105 أعوام على مذبحة الأرمن.. تركيا تعالج أبشع مجرزة في التاريخ بإنكار التهمة
نددت أرمينيا اليوم الجمعة برفض تركيا الاعتراف بالإبادة الأرمنية على يد الدولة العثمانية في مطلع القرن الماضي وطالبت أنقرة بتقديم اعتذارات رسمية عن هذه الجرائم التي وصفتها بأنها ضد الحضارة الإنسانية.
ويأتي هذا في الوقت الذي تحيي فيه أرمينيا الذكرى الـ 105، لعمليات الإبادة الجماعية بحق الأرمن، على يد الأتراك العثمانيين في عام 1915.
وقال رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان: "بعد أكثر من قرن على هذه الأحداث، لا تزال تداعيات هذه الإبادة قائمة، وهذه ليست إبادة فقط ضد هويتنا الإثنية، وإنما ضد الحضارة الإنسانية"، مشدداً على أن أنقرة يجب أن تعترف رسمياً بهذه المجازر التي حدثت في تلك الفترة.
وأشار الرئيس الأرميني أرمين سركيسيان إلى أن ذكرى الإبادة تأتي هذا العام في ظروف استثنائية فرضها وباء كورونا، مؤكداً على أن الاعتراف بالإبادة من قبل تركيا، والقضاء على تبعاتها، قضية أمنية لأرمينيا والأمة الأرمنية والمنطقة.
ومن جانبه ندد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الجمعة بمذابح إبادة الأرمن والتي وقعت على يد الدولة العثمانية وسارت تركيا لاستنكار تصريحات ترامب وردت ببيان تتهمه فيه بتجاهل ذبح 500 ألف مسلم على يد المتمردين.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الجمعة، في بيان حول أحداث إبادة الأرمن في ذكراهم التي يُحييها العالم يوم 24 أبريل من كل عام: "اليوم نتذكر ذكرى الذين عانوا في الكارثة الكبرى، أحد أعظم جرائم القتل الجماعي في القرن العشرين، منذ عام 1915، تم ترحيل وتهجير وقتل 1.5 مليون أرمني، وساهم الكثير من الأمريكيين في بناء المجتمع الأرمني".
وتابع: "نعد بأن نأخذ العبرة من دروس الماضي حتى لا تتكرر تلك الأحداث مرة أخرى، ونرحب بجهود الأرمن والأتراك في التعامل مع تلك الأحداث وتقبلها، مضيفاً: في هذا اليوم مع إبداء الاحترام لأولئك الذين فقدوا أرواحهم وتكبدوا الآلام، نجدد وعدنا بتطوير عالم أكثر إنسانية وسلمية.
وأوضح ترامب أن العديد من الأمريكيين ساهموا في إعادة بناء المجتمع الأرمني وأنقذوا أرواحهم، واحترموا ذكرياتهم المؤلمة، مشيراً إلى أنه يشعر بأنه محظوظا لأن الأرمن جاؤوا بثقافتهم الغنية إلى الولايات المتحدة، وقدموا مساهمات للمجتمع الأمريكي، قائلاً: "من الضروري بالنسبة لنا أن نتذكر الذين عانوا وخسروا أرواحهم، ونجدد وعدنا بحماية الأقليات الدينية والعرقية الضعيفة حول العالم".
بينما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة أن باريس لن تنسى إحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن والتي ارتكبتها الدولة العثمانية.
ووأضاف الرئيس الفرنسي عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "في 24 أبريل هذا، وهو يوم إحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، نحن مع جميع الذين يناضلون من أجل العدالة، لن ننسى أبدا".
إبادة الأرمن على يد العثمانيين.. تراشق عابر للتاريخ بين ترامب ونظام أردوغان
فيما أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون أن المجازر التي ارتُكبت بحق الشعب الأرمني، تعد بمثابة وصمة عار في ضمير الإنسانية.
وأشار الرئيس اللبناني إلى أن هذه المجازر تذكرنا أن الإنسان قادر على ارتكاب الشرور إذا كان هناك تفلت من العقاب والمحاسبة، مشددا على أن العدالة هي السبيل الوحيد لعالم أكثر إنسانية.
ومن جانبه، قال نائب رئيس الأمانة العامة للاندماج بالحزب الاشتراكي الألماني الشريك في الحكم بالبلاد حسين خضر، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مصمم على السير على نهج الطريق الدموي لأجداده العثمانيين منذ 100 عام، عندما ارتكبوا أبشع المجازر في تاريخ الإنسانية بحق الشعب الأرميني، والتي راح ضحيتها مليون ونصف شخص، والتي تمر ذكراها الـ105، وهو النهج الذي يقبل عليه مع اللاجئين من الشعب السوري، الذين لم يتاجر بهم أحد، مثلما فعل أردوغان.
وفي نفس السياق، أكد المؤتمر الوطني الكردستاني في بيان بمناسبة الذكرى الـ105 للإبادة الأرمنية، أن الإبادة الجماعية ضد الإنسانية جريمة لا يمكن إنكارها، كما أشار المؤتمر الى أن تركيا، لا تعترف بهذه الإبادة الجماعية وتصبح شريكة في هذه الجريمة، ما يعني أن الإبادة العرقية ستستمر بطريقة أخرى.
الجدير بالذكر أن أرمينيا والشعب الأرمني، يحيون في مثل هذا اليوم من كل عام ذكرى الإبادة الأرمنية على يد الأتراك العثمانيين، إلا أن هذه السنة اكتفت أرمينيا بوضع إكليلا من الزهور على النصب الخاص بضحايا هذه المجزرة، بسبب الإجراءات المتخذة لمنع انتشار وباء كورونا.
في الـ 24 من أبريل 1915، أصدر وزير الداخلية طلعت باشا أمر اعتقال بحق عشرات من نُخب الأرمن في أراضي السلطنة في يوم عُرف بـ "الأحد الأحمر".
صار هذا التاريخ رمز القضية الأرمنية التي استمرت حتى عام 1923، وشهدت، بحسب الرواية الأرمنية، عمليات التهجير والإعدام والاغتيال والاغتصاب والتجويع والقتل والتسميم والحرق التي طالت مليوناً و500 ألف أرمني، في حين تتحدث بعض المصادر الأجنبية عن 800 ألف كحد أدنى، أما الرواية التركية الأشد مرونة، فلا تعترف إلّا بـ 300 ألف قضى معظمهم بسبب الأوبئة والجوع في الحرب العالمية.
في نهاية عام 2019، ترجمت إحدى دور النشر العربية كتاب "أوامر القتل– برقيات طلعت باشا والإبادة الأرمنية" لمؤلفه البروفيسور التركي في جامعة كلارك الأمريكية تنار أكسام، ويكشف أكسام النقاب عن برقيات وصل إليها ودقق في موثوقيتها تُثبّت بالدليل الدامغ مسؤولية السلطات العثمانية عن عمليات "الإبادة" بحق الأرمن.
وذهب البروفيسور التركي، الذي وصفته "نيويورك تايمز" بـ "شيرلوك هولمز" المسألة الأرمنية، في بحثه عميقاً ليكشف عن تواطؤ ألماني آنذاك ومعرفة كاملة بالارتكابات العثمانية.
وتعرض عمل الباحث التركي لحملة تشكيك واسعة في بلاده وتشويه لسمعته وأسلوبه العلمي، من دون أن تنال هذه الحملات من الانتشار العالمي لبحوثه وما توصّل إليه.
ومع حلول عام 1930، كان الأرمن قد فقدوا جميع ممتلكاتهم في السلطنة العثمانية، إذ حولت إلى موارد للجمهورية التركية الحديثة.