أسئلة ما بعد كرونا! (1)
رغم إننا مازلنا نعيش الكابوس ولم نفق منه إلا إن الحديث عن حال العالم بعد إنتهاء كابوس كورونا قد بدأ بالفعل.. وربما شجع على ذلك خروج الصين التى ظهر فيها فيروس كورونا المستجد وقد تخلصت من هذا الكابوس، وبدأت تعود تدريجيا إلى الحياة الطبيعية، وتمد يد المساعدة الطبية للدول التى عانت بشدة من وباء كورونا.
وفى هذا الحديث إكتفى البعض بطرح الأسئلة، بينما ذهب أخرون إلى طرح أجوبة على هذه الأسئلة وغيرها فى شتى المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والقيمية أيضا.
ولعل ابرز هذه الأسئلة خاصة السياسية هو ما يتعلق بشكل النظام العالمى وعلاقات القوى فيه.. وتحديدا دور الصين فيه.. والسؤال المطروح هنا، هل جائحة كورونا ستكون فرصة الصين لتتقدم لتحتل مكانة الولايات المتحدة فى قمة النظام العالمى، أم إن الخسائر الإقتصادية التى تحملتها فى غضون ثلاثة أشهر، والتى قدرت أوليا بإنخفاض الناتج القومى بنسبة ١٨ فى المائة، سوف يكبح خطاها السابقة لان تصير الأقتصاد الأول والأكبر فى العالم؟
اقرأ ايضا: ما بعد كورونا!
وبالطبع ليس سهلا تقديم إجابة مؤكدة على هذا السؤال.. غير أن هذه الاجابة سوف تكون مرهونة بكثير من العوامل.. منها إن الصين ليست وحدها التى تعرضت لخسائر، فالاقتصاديات الكبيرة فى العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة تعرضت ومازالت لخسائر إقتصادية، أعلن ترامب إنه لا يمكن الإستمرار فى تحملها أكثر من أسبوعين أو حتى منتصف أبريل..
ومنه ان الأمريكان فى خضم هذا الكابوس لم ينسوا إنهم فى صراع مع الصين.. ويحاولون تشويهها ومحاصرتها بالإتهامات، بدء بوصف فيروس كورونا بالفيروس الصينى، وإنتهاءا بإخفاءها معلومات حول هذا الفيروس.. لكن الاهم ان بعض القرارات الإقتصادية الأمريكية إستهدفت الصين ومعها روسيا، مثل قرار تصفير معدل الفائدة الذى أضر بهما، بإعتبارهما من اكبر المستثمرين فى السندات الدولارية الامريكية..
اقرأ ايضا: إتهام صينى خطير لأمريكا!
ومنها أيضا إستثمار الإدارة الأمريكية أزمة كورونا وتداعياتها لحصد مكاسب إقتصادية، على غرار ما فعلوا مع إنخفاض الأسعار العالمية للنفط بالعودة إلى إستيراد النفط بعد الإنخفاض الكبير فى أسعاره.. ومنها كذلك ما فعلته وتفعله الأن الصين مع الدول الأوربية والإفريقية بتقديم يد العون لها فى مواجهة كابوس كورونا، وهو ما لاقى تقديرا ملحوظا للصين..
خاصة وان الأمريكان لم يكن لهم سلوكا مماثلا، بل العكس تماما إهتموا بأنفسهم فقط ولم يساعدوا حلفاءهم فى أوربا، وانما بادروا مبكرا بوقف الطيران معهم.
وكل ذلك وغيره سوف يؤثر بالطبع على مكانة الصين العالمية مستقبلا.. وإذا كانت الصين فى صعود إقتصادى وإستراتيجي قبل كورونا فان هذا الصعود سوف يستمر، مع الأخذ فى الإعتبار إن الصين لا تتبع فى ذلك إسلوب القفزات وإنما نهج الخطوات المتأنية..
اقرأ ايضا: كورونا والبترول!
لكن فى المقابل فإن الحرب الإقتصادية الأمريكية لن تتوقف وربما زادت أكثر مستقبلا، بعد أن تخرج من كابوس كورونا.. أى إننا سوف نشهد جولة أو جولات أخرى من الصراع الأمريكى الصينى.. وسوف يؤثر فى مسار هذا الصراع ما تقوم به الصين حاليا من تعاون مع عدد من الدول الأوربية والإفريقية إبان أزمة كورونا.
وهكذا نحن لن نفق من كابوس كورونا لنجد أنفسنا نعيش فى نظام دولى جديد على قمته الصين.. انما الصراع فى العالم لن يتوقف.. لكن وصولنا إلى نظام دولى جديد ما برح فى حاجة إلى وقت ليس بالقصير..