رئيس التحرير
عصام كامل

فى حماية فيروس كورونا !

مبكرا بعد أن بدأ فيروس كورونا يغزو العالم، إنشغل البعض فى البحث عن التغيرات التى سيشهدها العالم بعد انتهاء المواجهة العالمية مع هذا الفيروس القاتل سريع الانتشار، والتنبوء بأحوال عالمنا بعد كورونا، وبشكل النظام العالمى الجديد والقوى العظمى الصاعدة والهابطة..

 

لكن هناك من إنهمك بأن يحدث تغيرات فعلية على الارض تحقق أطماعه، مستغلا انشغال العالم بدوله الكبيرة والمؤثرة بالمواجهة التى فرضها عليها ذلك الفيروس التاجى الذى صنع للبشر جائحة عالمية اصابت الاقتصاد العالمى بأزمة ركود عميق تفوق فى حدتها طبقا لتقديرات صندوق النقد الدولى أزمة الكساد العظيم فى ثلاثينات القرن الماضى..

 

خاصة وإن هذه المواجهة كانت شديدة الصعوبة وإحتاجت حشدا وتعبئة لقدرات وامكانيات الدول الصحية والاقتصادية أيضا، ويقظة وإنتباها مستمرا بتطوراتها ونتائجها وتداعياتها، فى ظل نقص عالمى فى المعلومات المتعلقة بهذا الفيروس، بل وتضارب هذه المعلومات الذى عانت منه جهات علمية ومتخصصة كان من بينها منظمة الصحة العالمية التى تراجعت عن العديد من المعلومات التى روجتها عن هذا الفيروس التاجى.

 

اقرأ ايضا: إثيوبيا تختار معاداة المصريين

 

ورغم إن هؤلاء يشاركون بقية دول العالم معاناتها من أزمة كورونا الصحية والاقتصادية، إلا إنهم إستغلوا الانشغال العالمى بتلك المواجهة الصعبة مع ذلك الفيروس التاجى ليقوموا بأعمال ويتخذوا مواقف تمكنهم من تحقيق أطماعهم التى جاهروا بها من قبل..

 

فقد كان السعى لتحقيق هذه الاطماع أهم لديهم من السعى لتوفير حماية أكبر للناس فى بلادهم من هذه الجائحة التى لم  تحصد فقط أرواح عشرات الآلاف من البشر، وإنما أظهرت ايضا عجز العديد من الأنظمة الصحية فى دول كانت تتباهى بقدراتها الصحية، عن توفير العلاج لمن اصيبوا بهذا الفيروس المستجد سريع الانتشار، ولذلك رغم الاجراءات الاحترازية إنتشر وتفشى فى معظم دول العالم!

 

وفى منطقتنا تحديدا ومع بداية إنشغال العالم بخطر ذلك الفيروس المستجد والمجهول شاهدنا كيف قررت اثيوبيا فجاة الانسحاب من الجلسة الأخيرة من مفاوضات واشنطن، وهى الجلسة التى كانت مقررة للتوقيع على مشروع اتفاق حول تشغيل سد النهضة وهو ما يلزمها به إعلان المبادىء الذى وقعته مع مصر والسودان عام 2015 ..

 

اقرأ ايضا: أخطر أيام سد النهضة !

 

لتستمر مجددا فى مراوغاتهم التى طالت لسنوات حتى تحقق اطماعها القديمة الخاصة بالتحكم فى مياه النيل الأزرق، وكأنه أحد ممتلكاتها الخاصة، وليس نهرا لكل الدول المطلة عليه حقوقا متساوية فيه، لا فرق بين دول المنبع ودوّل المصب..

 

ورغم إن اثيوبيا أعلنت لتبرير انسحابها المفاجىء من جلسة التوقيع على مشروع الاتفاق إنها تحتاج لإعادةَ بحث بعض الامور الخاصة به مع فعاليات داخلية، إلا إنها احتاجت لنحو أربعة أشهر حتى تعود إلى مائدة المفاوضات مجددا، وعندما عادت مارست مراوغاتها السابقة ولكن بشكل صريح !

 

اقرأ ايضا: خبير لا يعلم شيئا !

 

وذات الشىء، اى استثمار انشغال العالم بمواجهة جائحة كرونا، فعلته تركيا التى سعت علنا لتغيير موازين القوى على الارض فى ليبيا، من خلال إرسال قوات وأسلحة ومعدات عسكرية، وإيفاد الآف المرتزقة والارهابيين وإدارة المعارك العسكرية الدائرة فيها.. وقد تحقق لها ما أرادت لإنها لم تجد، كما قال الرئيس الفرنسي ماكرون من يمنعها من القيام بذلك..

 

سواء بإعتراض سفنها المحملة بالسلاح التى لم تتوقف طوال الشهور الماضية عن تزويد المليشيات به، أو بفرض عقوبات عليها لإنها خرقت قرار دولى بحظر توريد سلاح إلى ليبيا!..

 

وهكذا وضع الرئيس الفرنسي يده على السبب الحقيقى لانهماك البعض فى تحقيق اطماعهم، وهو السكوت دوليا على ما يقومون به !

 

الجريدة الرسمية