صراع الوزير وأصحاب اللحى في رمضان.. "جمعة" يعوض خطبة الجمعة باللقاءات الإعلامية.. و"فيس بوك" و"يوتيوب" أسلحة «الأوقاف» للسيطرة
قرار إغلاق المساجد وتعليق صلاة الجُمع والجماعات، الذي اتخذته حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، على خلفية تفشى وانتشار فيروس كورونا، والذى يتوقع أن يستمر في شهر رمضان وبالتالي إلغاء صلاة التراويح أيضا دفع وزارة الأوقاف إلى اللجوء لبدائل للسيطرة على الساحة الدعوية.
الدعوة السلفية
وفي المقابل بدأت الدعوة السلفية ومشايخها يعدون العدة لتعويض غيابهم عن الدعوة في المساجد التي تتبعهم ، وبدا أن هناك حالة من التنافس أو ربما الصراع بين الطرفين لاستمالة الجمهور.
ووفقا لمعلومات "فيتو" فإن وزارة الأوقاف بدأت منذ أيام التفكير في كيفية تعزيز وجودها على الساحة الدعوية، والسيطرة على مفاتيح الخطاب الديني المستنير، ومواجهة فلول الإرهاب والتطرف، وذلك من خلال إطلاق مبادرة جديدة تحت عنوان «معًا لخطاب ديني مستنير».
حيث تسابق «الأوقاف» الزمن أملًا في إعادة فرض هيمنتها من جديد على الساحة الدعوية، باستخدام مواقغ التواصل الاجتماعي المختلفة، وفي مقدمتها «فيس بوك» بعد أن حازت اجتماعات هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف على ترحيب وصدى واسع نتيجة القرارات الاستباقية التي سبقت بها المؤسسات الدينية في مصر، وسارت عليها أجنحة الدعوة، خاصة ما يتعلق بـ«جواز تعليق الصلاة في المساجد».
وهو القرار الذي اتخذته الأوقاف سريعا، بعد التنسيق مع الجهات المختصة في الدولة لاستعادة حالة التوازن الدعوي الذي تؤديه في شتى المحافظات.
غلق المساجد
وحصلت الوزارة على تأييد من دار الإفتاء المصرية واللجنة الدينية في كافة القرارات الإدارية والدعوية، وفي أول خطوة لها لتعزيز تواجدها، كشفت «الأوقاف» أنها بصدد بث رسائل دعوية، يوميًا على صفحة مبادرة «معًا لخطاب ديني مستنير» بموقع «فيس بوك»، وحثت الأئمة والمفتشين ومن يعملون في الإدارة الإشرافية الدعوية أو القيادات في القطاع الديني والمديريات بوزارة الأوقاف على المشاركة المفيدة والفعالة، بمقطع فيديو دعوي، شريطة أن يكون إماما بالأوقاف أو من العاملين بالمجال الدعوي بالوزارة، والالتزام الكامل بالزي الأزهري في تسجيل الرسالة، وألا يزيد مقطع الفيديو على ٣ دقائق، مشيرة إلى عدم الالتفات إلى المشاركات التي تتجاوز هذا الوقت.
في السياق ذاته، ظهر الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، لأول مرة في لقاء خاص على قناة «اقرأ» امتد على مدار ساعة كاملة، كشف خلالها الكثير من الحقائق والأسرار عن المرحلة التي تمر بها مصر والعالم خلال أزمة كورونا، مؤكدا أن إجراءات وقف الجمع والجماعات والعمرة والحج، حال خشية هلاك النفس البشرية، ليست رخصة وإنما هي واجب شرعي على الدول والمؤسسات.
خطبة الجمعة
وظهر في اللقاء الثاني على القناة الأولى المصرية في تعويض لغيابه عن خطبة الجمعة المستمر من كافة أنحاء الجمهورية، أما الخطوة الثانية لوزارة الأوقاف في هذا الإطار، فتمثلت في الإعلان عن الدورة التثقيفية الإلكترونية العامة لجميع الأئمة والواعظات على مستوى الجمهورية، عبر بوابة الأوقاف الإلكترونية بمشاركة نخبة من كبار الأساتذة المتخصصين في العلوم الشرعية والعربية والثقافية ، بواقع محاضرة واحدة يوميا مدتها ما بين ٤٠ إلى ٦٠ دقيقة، بواقع ثلاثة أيام أسبوعيًا.
وكشفت مصادر بالوزارة عن استعانة الوزير بأساتذة من جامعة الأزهر الشريف وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لتدريس 3 كتب لوزير الأوقاف، هي الفهم المقاصدي للسنة النبوية والكليات الست وقواعد الفقه الكلية.
كما أعلنت «الأوقاف» أنها تتيح المحاضرات مسجلة بالفيديو على موقع الوزارة وقناتها «منبر التجديد» على منصة الفيديوهات الشهيرة «يوتيوب» وقناتها الصوتية «منبر التجديد» أيضا على منصة «ساوند كلاود» الرقمية، كما ستتاح المادة العلمية مكتوبة على الصفحة المخصصة لمبادرة «معًا لخطاب ديني مستنير» على «فيس بوك» تحت اسم «وعي».
