تساؤلات من وحى 9 ساعات بالمرور
1920 جنيها دفعتها فى المرور منذ أيام مقابل تجديد رخصة
قيادتى الخاصة بعد أن كنا - حتى وقت قريب - ندفع 250 جنيها.
هذا هو العنوان، بينما فى التفاصيل تكمن
شياطين كثيرة، من بينها أنك داخل إدارات المرور ستصاب حتما بكورونا من كثرة الزحام،
فهناك يصبح التباعد الاجتماعى والإجراءات الاحترازية والكمامات والكحول إجراءً عديم
الفاعلية، صحيح أنه يتم إلزام الناس بارتداء الكمامات قبل الدخول، لكن التكالب والتزاحم
الإجبارى حول الشبابيك الكثيرة والعديدة التى تتعامل معها لا يجعلك فى مأمن من الإصابة
بالفيروس اللعين.
رسائل "السوشيال ميديا"
كانت رخصة قيادتى الخاصة قد انتهت خلال
فترة الحظر قبل 1 يوليو، وبسبب مخاوفى من الغرامة كنت مضطرا ومكرها ومرغما كغيرى من
الناس للذهاب لتجديدها بعدما عرفت أننى لا تنطبق على الشروط، ذهبت المرور التابع له
محل سكنى ببطاقة الرقم القومى..
لكنهم بعدما ذهبت أبلغونى بأننى يجب أن أذهب أولا للمرور
الذى أصدرت منه الرخصة المنتهية حيث محل سكنى القديم، وذهبت إلى هناك كأى مواطن دون
أى واسطة أو معرفة، بل كنت أظهر بطاقة هويتى كصحفى فقط كلما تعطلت معاملة أو إجراء
معين.
ورغم أننى كنت من أول الواصلين إلى بوابة
ذلك المرور فى السابعة صباحا وكنت أول المتزاحمين للدخول فى الثامنة، إلا أن رقمى فى
كشف الدور الذى يسجله أحد المواطنين متطوعا فى ورقة بيضاء كان 71، وكانت كل هذه الأرقام
هى الفارق الزمنى بين لحظات سؤالى عن أول شباك يفترض أن أقف عليه، وبين لحظة وصولى إلى ذلك الشباك.
كانت المرة الأولى التى أعرف فيها أن رخصة
القيادة الشخصية تستوجب الحصول على شهادة مخالفات مثلها مثل رخصة السيارة، على شباك
دفع المخالفات كما على باقى الشبابيك هناك دوما 4 طوابير واحد للتسجيل في الدفع، والثانى
للحصول على ورقة الدفع، والثالث للدفع، والرابع لاستلام شهادة الدفع، وعلى رأى الشاعر
مجدى نجيب والكنج محمد منير "شبابيك .. المرور كله شبابيك" وهكذا "دوخينى
يالمونة"، وكنت طوال وجودى هناك أشبه بمن يؤدى "طابور ذنب".
بعد 5 ساعات من الطوابير والتنقل بين الشبابيك
والزحام الخانق حولها كانت المهمة الانتحارية الأولى قد انتهت، خرجت من المرور ومعى
شهادتين الأولى للمخالفات والثانية للبيانات وكانت مغلفة كالكارنيه وبها صورتى
"لايف" من داخل المرور.
إعتقدت أننى بعد هذه العلقة الساخنة سأحصل
على مهلة طويلة قبل العلقة الثانية، على الأقل أتبين من خلالها ما إذا كان قد أصابنى
مكروه بفعل هذا الوقت الطويل من التزاحم و"التلاصق" الاجتماعى الإجبارى أم
لا، خصوصا أننى من الذين فرضوا على أنفسهم العزل الاختيارى مبكرا منذ ظهور إرهاصات هذا الفيروس اللعين، غير أننى فوجئت بشهادة البيانات المغلفة بصورتى وقد كتب علي أسفلها
بالخط العريض " تسرى هذه الشهادة لمدة اسبوعين فقط"، وعندما سألت قيل لى
أنك إذا لم تذهب للمرور التابع له محل سكنك الجديد خلال اسبوعين ستعاود نفس "العلقة"
من جديد برسومها وزحامها ومشقتها ومخاطرها.
