فرنسا الرائعة !
من بين أكثر دول العالم الكبرى شجاعة في مواجهة تركيا تقف فرنسا ماكرون بارزة ومعتدة وفخورة بدورها العالمي في الدفاع عن جنوب المتوسط وأصدقائها في مصر وتونس.
ويشعر المرء بسعادة وطمأنينة للتحول الواضح في السياسة الخارجية الفرنسية تجاه قضايا الشرق الأوسط، ليس فقط فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بل أيضا برفض الدور التركي الاستعمارى اللصوصي في شرقي المتوسط وفي ليبيا.
وليس سرا على الإطلاق أنه كان واضحا أن القاهرة وباريس وعواصم كبرى كانت على اطلاع ببنود إعلان القاهرة الذي أكد على الحل الليبي الليبي، وتفكيك الميليشيات، ووقف التدخل العسكرى التركي، وطرد المرتزقة، وأن سرت والجفرة خط أحمر بالنسبة للأمن القومي المصرى.
وفي كل إشارات الرئيس الفرنسي ماكرون ووزير خارجيته، بالمناسبه تم إبقاؤه في التشكيل الحكومى الفرنسي المزمع إعلانه، كان اسم مصر مقترنا بالدولة الصديقة.
وبالأمس تابع العالم
المعنى ببؤرة الإرهاب في طرابلس السراج مناقشات مجلس الأمن على الهواء عبر الفيديو،
وكان الموقف الفرنسى كاشفا وفاضحا لتركيا، وطالب المندوب الفرنسى المجلس المسئول عن
السلم والأمن الدوليين بدعم إعلان القاهرة ومؤتمر برلين.
اتهمت فرنسا البحرية التركية بنقل السلاح والعتاد إلى طرابلس ونقل آلاف المرتزقة، كما اتهمتها باستخدام إحداثيات حلف الناتو في عمليات عسكرية تخصها وحدها خارج الأراضي التركية.
والمعروف ان الاتحاد
الأوروبي سيناقش يوم الرابع عشر المقبل علاقات الاتحاد بأوروبا وتهديد تركيا لقبرص
وثروتها، وتهديد تركيا لجنوب أوروبا عبر المرتزقة المحتشدين في ليبيا. وهناك إشارات تذمر
وسخط فرنسى كبيرة تجاه وجود تركيا داخل الناتو مستغلة إمكاناته.. في مغامراتها.
الاسطى ترامب: العلم في الراس مش في الكراس !
الموقف الروسى أيضا كان شديد الوضوح، وكاد المندوب الروسي أن يقسم تقريبا أن ليس لبلاده قوات على الأرض في ليبيا.. وأنها تعمل مع تركيا لوقف إطلاق النار . و" تعمل " هو تعبير دبلوماسى، فأدوات الضغط الروسية على أنقرة كثيرة وثقيلة. كما استند المندوب في كلمته عن الحل السياسي في ليبيا إلى إعلان القاهرة الذي ألقاه الرئيس السيسي من نقطة الحدود المصرية الليبية.
بالإجمال فإن كلمات
الدول كلها رفضت التدخل الأجنبي والمرتزقة والسلاح الخارجي ودعت إلى استئناف التفاوض
لوقف إطلاق النار . من كلمات الوفود أنفسهم أن انقلاب الوضع العسكرى على الأرض لصالح
السراج بتأثير التدخل التركي هو سبب تعنت السراج. وهناك إشارات أيضا إلى أن حفتر كان رفض
وقف إطلاق النار حين كانت الأوضاع لصالحه حول طرابلس . هو الآن مستعد للتوقيع فورا.
نقول هذا لتوضيح
المواقف.
في كل الأحوال، فإن
وزير الخارجية سامح شكرى كان قاطعا بأن مصر لن تقبل تهديد أمنها القومى.
هل تتحول كلمات ومواقف
الدول في مجلس الأمن إلى قرار ملزم؟ هل ستتوقف تركيا عن نقل المرتزقة والأسلحة واستنزاف
المركزي الليبي لصالح الاقتصاد التركي والشركات التركية؟ العالم يدين. لا تكفي الإدانة.
المهم التحرك.
الأزمة الليبية أبرزت اقترابا كبيرا في السياسة الخارجية للدولة الفرنسية من الحقوق المصرية والعربية، ونتمنى البناء على هذه القاعدة الدبلوماسية وتطويرها وتوسيع رقعتها.
ما كان هذا ليتحقق إلا لشرف واستقامة التناول المصرى للقضايا، ووضوح الرؤية، وقوة الحجة، والاستعداد القتالى. بغير القوة العسكرية.. يوصف كل ما سبق آنفا باللغو.. والمناشدات.. والعالم لا
يحترم الضعفاء.