تعويض الغياب
وفي هذا السياق أكدت مصادر في الوزارة لـ«فيتو»، أن وزير الأوقاف استعان بتلك المبادرات لتعويض الغياب على الساحة الدينية في رمضان، بعد أن خاطب المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الجهة المختصة في وزارة الداخلية ومحافظة القاهرة لإلغاء إقامة الملتقيات الفكرية في محافظات الجمهورية.
وإلغاء ملتقى الفكر الإسلامي بساحة مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه، وهو ما كانت تعول عليه وزارة الأوقاف في استعادة دورها الريادي في مجال تجديد الخطاب الديني.
وعلمت «فيتو» أن وزير الأوقاف يشارك في عدد من البرامج التليفزيونية والإذاعية طوال شهر رمضان، لتعويض غيابه عن الساحة الدعوية في خطبة الجمعة، التي يحرص عليها كل أسبوع، وتتمثل هذه المشاركة برنامج «حديث الساعة» على القناة الأولى والفضائية وعدد من القنوات الخاصة، والتي يلقي من خلالها الضوء على أهم أحداث الساعة وأحدثها برؤية دينية وسطية عصرية تراعي المستجدات وتحافظ على الثوابت، بلا إفراط ولا تفريط، ويذاع البرنامج الساعة 12 وخمس دقائق ظهرًا عقب الأذان على القناة الأولى والفضائية، ويشارك أيضا في تقديم حلقات «خاطرة دعوية» في الساعة الثامنة والنصف صباحًا على موجات إذاعة القرآن الكريم.
الدعوة السلفية
في المقابل ، فإن الدعوة السلفية ، وبحسب المعلومات المتوافرة، اتجهت إلى «سوشيال ميديا» والفضاء الإلكتروني من أجل بث حلقات متتابعة لعدد من شيوخها، على رأسها الرجل صاحب القبضة الحديدية على الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة، الذي يستعد بعمل حلقات لا تتجاوز العشر دقائق بشكل شبه يومي، ويتم تصويرها داخل منزله في محافظة الإسكندرية، على أن تجرى إذاعتها عبر صفحات الدعوة السلفية على السوشيال ميديا والموقع الخاص بالدعوة «أنا السلفي».
أما الشيخ محمد حسان، فمن المتوقع أن يلجأ إلى إحدى القنوات السلفية، لإعادة إذاعة حلقات سابقة له خلال شهر رمضان يتحدث فيها عن فضل الشهر الكريم، ومن المقرر أن يتم إذاعتها عبر قناة الرحمة الفضائية، وفي حال تعذر ذلك سيتم البحث عن إحدى القنوات الفضائية ذات المحتوى الإسلامي ليتم البث من خلالها، لكن سيتم مراجعة حقوق الملكية قبل التعامل في أي مادة إعلامية.
في حين قرر الشيخ أبو إسحاق الحويني، استمراره في الاعتماد على موقعه الإلكتروني صاحب الزيارات الكبيرة، بوصفه علامة الحديث، لكن سيتم تصوير المقتطفات داخل منزله وسوف يتم إذاعة تلك المقتطفات بشكل دوري، ونظرا لظروف الشيخ الصحية سيتم تقليل عدد الحلقات على ألا تتجاوز 15 عشر حلقة خلال شهر رمضان، وسيتم إذاعتها عبر موقعه الإلكتروني.
ولم يختلف الأمر كثيرا عن الشيخ محمد حسين يعقوب صاحب الشهرة الكبيرة في صفوف التيار الإسلامي والحضور القوى أمام الشاشات، حيث قرر تصوير عدة حلقات داخل منزله، يتناول فيها قصص الصحابة وفضل شهر رمضان وغيرها من الأمور وسيتم العمل على إذاعتها عبر إحدى القنوات الفضائية، إلا أن الأمر لم يحسم بعد.
وفي حال لم يوفق الشيخ في إذاعة الحلقات على قناة فضائية، سوف يلجأ إلى موقع اليوتيوب من أجل نشر المقاطع المصورة وتسويقها عبر صفحات سلفية ومجموعات مغلقة لأبناء التيار السلفي. أما الحديث عن صلوات التراويح فتوافق التيار السلفي على الانصياع لأوامر الأجهزة الأمنية في عدم الدعوة إلى الاعتكاف أو التجمعات نظرا لخظورة الأمر.
العودة للمساجد
ويأمل التيار السلفي عندما تنزاح الغمة أن يأخذ قليلا من الحرية في التواجد في المساجد مرة أخرى على سبيل رد الجميل، خاصة أن شيوخ السلفية أصدروا الفتاوي التي تمنع التجمعات، ضاربين الأمثال بقصص من عهد الصحابة والخلفاء الراشدين عندما هاجمهم وباء الطاعون، وكيف تصرفوا واتبعوا الإجراءات الصارمة خوفا على البشرية جمعاء.