدات التي عشناها في مصر عقب انفجار الشارع في ٢٥ يناير، حتى محاولات استقطاب الشباب موجودة في المشهدين.


مسئولون سابقون عملوا مع نظام مبارك، وكوادر بارزة في الحزب الوطني، وصحفيون وإعلاميون.. قفزوا من مركب النظام، وركبوا موجة الشارع، وزايدوا على الفقراء، ومنهم من ارتدى ثوب الثوار، ليستمر في المشهد حتى الآن.


وفي لبنان.. وبالتوازي مع استقالات أعضاء الحكومة.. جتمع رؤساء حكومات ووزراء سابقين ليحملوا رئيس الحكومة حسان دياب المسئولية، وتناسى هؤلاء مثلما تناسى أقرانهم في مصر أنهم كانوا في يوم ما مسئولين ولم يحركوا ساكناً.


الاختلاف الوحيد بين المشهدين اللبناني والمصري أن حكومة حسان دياب عمرها لم يتجاوز الستة أشهر، وأن الحكومات التي تعاقبت خلال السنوات الست السابقة تتحمل الجزء الأكبر من المسئولية، ففي عهدها جاءت إلى مرفأ بيروت (نترات الأمونيوم) التي إنفجرت فدمرت البشر والحجر، وفي عهدها غض القضاء الطرف عن الشحنة المهدده بالانفجار، وفي عهدها أرسل المسئولون عن المرفأ خطابات بالخطر الذي يهدد البلاد من شحنة ( نترات الأمونيوم ) مجهولة الهوية، فلا هي تابعة للحكومة.. ولا هي تابعة للحكومة الفعلية المتمثلة في حزب الله.

عندما يكون الاحترام جريمة
السنيورة والحريري كانا رئيسي الحكومة عندما تم تفريغ الشحنة ولم يتخذا قراراً بشأنها، وجعجع وجنبلاط تناسا مسئولية السابقين وكالا الاتهامات للحكومة الحالية.


حرفة القفز من المراكب عربية بامتياز، وثقافة المواجهة وإعلان المسئولية نشاهدها فقط في الدول الأجنبية، حتى الاستقالة تأتي جبراً، ودافعها دائماً هو الخوف من الحساب.


رؤساء حكومات لبنان السابقين لابد من محاسبتهم، خاصة الذين كانوا على علم بشحنة (نترات الأمونيوم) وجبنوا عن مواجهة أصحابها، فربما تعيد محاسبة هؤلاء الثقة إلى شعب فقد الثقة في المسئولين السابقين والحاليين، وإلى دول عربية وأجنبية مانحة إشترطت إصلاحاً سياسياً للمساهمة في إعادة بناء بيروت..

 

كما اشترط الشعب اللبناني مؤيداً من الدول المانحة ألا تذهب المساعدات إلى الحكومة المتهمة بالفساد، وأن تتولى جهات أخرى مسئولية توزيعها على المتضررين، ولو كان لدى هذه الحكومة حياء لاستحت وبادرت بالإستقالة بعد أن فقد الثقة فيها الداخل والخارج.
besheerhassan7@gmail.com

Advertisements
الجريدة الرسمية