رئيس التحرير
عصام كامل

الاسطى ترامب: العلم في الراس مش في الكراس !

قلب الرئيس الأمريكي موازين العلم والعمل في الولايات المتحدة ، واختار أن يأخذ بمقولة الزعيم عادل إمام : العلم في الراس مش في الكراس ، والعلم لا يكيل بالبتنجان!


ليس ما ذكرته مزاحا بل هو قرار تنفيذي وقعه على الملأ ، أمام كاميرات أمريكا ومن بعدها العالم ، ليعلن رئيس أمريكا أن المهارة أساس التعيين. وليعلن أن الشهادة مهما كانت المدرسة أو الجامعة التى تخرجت فيها مهما كان اسمها مشهورا لم تعد المسوغ المقبول للالتحاق بالحكومة الفيدرالية.


والحقيقة أن هذا التوجه يتفق تماما مع شخصية بمواصفات الرئيس الأمريكي الذي يؤمن فقط بجودة النتائج المطلوبة. فهو يقتنع بالماهر البارع القادر على تحقيق المطلوب . لا يحتاج إلى منظرين ولا متعلمين متعالين ولا دكاترة. يحتاج إلى الصنايعي .

 

صورة الصحفى وفلوسه!


من المفارقات أن هذا الفكر كان السائد في مصر قبل ثورة الثالث والعشرين من يوليو ، وبعد إتاحة التعليم المجاني ، انقلبت النظرة الاجتماعية إلى ألقاب الاسطى والمعلم..

 

وصار الطموح الاجتماعي العام الالتحاق بالجامعة، والتخرج حاملا بكالوريوسا  أو ليسانسا والحصول على لقب أستاذ وباشمهندس ودكتور. مع تراكم الخريجين انطفأ الانبهار المجتمعي بحامل الشهادة، ودخلت مصر على عصر سطوع الزبال، والمخلصاتي، والديدان النشطة سياسيا..

 

أما طائفة الاسطوات من سباكين ونجارين وميكانيكية ومبلطين ونقاشين ونجارين الباب والشباك ونجارين المسلح.. وسواقين وعربجية وتكتجية فإن المجتمع هروبا من ذاته وهويته القديمة الملتبسة قرر أن يطلق علي هؤلاء وبجوارهم خريجو الكليات حاملو الشهادات اسم: هندسة!

 

كرة النار التى تتدحرج إلي بيتك !


ماشي يا هندسة. تمام يا هندسة. تسلم يا هندسة . معلم يا هندسة. الله ينور يا كبير!


اختزل المجتمع قيمة الشهادة واعتبرها تأشيرة مرور للزواج من بنات الطبقة المتوسطة التى بدورها هبطت نحو الباشمهندسين الجدد المشار إليهم اعلاه.
سبقنا نحن ترامب إذن بثلاثة عقود تقريبا منذ مدرسة المشاغبين للراحل على سالم، ومنذ صرخة " انتبهوا ايها السادة" دور العمر للنجم محمود ياسين ومعه حسين فهمى.. محمود زبال غنى.. وفهمي استاذ جامعى.. ينافسه الزبال على قلب حبيبته! مأساة كوميدية بحق.


لا تتخيلوا علامات البهجة والحسم التى وقع بها ترامب امره التنفيذي قائلا إن الشهادات انتهت والمهارات هى الشهادة الوحيدة المقبولة. قال: "من أجل توسيع الفرص سأقوم باتخاذ اجراء قوي لاعادة تشكيل قوة العمل البشرية في القطاع الفيدرالي اليوم.

 

سأقوم بتوقيع قانون لإعادة تشكيل طريقة توظيف وهيكلة التوظيف بالقطاع الحكومى القائم علي الشهادات العلمية واستبداله بالتوظيف بالمهارات. نريد أن تكون الحكومة الفيدرالية قائمة على المهارات . ولن يكون التركيز بعد الآن على أي جامعة قمت بالدراسة فيها ، بل ستكون المهارة والموهبة هى مسوغ توظيفك، ونري ان تكون تلك المهارة موجودة."

 

الدواء الروسي الجاهز!

 

معنى ما سبق أن الحكومة الفيدرالية لن تعطى الاولوية لحامل الشهادة من هارفارد مثلا ، لو توفر لها شخص ماهر في التخصص المطلوب وليس جامعيا!

انقلاب في قيم الجدارة والاستحقاق. بالطبع ينظر الأمريكيون بأسى الى طريقة تفكير رجل الاعمال والمال الذي يدير العالم بطريقة كبير الاسطوات.


المهارة والموهبة مع العلم.. ثلاث قوى للتكامل الاجتماعي والنضج الاقتصادى والسياسي. مهارات بدون علم قصور في الرؤية الشاملة. علم بدون مهارات.. عقول محنطة.


الجريدة الرسمية