رئيس التحرير
عصام كامل

التجربة الفلبينية لرعاية المصريين بالخارج

من المعلوم الآن حجم المشاكل التي يعانيها المصريون العاملون في الخارج في التعامل مع كل أجهزة الدولة، رغم وجود وزارة للهجرة ووزيرة نشطة ولديها خبرة بمعظم هؤلاء العاملين بالخارج بحكم وظيفتها الدبلوماسية السابقة..

 

وصحيح أن أزمة العالقين طارئة وقدرية ولكن الصحيح أيضا أنها كشفت وفتحت جراح المصريين بالخارج خاصة، وأن التحويلات السنوية لهم تمثل الدخل الثاني لمصر، وحان الوقت للتفكير بجدية حتى ولو درسنا تجارب الآخرين كالفلبين التي لديها أكثر من 20‎ % ‎من تعدادها يعملون بالخارج، ولديهم هيئة لرعاية مواطنيها في الخارج منذ سبعينيات القرن الماضي..

 

وتحولت حالياً إلى منظومة شديدة الفاعلية في تقديم الرعاية للمواطنين الفلبينيين في الخارج، وبدأوا بتحصيل رسوم بسيطة على التعاملات في الخارج في سفاراتهم، وهذه الرسوم لا تشكل أي أعباء إضافية عليهم، كما قامت الحكومة الفلبينية أيضاً بدعم هذه الهيئة.

 

اقرأ أيضا: يا أيها الناس.. وليس المسلمين!

 

لقد كان الحديث في مصر حول إنشاء هذه الهيئة طوال أكثر من عقد «أشبه بحوار الطرشان».. وآن الآوان للنظر فى هذه المسألة كإحدى قضايا الأمن القومى، وجالية تشد أزر مواطنينا بالخارج، وإشعارهم بالاهتمام الحقيقى بشئونهم، مما يعمق روح الانتماء لديهم فيزداد عطاؤهم للوطن الأم. وكانت هناك مقترحات كثيرة منها إنشاء صندوق لرعاية المصريين بالخارج قدمته وزارة الخارجية منذ عام 1996

 

ويستهدف هذا الصندوق توفير الرعاية القانونية للمغترب الذى يعمل فى الخارج فى حالات إنكار العدالة بالنسبة للقضايا غير التجارية أو التعاقدية، وتوفير الإعاشة المؤقتة للمواطن وأسرته فى الحالات الطارئة الخارجة عن إرادته، ونقل جثمان المواطن غير القادر ليدفن فى أرض الوطن، تجنبا لمشهد وقوف المصريين على أبواب المساجد لجمع تبرعات لأسرة متوفى أو لدفنه..

 

وفيما يتعلق بهذه الموارد، وهى تشكل عصب هذه الهيئة، فإنه من المفضل أن تكون من مصادر متعددة، وأن يشارك فى توفيرها المغتربون والدولة معا.. ومن بينها على سبيل المثال: فرض رسم إضافى محدود على المعاملات القنصلية (دولاران مثلا)، وتخصيص نسبة مئوية من إجمالى المتحصلات القنصلية لصالح هذه الهيئة (15% مثلا)، وما يقدمه الأفراد والهيئات من تبرعات ومنح..

 

اقرأ ايضا: الخيار المصرى المر

 

وما تخصصه الدولة من اعتمادات سنوية لهذه الهيئة، بحكم مسئولية الدولة عن رعاية أبنائها العاملين فى الخارج. وإذا كانت الدولة تقوم بدعم صادراتها السلعية لتنافس فى أسواق التصدير الخارجية، فمن باب أولى دعم صادراتنا البشرية التى تحقق عائد يفوق الصادرات السلعية – باستثناء البترول..

 

ويمكن رفع قيمة تأشيرات الأجانب بالمطارات خاصة وأنها أرخص من الحصول عليها من السفارات والقنصليات المصرية بالخارج مما يرفع حصيلة الصندوق لتوفير مظلة تأمينية توفر لهم معاشات تكافلية، تحميهم في حالة العودة إلى مصر، وللتغلب على العديد من المشكلات التي تواجه أبناء مصر في الخارج، كنقل الجثامين.

 

والسؤال الآن أين النواب الذين يمثلون المصريين بالخارج لماذا صمتوا ولم يساعدوا حتى الجاليات المصرية بالخارج لحل أزمة العالقين وتوفير سبل المعيشة والإقامة وبينهم كبار سن ومرضى وأطفال وعمال بسطاء وأسر غير قادرة حتى على تحمل تكاليف العودة؟ لكنهم تركوا الدولة وحدها تتصدى لهذه الأزمة؟ 

اقرأ أيضا: الوصايا العشر لمواجهة سد النهضة

 

فتمثيل المصريين في الخارج لا يعد بالنسبة لديهم إلا مجرد وجاهة اجتماعية فقط لا غير. للأسف هذا هو الموقف الوحيد الذى كان يمكن أن يكون لهم فيه دورا ملموسا يشعر فيه هؤلاء أنكم معهم تشعرون بهم وبمعاناتهم وتتسابقوا في مساعدتهم قدر الإمكان..

 

ولهذا يجب إعادة النظر في أسلوب وترشيحات وطريقة اختيار النواب الذين يمثلون المصريين في الخارج بعد أن فشلت التجربة الحالية  للأسف وعلينا أن نتعلم من أخطائنا ونضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإلا سوف تجد الدولة المصرية نفسها وحيدة بمفردها في أزمات أخرى مشابهة.

 

 

الجريدة الرسمية