رئيس التحرير
عصام كامل

حتى مرور العاصفة

يدرك الجميع حجم التحديات وصعوبة المسئوليات الملقاة على عاتق الدولة في إدارة أزمة كورونا.. لكن هذا لا ينفي ضرورة أن تتحقق وزارة الصحة من مدى دقة بعض الفيديوهات والتدوينات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تتناول شكاوى من بعض الأشخاص تتعلق بعدم حصولهم على رعاية طبية مناسبة بعد إصابتهم بفيروس كورونا..

 

واحدة من هذه الفيديوهات جاءت لسيدة في المعادي قالت خلال فيديو منشور عبر فيسبوك بأن زوجها أصيب بالفيروس وتسبب هذا في إصابتها مع أطفالها لملازمتهم له بالمنزل.. وخلال الفيديو أوضحت بأن أسرتها تتعرض لسوء معاملة من جيرانهم تتمثل في حصارهم ومحاولة طردهم من شقتهم..

 

فتبعًا لروايتها قطع الجيران المياه والكهرباء عنهم كما يمتنع السوبر ماركت أو الصيدلية عن إحضار الطعام أو الدواء للمنزل خوفًا من الإصابة..

 

هذه القصة إذا صدقت فإنها تحمل في طياتها "سقطة أخلاقية" لكل من شارك في "التنمر" وسوء معاملة مرضى كورونا سواء هؤلاء الذين تجمهروا أمام العمارة رافضين دخول الأسرة لمنزلهم بعد عودتهم من المستشفى أو من قرروا منع وصول الأدوية والطعام لهم..

 

اقرأ أيضا: مشاهد حول كورونا

 

"كورونا" ليست مرضت أخلاقيت يصيب صاحبه بالعار لكنه وباء يمكن أن يصيب أي شخص كما أن اتخاذنا للاحتياطات الوقائية ليس معناه التعدي على مرضى كورونا أو محاصرتهم أو محاولة طردهم من منازلهم أو رفض دفنهم كما رأينا من تصرفات همجية في وقت سابق..

 

أصحاب هذه التصرفات المسيئة يهيلون بأفعالهم التراب على تضحيات آخرين يحاربون الوباء عبر أعمال بطولية في رعاية المرضى أو تقليل حدة انتشار المرض..

 

على الجانب الآخر فإن علينا أن نسأل وزارة الصحة عن مدى قدرتها على متابعة المرضى المعزولين منزليًا وذلك وفق المنظومة الإلكترونية التي أعلنت عنها الوزارة مؤخرًا..

 

والتي أقترح أن تشمل هذه المنظومة متطوعين على الأرض يتولى كل واحد منهم أحد الأحياء أو المناطق السكنة لخدمة الحالات المعزولة بها، وذلك لضمان إيصال الطعام والأدوية وأدوات التعقيم اللازمة للأسر المعزولة منزليًا بشكل دوري، في حال عدم قدرتهم على الحصول عليها بالطرق التقليدية أو امتناع المحلات عن إيصال الطلبات لهم –كما حدث في الحالة المشار إليها-.

 

اقرأ أيضا: مدرسة السوشيال ميديا

 

ويمكن أن يتم سداد قيمة هذه المشتريات بشكل إلكتروني أيضًا بحيث يسدد المريض قيمة مشترياته التي يقوم هذا المندوب بإيصالها له على باب منزله، دون اتصال بينهم أو خوف من نقل للعدوى وذلك حتى لا يتعرض مرضى آخرين معزولين في منازلهم لهذا النوع من الحصار..

 

ولعل في هذه الأزمة نجد فرصة جديدة للتعبير عن التكاتف بين الجميع.. مثلما يتكاتف البحارة لإنقاذ سفينتهم من العاصفة التي تهددها بالغرق فلا مكان وقتها لشخص يتخاذل عن تقديم المساعدة..

 

في 11 أبريل الماضي وفي نفس هذه المساحة كتبت مقالًا بعنوان (مشاهد حول كورونا) اقترحت خلاله خصم نسبة مئوية صغيرة من الراتب الشهري لموظفي القطاع العام والخاص لتوجيهها للارتقاء بالمستشفيات المخصصة للعزل..

 

لذلك أسعدني أن أجد هذا المقترح وقد تمت ترجمته إلى مشروع قانون أعلنه مجلس الوزراء قبل أيام بشأن المساهمة التكافلية لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد..

 

اقرأ أيضا: فى مواجهة كورونا

 

وما أشير إليه ليس معناه أن صانع القرار قد التفت بالضرورة إلى هذا المقال.. ولكن المقصود بأن هذا المقترح قد جاء متضمنًا ما أظنه محاولة لتشارك مسؤولية التصدي لهذا الوباء على الجميع..

 

وإنني في هذا المقال أيضًا أتمنى أن تنظر وزارة الصحة إلى مدى حاجتها إلى تنفيذ المقترح المتعلق بتدريب متطوعين مخصصين للأحياء والمناطق السكنية المختلفة بغرض تولي بعض المسؤوليات تجاه المرضى المعزولين منزليًا..

 

لعل الوزارة تجد في هذا المقترح فرصة لتخفيف العبء عنها من جانب، بالإضافة لكونها فرصة للتكاتف بين الجميع حتى مرور العاصفة.

 

الجريدة الرسمية