أزمة ثقة
أزمة الثقة بين المواطن والحكومة لم تولد مع الحكومة الحالية، ولا السابقة، لكنها ميراث ينتقل من جيل إلى آخر، تخبو وتظهر وفقاً للوضعين الإقتصادي والسياسي وما يتبعهما من قرارات متعلقة بالمواطن، لكن قدر الحكومة الحالية أنها جاءت بعد حراك سياسي لم تشهده مصر منذ عقود..
حراك كان بعضه فوضى، وبعضه الآخر كان رغبة في حياة كريمة، العدالة شعارها، والمواطن البسيط محورها، وقدر الحكومة أيضاً أن يتسع صدرها لنقد قد يصل لهجوم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بإصلاحات إقتصادية أو سياسية يطال تأثيرها المواطن..
اقرأ أيضا: أصحاب القلوب الحمراء
وسعة الصدر المرجوة تتحقق بالتواصل مع المواطن، وشرح القرارات المتعلقة به، أسبابها وتأثيرها ونتائجها على المدى البعيد، وكيفية التعايش مع تبعاتها، والتواصل يتحقق من خلال الإعلام، وتلك هي الأزمة الحقيقية.
الحكومة الحالية منيت بإعلام فقد أغلبه مصداقيته، ولا يمكن أن يكون بوضعه الحالي قناة للتواصل مع المواطن، ولا أبالغ إذا قلت أن بعض قرارات الحكومة تفقد نصف مصداقيتها إذا تم تمريرها من خلال بعض الإعلاميين، وفرق كبير بين قرار أو بيان يسمعه المواطن من المستشار الإعلامي للحكومة أو المتحدث باسمها.. ونفس البيان إذا سمعه من إعلامي أفقده تلونه مصداقيته، فالمواطن قد يتقبل ما يقوله الأول، ويفترض سوء النية في الثاني، لأنه اعتاده كاذباً.
اقرأ أيضا: ضيوف الجزيرة
المرحلة الحالية تحتاج إلى التفافة من الجميع، وثقة متبادلة بين المواطن والحكومة، فإذا قالت الحكومة صدقها المواطن، وإذا قال المواطن استمعت له الحكومة وشرحت ما يصعب عليه فهمه، وهذا يتطلب إعلاماً مختلفاً، إعلاماً لا يهدر إنجازات، ولا يكتفي بوصلات النفاق، ولا يكون في عداء مع المواطن ولا وصياً عليه، والإعلام الحالي أغلبه لا يحمل هذه المواصفات.
اقرأ أيضا: دفاعًا عن الأستاذ "حمو بيكا"
كيف لمواطن أن يصدق إعلامياً يقول الشيء ونقيضه، يهاجم أنظمة سابقة ثم يبكي عليها، يبصق في وجه مسئول ثم يقبله، ينشر الشائعات ثم ينفيها، يذم ثم يمدح، يبالغ في الوفاء ثم يتنكر.
الحاضر والمستقبل القريب والبعيد يتطلب إعادة صياغة المنظومة الإعلامية، لأنها بوضعها الحالي تمثل خطراً تبعاته كارثية، وظلم الحكومة لنفسها أن تبقي على إعلام يتهددها، ويوسع الفجوة بينها وبين المواطن.
besherhassan7@gmail.com