تصريحات إثيوبيا المتضاربة
عندما يتحدث أحد الوزراء المسئولين عن قطاع من قطاعات الدولة بمعلومات في شأن قضية مصيرية تتعلق بآمال ملايين المواطنين فى أكثر من دولة بعد مفاوضات فاشلة استغرقت عشرات السنين دون جدوى. وعندما يتراجع الوزير فى اليوم التالى عن تصريحاته التى أذاعتها هئية الإذاعة (الرسمية) وأضعها بين قوسين لأن تلك الهيئات لا تصدر تصريحات من عندياتها. نجد أننا أمام أمر غريب.
أعلن وزير الطاقة والمياه أن التصريحات التي نسبتها له هيئة الإذاعة عن بدء
ملء السد فيها غير صحيحة. تصريحات الوزير أكدت أن الملء تم قبل التوصل إلى اتفاق
على قواعد الملء والتشغيل ، وهذا يعنى أن إثوبيا اتخذت قرارها دون أن تنفذ الاتفاق
الذي وقع بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.
وأنها تصر على أن تتخذ قرارات انفرادية، برغم عشرات التوصيات التى صدرت من دول العالم المؤثرة من الإقدام على تلك الخطوة التي لن يتوقف تأثيرها على الدول الثلاث وإنما على القارة الأفريقية كلها وربما ما هو أبعد من ذلك.
قطرة المياه تعنى بالنسبة للمصريين الحياة ، وهي تعتمد فى احتياجاتها من
المياه على نهر النيل والسودان سيتعرض لمخاطر عديدة فى حالة حدوث أية اهتزازات لجسم
السد.
التصريحات التي أدلى بها الوزير الإثيوبى ، حول بدء ملء الخزان، وأن الصور
التى أطلقتها الأقمار الصناعية حول السد دقيقة تثير العديد من التساؤلات : فهل هى
مجرد "بالون" اختبار يكشف عن ردود الأفعال المصرية والسودانية.. وعما
إذا ما كانت القضية ستعود من جديد إلى مجلس الأمن.. وأن مصر تتمسك بموقفها المبدئي
من عدم التنازل عن مطالبها، أم إنها رسالة طمأنة إلى الداخل الإثيوبى الذي شهد أحداث عنف في الأسابيع الأخيرة ، وكان على رئيس الوزراء أن يستعيد شعبيته التى
كادت أن تفقد بسب تلك الأحداث.
وجاء الرد المصرى سريعا ، طالبت الخارجية المصرية الحكومة الإثيوبية بتوضيحات عاجلة بشأن مدى صحة ملء الخزان، وجاء الرد الإثيوبي عبر السودان سريعا، أن إثيوبيا لم تتخذ قرار الملء وستواصل التفاوض مع مصر والسودان.
وسواء استهدفت تلك التصريحات المتضاربة استعادة الثقة فى الحكومة التى فقدت نسبة كبيرة منها أو أنها استهدفت تحقيق الوعود التي أسرفت في إعلانها بأن بالإمكان اتخاذ خطوات أحادية فى ملء الخزان، وفى الخطوات القادمة بما يتعارض مع الاتفاقيات السابقة، فالمسئولية الكاملة تقع على السلطة الإثيوبية.
زرعت السلطة الحقد الأسود في قلوب الإثيوبيين وادعت أن مصر تنعم بمياه النيل الذى يوفر للمصريين حياة رغدة بينما هم يعانون من الفقر. كما حاولت جذب الأفارقة في الخارج إلى جانبها بادعاء أن مصر البيضاء تعادى الأفارقة وتستولى على حقوقهم ، وهي فرية لا يوجد دليل عليها ، فمصر لم تعرف التفرقة على أساس اللون أو الدين أو الجنس.
وفى كل الأحوال أجاب الرئيس السيسي على مكالمة رئيس الاتحاد الأفريقى..
مصر لا تتنازل عن مطالبها المشروعة.. عن حياتها.