أسئلة ما بعد كورونا! (5)
وباء الطاعون الذى أصاب أوربا فى القرن الرابع عشر وحصد أرواح ثلث عدد الأوربيين وقتها، غير من شكل وطبيعة الحياة فى القارة الأوربية.. فبعده تم تقويض سلطة وسطوة رجال الدين على أوربا، وبدأت أوربا بعده حياة جديدة شهدت فصلا للسياسة عن الدين..
ولذلك يعتقد جاك أتالى مستشار الرئيس الفرنسي الاسبق “ميتران” والمفكر السياسى والخبير الإقتصادى إن جائحة كورونا سوف تغير العالم، سياسيا وإقتصاديا بل وثقافيا أيضا، و”أتالى” ليس الوحيد الذى يتوقع ذلك، هناك أخرون يتوقعون ذلك أيضا، وهناك فريق أخر يأمله ويتمناه لنظفر بعالم أفضل يخلو من الصراعات الدامية، ويعيش فى سلام وتعاون وتضامن..
اقرأ ايضا: زمن كورونا!
فهل ذلك ممكنا؟.. أو هل يكون لجائحة كورونا دورا فى حدوث تغيير ثقافى للبشرية؟!.. هل يكون من تداعيات كورونا تراجع وإنحسار للقيم السلبية التى تسود العالم ليحل محلها منظومة القيم الإيجابية، التى يناضل كثيرون من أجل نشرها وزرعها فى مجتمعاتهم؟!
هل يحل التعاون بين البشر محل الصراع والتنافس المدمر؟.. هل يحل التسامح محل التعصب؟.. وهل يحل السلام محل العنف؟.. وهل تحل المساواة محل التمييز؟.. وهل تصير المواطنة الحقة وليست الشكلية هى أساس حياة الشعوب فى كل الدول بدلا من نظرة الحكام للشعوب بإعتبارهم رعايا لهم؟
اقرأ ايضا: أسرعوا بإزالة العشوائيات غير الآمنة
كل تلك التساؤلات بدأ بالفعل يطرحها البعض الأن ومبكرا قبل أن تنحسر الجائحة، ويتمكن العالم من السيطرة على هذا الفيروس الصغير جدا الذى لايرى بالعين المجردة؟.. بل إن البعض أخذ يطرح إجابات وتوقعات مختلفة ومتنوعة بالفعل..
وأتمنى على كل هؤلاء وهؤلاء أن يأخذوا فى إعتبارهم تاريخ البشرية مع الأوبئة والجوائح وما حدث للعالم بعدها، خاصة ثقافيا.. لقد بدأ الصراع على الكرة الارضيّة بين أبناء أبو البشر آدم، ومن وقتها لم يتوقف هذا الصراع حتى عامنا هذا، الذى بدأ يشعر البعض بالضيق منه، وهو فى شهره الثالث.. وإن كان التغير والتطور أصاب فقط أدوات هذا الصراع.