اضطررت للذهاب إلى المرور التابع له محل
سكنى لأكرر بعدها بعدة أيام، نفس المخاطرة والزحام، قضيت 4 ساعات من الرعب ودفعت فى
الشبابيك أيضا وخارجها 1255 جنيها بخلاف الـ 665 جنيها التى دفعتها فى علقتى الأولى.
ومن وحى هاتين العلقتين، تبقى عدة أسئلة
تستوجب توضيحها والإجابة عنها من ذوى الشأن، أولا : لماذا لم تصدر الحكومة قرارا بمنح
أصحاب رخص القيادة المنتهية بأنواعها مهلة مثلا 6 شهور لحين انتهاء وباء كورونا مثلا؟
وإعفاءهم من غرامة التأخير، ولماذا يتم إجبار الناس على التزاحم وجعلهم عرضة للإصابة بالوباء القاتل بهذا الشكل؟
ثانيا: لماذا لا يتم تطبيق فكرة الشباك
الواحد بحيث يذهب المواطن ويسلم الأوراق ويدفع الرسوم دفعة واحدة ويستلم الرخصة فى
خمس دقائق بسهولة ويسر وبمنتهى الآدمية كما فى الدول الأوروبية بدلا من دوامة
"روح صور دى"، "إطلع بره المرور عند فلان ادفع الرسوم دى"، "روح
بقى هات الأوراق دى"، الى آخره من المشاوير والطوابير.
ثالثا : لماذا لا يتم تعليق منشور فى كل
إدارات المرور موضحا به الأوراق والمستندات والرسوم المطلوبة لكل معاملة وتكون مجاورة
لـ اللافتة الرائعة الموجودة "عزيزى المواطن .. لا تقدم للموظف أى رشوة، وتقدم
بشكواك لرئيس الوحدة فى حالة تعطيل معاملتك"، لكى يعرف المواطن المتعامل ماله
وما عليه بحيث يجهزها ويسلمها مرة واحدة بدلا من "مًشْوَرَته" فى عشرات المعاملات
والمشاوير؟
رابعا: لماذا يتم إجبار الناس على إضاعة
يوم كامل فى الزحام لإصدار شهادة مؤقتة بها صورهم وكأنها رخصة دائمة جديدة وبعد أقل
من أسبوعين يتم إلزامهم بتغييرها؟
خامسا: هل رسوم المرور فى المحافظات تختلف
عن رسوم القاهرة والجيزة؟ أم أنها موحدة على مستوى الجمهورية؟ سبب هذا السؤال أننى
على سبيل المثال دفعت فى شهادتى الباطنة والنظر 285 جنيها بينما سعرها فى مرور محافظتى
50 جنيها، أيضا كان أحد أقاربى كان قد أنجز قبلى بأيام قليلة بمحافظتى نفس المعاملة
بالتمام والكمال ودفع 165 جنيها فقط، غير أننى دفعت فى مرور محل سكنى القديم 665 جنيها
أى بزيادة عن بلدياتى 500 جنيه، وهذا لغز يحتاج لتفسير وتوضيح.
والحقيقة أننى فكرت أن أسعى لاسترداد هذا
المبلغ فربما حدث خطأ، غير أن المشقة والعذاب والبهدلة التى أيقنت أننى سأراها فى المرور
لا تساوي مليون جنيه من وجهة نظرى، فحتى لو كان هناك خطأ، فالله الغنى وحلال على الدولة
الـ 500 جنيه.
وهكذا يدفع المواطن المصرى 1920 جنيها
- أى الحد الأدنى للرواتب الذى يتباهون بزيادته - فى بند واحد فقط هو تجديد رخصة سيارته،
ولا نملك إلا أن نقول "لنا الله".