رئيس التحرير
عصام كامل

شهيدة الميم !

حالة رثاء شبه جماعى من بعض منتسبى اليسار فى مصر، انضم إليهم كثير من الليبراليين والعلمانيين وأدعياء التنوير.. الرثاء كان لشخصية لم يعرف عنها يوما أنها ناضلت من أجل الفقراء أو الأغلبية المطحونة، أو سعت لتثقيف المهمشين ولفت الأنظار لمن حرموا حق التعليم أو حق الحياة..

 

فتاة لم يُعرف عنها يوما إبداعا ثقافيا أو جهدا مجتمعيا أو مشاركة إنسانية فى أى مجال.. عفوا، لقد فعلت أكثر من هذا، ناضلت وجاهدت وأكملت السعى المشكور لحملها علم الشواذ، أو ما يعرف بعلم قوس قزح أو rainbow وهل هذا قليل عند من تمثلهم، أو من يدافعون عنها الآن لأنها تمثلهم، إن لم يكن من الناحية البيولوجية والفسيولوجية المشوهة إراديا، فهى على الأقل تمثلهم أخلاقيا أو فى حبهم لنشر كل انفلات خلقى قبيح قمىء مقزز عفن منحط !

 

بدأت الحكاية منذ فجر يومين، عندما قام حزب (تحت التأسيس) بإصدار بيان شديد الوقع، لكنه مبهم نوعا ماء، فى رثاء فتاة مصرية مهاجرة لكندا، قامت هذه الفتاة بالانتحار نظرا لظروف نفسية مرت بها ولخواء دينى حيث إنها ملحدة، وإلى هنا كان الجميع يترحم عليها، مثلما نترحم إنسانيا على أى إنسان يفارق الدنيا ويذهب لخالقه..

 

اقرأ أيضا: أبحاث للبيع!

 

لكن ما أثار الناس العاديين وغير التنويريين أنهم وجدوا أن البيان يصف الراحلة المنتحرة بأنها مناضلة من أجل (الميم) وأنها مجاهدة (كويرية).. بالقطع لم يعلم أغلب من قرأ الرثاء مدلول الكلمتين، اللذين نشرهما الحزب المحترم تهربا من الفضيحة الأخلاقية التى ربما استشعروها وهم يكتبون رثاء في مجاهدة ومناضلة من أجل الشواذ أو ما يطلقون عليهم تجميلا للقبح (مثلية جنسية)..

 

وتساءل البعض هل هذا حقيقى، خاصة أن رئيس هذا الحزب مرشح رئاسى سابق كان يستهدف أصوات شعب أغلبه يرفض هذا التقزز المسمى بالمثلية، بل ويطلقون على من يقوم بهذا الفعل القبيح لفظا مسيئا لا يفارق صاحبه أو صاحبته، ليس فقط لأسباب دينية بحتة بل لأسباب أخلاقية ونفسية تشعرهم بالتقزز وهم محقون بالطبع !

 

مناضلة كويرية

أما عن اللفظ الأكثر غرائبية وهو (كويرية) فهو يرجع لكلمة queer باللغة الإنجليزية ويعنى فى أصله بالغريب أو الغريبة، ولكنهم أيضا تعمدوا إساءة فهم مدلوله فلم يترجموه وفقا لمعناه الأصلى وعربوه ومصروه حتى لا يفهمه العامة فيشعرون بالإغتراب عمن يقوم بهذا الفعل المشين، والذى كان قد تسبب فى القبض على هذه الفتاة بسبب رفعها لعلم الشواذ فى حفل عام فى القاهرة فى عام 2017 تحت اسم مشروع ليلى..

 

اقرأ أيضا: ليته كان عربجيا!

 

وهنا كانت محاولة استغلال الحدث وكأن صاحبته قُبض عليها كمناضلة سياسية من أجل الحريات، والتى يعتبرها الجميع فى الغالب حرية رأى لا حرية الإعلان عن هدم قيم المجتمع، والتى حتى بالمفهوم الديموقراطة مستهجنة ومرفوضة بالأغلبية الكاسحة!

 

العلمانية والحداثة بمفهوم جديد !

شعر كثير من المتابعين لهذه الحالة الجديدة على المجتمع المصرى والعربى، بأن كلام اليمين الدينى عن أن العلمانية والحداثة، ما هما إلا قرينتان لحاله من العدمية الأخلاقية والانحلال المزرى الذى يقوض كل القيم الراسخة المتبقية فى المجتمع المصرى والعربى عامة، وأن الأمر يبدو منظما ويمثل تهديدا واضحا لثوابت المجتمع تحت دعاوى الحرية المطلقة..

 

مما أدى ذلك لظهور مفردات دينية فى المقابلة من أناس علاقتهم بالدين بسيطة للغاية ولكنهم شعروا بأن الهوية التى عاشوا وتربوا بها وعليها باتت مهددة!

 

اقرأ أيضا: روائع الخيانة في السينما المصرية (1)

 

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل انفلت ليظهر طائفة تميع الدين وتدعى أن الإنسان الملحد الذى لا يؤمن بالله، هو فى حقيقته أفضل من الذين يؤمنون بالله ويقيمون دينه، بل إنهم كادوا أن يصفوها بالشهيدة، لولا أن لفظ الشهادة لفظ دنى رجعى متخلف لا يتوافق مع تقدميتهم، أما من يلتزمون بقليل من القيم الدينية فهم متطرفون..

 

ربما لانهم ليسوا كيوت ولطاف ومتسامحين مثل من يمارسون الشذوذ ويرتكبون الموبقات ويروجون لها، ربما لأنهم ليسوا أصدقاء لهم على صفحات التواصل، ربما ليسوا من ألتراس الرينبو المقدس الجديد.. ربنا يرحمنا

fotuheng@gmail.com

 

 

الجريدة الرسمية