رئيس التحرير
عصام كامل

كورونا وأسعار البنزين!

تهكم وسخرية واستنكار قابل به البعض إعلان الحكومة تخفيض سعر البنزين ربع جنيه لكل أنواعه الثلاثة المتداولة فى السوق المصرى.. وسبب هذه السخرية أن أصحابها كانوا يريدون خفضا أكبر استنادا إلى أن الانخفاض فى الأسعار العالمية للبترول كانت كبيرة جدا.

 

والمثير أن الذين أغضبهم أن تخفيض البنزين لم يكن كبيرا هم أنفسهم الذين لا يكفون عن مطالبة الحكومة بإنفاق مزيد من الأموال للقطاع الصحى والعاملين فيه وللمتضررين من التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا..

 

بل ويطالبون الحكومة باتخاذ إجراءات حظر شامل يتضمن غلقا اقتصاديا كاملا ووقفا كاملا لعمليات الإنتاج فى كل المواقع، مع الإستمرار فى دفع مرتبات العاملين، فى وقت يعرفون فيه أن اقتصادنا تضرر كثيرا مثل غيره من الاقتصاديات فى العالم بسبب هذا الوباء وانتشاره العالمى! لم يسأل أحد منهم نفسه من أين ندبر كل هذه الموارد المالية، وكيف نمول ذلك كله؟!

 

اقرأ أيضا: الاستثمار وأزمته!

 

يا سادة نحن الآن فى موقف عصيب طارئ ولسنا فى وضع عادى.. ويجب أن يكون كلامنا ملائما لطبيعة أوضاعنا الحالية التى فرضت علينا مثل ما فرضت على غيرنا أيضا.. إن تقديرات وزارة التخطيط تتوقع أن ينخفض معدل النمو الاقتصادى فى الثلاثة أشهر الأخيرة من العام المالى الحالى ( ٢٠١٩ / ٢٠٢٠ )  إلى نسبة واحد فى المائة فقط، بسبب الإجراءات الاحترازية التى اتخذناها فى مواجهة كورونا ونتيجة للركود الذى أصاب الاقتصاد العالمى..

 

بينما كنّا قبل بضعة أسابيع نكافح من أجل تحقيق معدل نمو اقتصادى فى نهاية العام يبلغ 5.6 فى المائة وكنا نتطلع لزيادته العام المالى المقبل الى ٦ فى المائة.

 

اقرأ أيضا: مصر وصراعات ما بعد كورونا

 

نعم إن التخفيض فى أسعار البنزين أقل من الانخفاض فى الأسعار العالمية للبترول، والتى يحاول الآن كبار منتجيه زيادتها مجددا.. ولكن لا تنسوا أن إنفاقنا زاد ومواردنا تراجعت ولا تتجاهلوا أننا مضطرون لتغطية الزيادة فى الإنفاق بالعجز، وذلك من شأنه زيادة معدل التضخم، وكلما قللنا اتفاقنا المغطى بطبع مزيد من أوراق البنكنوت أو بالاقتراض من البنوك كلما سيطرنا على معدل التضخم.. ولعل ذلك كان سبب دعوات البعض بعدم تخفيض أسعار البنزين. لكن كما يقال “من يده فى النار ليس مثل الذى يده خارجها”. 

الجريدة الرسمية