رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فخ المخالفات.. ومصيدة التصالح

يبدو قانون التصالح فى مخالفات البناء وكأنه "فخ" استدرجت به أجهزة الدولة المواطنين مع سبق الإصرار والترصد لإيقاعهم فى "مصيدة" الدفع أو الهدم،  وفى الحالتين الفاتورة باهظة على الطرفين، الدولة والمخالف، الأهم أن القوانين فى كل دول العالم لايتم تطبيقها بأثر رجعى - كما حدث مع هذا القانون - بل تسرى منذ لحظة صدورها.

لقد أغرت الدولة الفوضويين وفتحت شهيتهم للبناء المخالف وجعلتهم فى مأمن وأريحية من العقاب بتساهل أجهزتها فى هذا الملف قبل ان تظهر العين الحمراء الآن لهم، وبعد وقوع الجريمة واكتمال أركانها فاجأتهم بمطالبتهم بدفع ما هو فوق طاقتهم المادية أو بعبارة أصح بدفع ما لم يكن فى حسبانهم.. 

 

وهو ما يعنى أن الدولة لا يهمها منع البناء المخالف بقدر ما يهمها تحصيل الأموال لخزانتها، تماما مثل الرجل الذى أقام مأدبة غداء مجانية للناس وبعد أن أكلوا بالهنا والشفا، فوجئوا به يقدم لهم فاتورة حساب مرتفعة بعد أن جاءوا الى مأدبته وجيوبهم خاوية، ثم قرر حبسهم خلف أبواب فيللته ومنعهم من الخروج عقابا لهم على عدم دفع ثمن العزومة!


3 اقتراحات لمأزق الإيجارات القديمة


ما يثير الدهشة فى هذا الملف أن هناك ثلاثة تصريحات متناقضة أدلى بها المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية الدكتور خالد قاسم أوقعت وما زالت توقع الناس فى حيرة بشأن من سيدفع رسوم التصالح، هل مالك الشقة أم مالك العمارة المخالفة؟

المتحدث قال فى البداية إن من يدفع تلك الرسوم هو مشترى الشقة المخالفة لأنه اشتراها وهو على علم بأنها مخالفة، وأضاف أن صاحب العقار قد يكون مات أو سافر أو هرب ويصعب الوصول إليه، وأشار إلى عدم المسؤولية الجنائية لأصحاب العقارات عن مخالفاتهم أمام القانون.

وبعد أن أثار هذا التصريح غضب الكثير من ملاك الشقق المخالفة على صفحات التواصل الاجتماعى ليلة صدوره، عاد المتحدث فى اليوم الثانى وأعلن إن المسئولية مشتركة بين صاحب العمارة ومشترى الشقة المخالفة وأنهما يتحملان سويا مبالغ رسوم التصالح.


فلوس المعاشات.. من طأطأ لـ"سلامو عليكم"


ثم عاد أمس الأول ليقول كلاما ثالثا مختلفا وهو أن المسئول الأصيل والأول عن تقديم طلبات التصالح هو صاحب الرخصة أو من قام بالبناء بشكل مخالف.

وبعيدا عن تصريحات المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية المثيرة للحيرة، فإن السؤال الذى يطرح نفسه: أين كانت أجهزة المحليات عندما شرع ملاك هذه العمارات المخالفة فى البناء أمام أعين الجميع وفى وضح النهار، ولماذا تغاضت عن أعمال البناء المخالف؟

وعلى ضوء ذلك، هناك أسئلة تطرح نفسها.. أولا : لماذا لم تحسم اللائحة التنفيذية لقانون التصالح هذه الاشكالية وتحدد المسئول عن تسديد المخالفة بشكل واضح، هل من بنى العقار أم من اشتراه أم الاثنان معا؟

ثانيا: من شرعوا فى إصدار هذا القانون الغريب بشرونا بأنه سيدر لخزانة الدولة 300 مليار جنيه على أساس إن مصر بها 3 ملايين عقار مخالف طبقا لإحصائيات لجنة الإسكان بالبرلمان، لكن الذى وضع هذا القانون وافترض تحصيل هذا الرقم الكبير لايعرف طبيعة المصريين، فما حدث أن أصحاب المخالفات سواء ملاك شقق أو عمارات تجاهلوا القانون وأعطوه "ودن من طين وودن من عجين" ولم يبادر أحد من المخالفين طوال 6 شهور بتقديم طلبات التصالح.. 

 

ولما لاحظت الدولة هذا التقاعس وأن الحصيلة النهائية بهذه الوتيرة المتباطئة فى التصالح والدفع لن تتجاوز بضعة ملايين من الجنيهات، شرعت فى التهديد بالويل والثبور والإزالة لكل من لا يذهب ويدفع ربع قيمة التصالح كعربون قبل 30 سبتمبر المقبل، ثم استكمال سداد باقى المبالغ التى تتراوح بين 5 و250 الف جنيه حين ميسرة.


تساؤلات من وحى 9 ساعات بالمرور


ثالثا : ينص القانون على إن التصالح سيكون للمخالفات التى تمت قبل 22 يوليو 2017 وفقا لآخر تصوير جوى، وبين صدور قانون التصالح والتصوير الجوى عامين ونصف العام تم خلالها بناء مئات الآلاف من الشقق والعمارات المخالفة، فماذا ستفعل الدولة فى المخالفات -غير المشمولة بالتصالح- التى تمت خلال هذه المدة؟ وهل ستكون قادرة على إزالتها جميعا وهى كثيرة، وهل ستكون قادرة على إزالة المخالفات -المشمولة فى التصالح- التى امتنع أصحابها عن التصالح لضيق ذات اليد؟

رابعا: يقول الخبراء إن تكلفة إزالة دور واحد 100 متر يكلف الدولة 50 ألف جنيه وبالتالى فإن وزارة التنمية المحلية تحتاج الى 88 مليار جنيه لازالة المخالفات خلال الـ 3 شهور المقبلة، وهكذا فإن ما ستقوم الدولة بتحصيله من المواطنين باليمين ستدفعه للإزالات بالشمال.
قانون "أبو شُقَة.. وجنيهاته الخمسة
خامسا: أتصور أن ملف البناء المخالف يتطلب من الدولة التخفيف عن الناس بتوسعة الحيز العمرانى المتجمد منذ نحو 10 سنوات فى كل أنحاء مصر بعد أن كانت تلك التوسعة تتم كل خمسة أعوام، خصوصا أن كل من بنى مخالفا على أرض زراعية يمتلكها ارتكب تلك المخالفة مضطرا تحت ضغط عدم وجود أمل فى دخولها ضمن الحيز العمرانى.           

سادسا : بالتزامن مع إصرار الدولة على تحصيل رسوم مخالفات التصالح واستنفار كل أجهزتها لهذا الغرض، لماذا لا يتم محاكمة كل مسئول فى المحليات تقاعس أو أغمض عينيه عن كل بناء مخالف وقع فى نطاق اختصاصه حتى يكون عبرة لغيره من المسئولين الذين لا يشرعون فورا فى وأد ومنع وتدارك البناء المخالف قبل وقوعه؟ وبذلك نوفر على الدولة تكلفة الإزالات المكلفة ونوفر على الفوضويين غرامة وعقوبة المخالفة ومن بينها الإزالة.
https://www.facebook.com/emad.sobhy.161


Advertisements
الجريدة الرسمية