الكلمة نور
الكتابة بالنسبة لى هي أحد مظاهر استمرار الحياة، مثل التنفس وتناول الطعام والشراب، لذلك منذ بدأت ممارسة الكتابة وأنا حريص على عدم التوقف عنها.. حتى إننى واظبت على الكتابة وأنا أمر بظروف شديدة الصعوبة في حياتى، بل إننى كتبت من فوق سرير بالمستشفى، بعد إجراء جراحة كبيرة ودقيقة.
لقد كنت أرى طوال حياتى أن هناك ما يستحق الكتابة عنه، بل يتعين الكتابة عنه، خاصة وأننى منذ أن أدمنت الكتابة وأنا أكتب ما أنا مقتنع به ومؤمن بصحته، غير مكترث بأن يغضب ما أكتب بعض الناس.. وساعدنى على ذلك قناعة اكتسبتها خلال العمل في بلاط صاحبة الجلالة بأن الصحفى يمكنه أن يكتب في أي موضوع، وعن أي أمر حتى ولو كان هناك آخرون يرونه من المحاذير!
لكن رغم كل ذلك فإن الكاتب يأتى عليه وقت يعانى ويحتار كثيرا في اختيار ما
يكتب عنه.. أحيانا لكثرة ما يحض على الكتابة عنه.. وأحيانا أخرى العكس لعدم
وجود ما يستحق الكتابة عنه، بعد أن كتب كثيرا عما هو مثار..
وأحيانا ثالثة لإحساس ينتابه حول جدوى الكتابة أساسا، وهو إحساس صعب، خاصة وأن المجتمعات لا يكفى إصلاح أحوالها مقال أو حتى مجموعة من المقالات.. إنما هي تحتاج لإلحاح في الكتابة حول ما تحتاجه أحوالها من إصلاح.
ومثلى كأى كاتب عانيت من حيرة اختيار ما أكتب عنه، ومن نضوب ما يستحق الكتابة عنه مجددا.. لكن تجاوزت دوما هذه الحيرة واخترت أن أكتب ما أنا مقتنع به وأتوجه به إلى كل الناس في بلادى.. وأحمد الله أننى لم أعانى طوال سنوات عمرى في الكتابة من الإحساس الذي انتاب البعض حول جدوى ما يكتبون..
فأنا أعى أن هناك جدوى وتأثير لكل كلمة تكتب وتقال، سواء كانت طيبة أو خبيثة، وإن لم يظهر هذا التأثير أو تتبين هذه الجدوى فورا.. فالكلمة دوما نور.. لذلك سوف أستمر في الكتابة طالما أنا قادر على الكتابة.. وأرجو أن يفعل ذلك كل من تعبر كلماتهم عن قناعاتهم.