الحكومة وأزمة النقد الأجنبى !
خلال ثلاثة أشهر فقدت مصر نحو ثلث احتياطياتها من النقد الأجنبى.. بعض هذا المبلغ احتجناه لتدبير قدر من احتياجاتنا من الخارج، خاصة من الغذاء، ولذلك لم نعان أية أزمات فى السلع الغذائية منذ اندلاع أزمة كورونا..
لكن أغلب هذا المبلغ فقدناه نتيجة خروج مستثمرين أجانب فى البورصة وفى سندات خزانة دولارية، وتحويلهم أموالهم للخارج، وهى الأموال التى كانت أحد الأسباب الأساسية فى زيادة احتياطيات النقد الأجنبى خلال العام الماضى وبالتالى ارتفاع قيمة الجنيه المصرى، وهو ما يجب أن ينبهنا إلى أهميةَ أن يكون لنا مستقبلا موارد حقيقية من النقد الأجنبى مصادرها فى أيدينا وليست فى أيدى غيرنا، مثل الأموال الساخنة غير المضمونة.
اقرأ أيضا: رب ضارة نافعة!
لكن قبل ذلك وخلال انخراطنا فى تلك الأزمة الاقتصادية التى جلبها إلينا نحن وغيرنا فيروس كورونا المستجد يتعين على الحكومة أن تقوم بواجبها لتخفيض نفقاتنا من النقد الأجنبى، من خلال تخفيض ما نستورده من الخارج ولا يعد ضروريا أو أساسيا الأن بقرارات وإجراءات اقتصادية وليست إدارية، مثل كميات هائلة من السلع التى يتم استيرادها من تركيا والصين.. لقد قام البنك المركزى بما يملكه من أدوات بدوره فى هذا الصدد والآن الدور على الحكومة.
نعم لقد سارعت الحكومة باتخاذ إجراءات احترازية مهمة استباقية للحفاظ على معدل نمو اقتصادى إيجابى، وهو أمر يحسب لوزيرة التخطيط دكتورة هالة السعيد وفريق خبراء التخطيط الذى يتعاون معها.. لكن ترشيد وارادتنا من الخارج صار ضرورة أساسية الآن، وهذا الترشيد يجب أن يشمل حتى ما ننفقه فى بعض مشروعاتنا حاليا..
اقرأ أيضا: الفيروس وانقلاب القيم
حتى لا نفاجأ بنزيف لاحتياطياتنا من النقد الأجنبى، والذى سوف يتبعه انخفاض جديد فى الجنيه وارتفاع فى معدل التضخم، وهو ما سيعرض قطاعات واسعة من الناس مجددا لمعاناة لا قبل لهم بها، سوف يستثمرها من يتربصون بِنَا سياسيا الآن.
فلتجمع الحكومة خبراءها الأن وتبحث بشكل تفصيلى ما نستورده الآن وما نستطيع تأجيل استيراده وتتخذ ما يلزم من قرارات.. وأيضاً تفعل ذات الشىء مع صادراتنا لتزيد ما يمكننا زيادته منها الآن.
إننا حتى الآن اقترضنا من الخارج أكثر من ثلاثة عشر مليار دولار، سواء بطرح سندات خزانة دولارية أو من خلال صندوق النقد الدولى، وبالطبع لا يمكننا أن نمضى فى الاقتراض من الخارج بذات هذا المعدل، وحتى إذا كنّا نستطيع فإنه من الصعب أن نجد مقرضين مستعدين للتوسع فى الإقراض إلا إذا زادوا من شروط القروض، ولذلك الأفضل لنا ان نتصرف بشكل مختلف، أى نمد أقدامنا بما تسمح به ألحفتنا!