لماذا تتدخل مصر والإمارات في شئون ليبيا؟
هذا السؤال وجهه أحد القراء والأصدقاء الأعزاء، بعدما كتبت مقالا عن أردوغان وأحلام الإمبراطورية، متسائلا لماذا تتدخل مصر والإمارات في الشأن الليبي؟ ولماذا هذان الدولتان فقط هما من يتدخلان في شئون ليبيا؟
والحقيقة أنني بحكم
اطلاعي على ما يدور حولنا على الخريطة الدولية، عبر نافذة الأخبار التي أعمل عليها،
والتي أكسبتني معلومات وخبرات لا بأس بها في العلاقات الدولية، وجدتني أقول له:
من
قال لك إن مصر والإمارات فقط هما من يتدخلان
في شئون ليبيا بل إن الدول العربية كلها ربما تكون متأثرة بشكل أو بآخر بما يحدث في
ليبيا، إلا أنه بحكم تداخل الحدود المصرية الليبية وأحكام الجوار بين البلدين الشقيقين
إفريقيا وعربيا وبحكم التاريخ المشترك بينهما فإن ذلك ربما يكون هو سبب الاهتمام المصري
بما يحدث في ليبيا..
ناهيك عن التهديدات التي تمس البلدين في حالة عدم
تحقيق السلام والاستقرار في الدولة الشقيقة
والجارة، كما أنه لا يخفى على أحد أن الإمارات وهي الآن مركز قوة عربي إن لم يكن عسكريا، فماليا لها استثمارات في المنطقة تريد تأمينها والحفاظ عليها من أي عدوان أو اعتداء،
وهو الأمر الذي يدعوها للتدخل ليس في ليبيا وحدها بل في شتى مناطق الصراع في إفريقيا
حفاظا على استثمارات وتنميتها..
كما أنه لا يخفى على أحد في العالم أجمع ولا أقول العالم العربي فقط، طبيعة
الأطماع التركية في المنطقة بعد ثورات ما يسمى الربيع العربي التي رحبت بها تركيا منذ
قيامها، بل ودعت على لسان أردوغان في القاهرة إلى "علمنة الحكومات"، وهو
الأمر الذي صدم ما يسمى بالإسلاميين الذين كانوا ينظرون إلى تركيا كونها عاصمة الخلافة..
وكونها استطاعت بعد علمنة نظامها على يد كمال الدين
أتاتورك وإسقاط دولة الخلافة أن تستعيد بعض بريقها في الأوساط المحلية والدولية، والنهوض
من كبوتها الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق بعض النجاحات، التي شجعت هؤلاء على المطالبة
بتطبيق النظام التركي في أقطار الوطن العربي أو تجربته على الأقل..
كما أنه لا يخفى علي كل ذي عينين مناصرة تركيا للجماعات
الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وأشباهها في سائر الأقطار العربية، وسعيها
لتفتيت الأوطان وتقويضها، وتغيير الأمر الواقع بشتى الطرق، كما لا يخفى أيضا ماضي تركيا
في سائر البلدان التي كانت تابعة لها، وهو ماض زاخر بالمآسي والمخازي والخيبات..
ولا نحتاج جميعا
إلى التذكير بمساوئ ومهازل الدولة العثمانية في الوطن العربي، كما يعلم الجميع أيضا
أن تركيا تسعى حاليا لنفض الغبار عنها وتلميع قادتها وحكامها بل وحتى سلاطينها عبر
الميديا من خلال الترويج للمسلسلات التاريخية عن الدولة العثمانية وسلاطينها..
ربما بهدف إمتاع القارئ والمشاهد بهذه الحقبة التاريخية،
وتذكير الناس بها حسبما هو معلن، وربما يكون
الأمر ترويجا للحلم التركي في استعادة دولة الخلافة، وهو الأمر الذي تنظر له سائر الدول
العربية بعين الريبة والشك، خاصة أن الكثيرين منهم عانوا من ويلات ومساوئ ومظالم الأتراك
لذلك فإنهم يسعون إلى إيقاظ هؤلاء الحالمين وتنبيههم بأن الوقت قد فات وأن القطار قد
غادر المحطة.