وصفات فيسبوكية
داهمتنى آلام الأسنان الرهيبة التى كان يصعب تحملها، الوقت متأخرا، نزلت إلى الصيدلية أسفل منزلى، كى أشترى أى مسكن إلى أن أستطيع الذهاب إلى طبيب الأسنان، وكنت أرتاح نسبيا على نوع معروف يباع فى كافة الصيدليات، إلا أنه وللمرة الأولى تقال لى العبارة الشهيرة ردا على سؤالى عن هذا الدواء المنتشر جدا: "الدوا ده ناقص".
من المعروف أن هذا الدواء يستخدم كمسكن وخافض للحرارة وموجود تقريبا فى كل بيت وفى كل حقيبة لزوم الطوارئ مثل الصداع وألم الأسنان المفاجئ، إلا أن صدمتى كانت حين أخبرنى صديقى الصيدلى أن هذا الدواء مسحوب لأن الناس"هجمت عليه" نتيجة الروشتات المنتشرة على الإنترنت والفيس بوك حول توليفات طبية مكونة من عدة أنواع من الأدوية يقال إنها تستخدم داخل مستشفيات العزل لعلاج فيروس كورونا المستجد!.
سألت الصديق وأنا أعلم مدى صدقه وأمانته: كيف يتناول الناس مجموعة أدوية بهذه المكونات من تلقاء أنفسهم، دون استشارة طبيب، فأجابنى بأن رعب الناس من "كورونا" دفعهم لسحب كميات من تلك الأدوية وتخزينها.
اقرأ أيضا: أولاد الناس
فى اعتقاد الغالبية منا أنه إذا ظهرت الأعراض فمن الممكن البدء فى التعامل الفورى من خلال "روشتات الإنترنت" و"وصفات الفيس بوك"، و"نصائح التيك توك"، دون أدنى دراية بحالة كل مريض، هل تناسبه تلك الأدوية أم لا، وهل تتعارض مع أخرى يتناولها أم لا، وما هو التاثير المفترض لهذا الكوكتيل أو تلك الخلطة العشوائية على حالته.
كميات هائلة من المسكنات وأدوية نزلات البرد والفيتامينات، تم سحبها بهدف التخزين المنزلى أو التجارى، نتيجة وصفات مجهولة تنسب إلى كاتبها "منقول"، أو تنسب إلى صور وثائق مشكوك فى صحتها ممهورة بختم أحد المستشفيات الكبرى، ومن صفحة لأخرى يختلف الدواء وتختلف طريقة العلاج.
اقرأ أيضا: أخلاقيات المواطن أثناء الأزمات
نعم جميعنا فى حالة ترقب ونسأل الله السلامة لنا ولأسرنا جميعا من هذا الوباء، ولكن العلاج عن طريق وصفات الإنترنت لا يناسب كل حالة مرضية، كما أنه تجرى لحالات الاشتباه، آشعة وفحوصات مخبرية تبين طبيعة الحالة بدقة ومدى احتياجها إلى أى نوع من الأدوية أو البروتوكولات العلاجية تحت إشراف طبي مباشر.
مثلما فعل الناس سابقا مع دواء "البلاكونيل" الخاص بمرضي الروماتويد، وتم سحبه من الأسواق، تحت بند أنه يعالج "كورونا"، ووضعوا هؤلاء المرضي فى مشقة بالغة من أجل العثور على شريط واحد منه، يتسابق الناس بسحب مسكنات الآلام ونزلات البرد والفيتامينات بلا داعى، وهى التى ربما يكون غيرنا أحوج منا إليها وقد لا ينام الليل من الم ضرس وهو يحتاج قرص دوء مُخزنا من الموجودين فى دولاب أحدنا..
فلنحكم العقل والمنطق.. وقانا الله وإياكم شر الأوبئة والأمراض وألم الأسنان البشع.