أخلاقيات المواطن أثناء الأزمات
منشور قرأته عبر صفحة أحد الأصدقاء على موقع التواصل "فيس بوك"، أثار غضبي كونه يعبر عن استغلال بعض معدومى الضمير للأزمات والمنحنيات الصعبة التى تمر بها الدولة المصرية، للتربح منها على حساب الآخرين وعلى حساب منظومة الاقتصاد القومى التى تسعى لحفظ المقومات المعيشية للمواطن وخاصة فئة العمالة غير المنتظمة.
يتحدث المنشور عن إحدى الفتيات التى استغلت منحة الدولة للعمالة غير المنتظمة فى شراء كريمات للبشرة، على سبيل الرفاهية والتجميل وليس العلاج، بل والتباهى أمام صديقاتها بأن تلك المشتروات من نقود منحة الدولة!.
اقرأ أيضا: ريشة فىى مهب الريح
لم تدخر الحكومة جهدا من اللحظات الأولى للتخطيط لإدارة أزمة فيروس كورونا وما صاحبها من إجراءات لمنع تفشيه، فى وضع المواطن البسيط ذى الاحتياجات المعيشية والدخل غير المنتظم، على قائمة أولوياتها، من خلال منحة قررها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقيمة 500 جنيه تصرف لكل أسرة على مدار ثلاثة أشهر متتالية بدأت من إبريل الجارى، لجميع المتضررين الذين فقدوا أعمالهم اليومية ولا يقدرون على مواجهة صعوبات الحياة.
اقرأ أيضا: حديث القلوب
وأكد الوزير محمد سعفان، وزير القوى العاملة، أن مليوني مواطن تقدموا للحصول على تلك المنحة وتم اختيار مليون ونصف مستحق فقط بعد تدقيق البيانات واستبعاد نصف مليون غير مستحق.
ولكن هناك كثيرين ممن تقدموا للمنحة لا توجد لهم بيانات تجارية أو وظيفية أو ملفات مسجلة لدى الدولة، ومنهم أصحاب عقارات، وورش كبرى، وغيرهم.
طلب منى أحد المعارف أن أسجل اسم شقيقه بهدف الحصول على تلك المنحة، وسألته عن السبب فى هذا وأنا أعلم أن شقيقه هذا تحديدا صاحب ورشتين كبيرتين لسمكرة السيارات ولم يتأثر بتداعيات الفيروس، ويتمتع بوفرة مالية كبيرة تجعله فى غير حاجة لنقود المنحة التى ربما يحتاجها غيره لإقامة حياته وإطعام أولاده، فكان رد الصديق: "اللى ييجي من الحكومة أحسن منها"، وهو ما دعانى لرفض مطلبه بشدة، وتحذيره من تسجيل شقيقه وأن عليه أن يتقى الله ولا يأخذ ما لا يستحق وأن عليه أن يتركه لمن يستحق.
اقرأ أيضا: إرهابيو الأزمات
قس على ذلك العديد من الحالات التى لا تستحق، وقد بذلت الدولة جهودا كبيرة فى التقصي والتحرى وتنقية كشوف المتقدمين، ولكن يأبى معدومو الضمير إلا أن يمارسوا التحايل واقتناص أى مكسب حرام يلهب جوفهم وجوف أسرهم.
نحتاج بشدة إلى إعمال الضمير خلال الأزمات القومية، ومقابلة الإجراءات الحكومية بنوع من الالتزام والتعاون على إنجازها، إلى أن تمر أى أزمة بسلام، وفى كافة سلوكيات حياتنا، فلن يغير الله ما بنا حتى نتغير من داخلنا، وقد فعلت الحكومة كل المستطاع فى سبيل حماية المواطن من تبعات تلك الأزمة، أفلا تستحق أن نساندها بضمير وحس وطنى خالص، بعيدا عن الانتهازية والفهلوة.