رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

العدالة الغائبة

في خضم الحياة اليومية، تتحول العدالة إلى حلم يطول انتظاره، وتدور أسئلة كثيرة تتشابك خيوطها وتعقيداتها، فقد تحولت تعامالاتنا فعلا، إلى أزمات نُصدرها إلى من حولنا؛ فنقسوا على من حولنا تارة، ونجرحهم أخرى..

 

فمع غياب العدالة تتحول الألسنة إلى «سياط» يجلد بها بعضنا بعضا؛ ففي أجواء العمل – مثلا - يخشى المرؤوس رئيسه ظنا منه أنه يدبر ضده الشر، وبالمثل يخشى الرئيس مرؤوسه ظنا منه بأنه ينوي به غدرا.

اقرأ ايضا: من ينهي أزمة فواتير الكهرباء؟

 

أما عن أجواء البيوت؛ فحدث ولا حرج، فالمتابع لقضايا الأحوال الشخصية في أروقة محاكم الأسرة، يرى من أمرها عجبا، ما بين إتهامات غريبة وأقاويل زائفة، وفضائح لأسرار علاقة وصفها الله في قرآنه الكريم بـ «الميثاق الغليظ»، يأسى الإنسان كثيرا حينما يتابع الإتهامات المتبادلة بين الأزواج في أروقة المحاكم وأغرب ما فيها تلك الاتهامات التي يهتك مروجوها ستر الله الذي أسدله على الحياة الزوجية.

 

اقرأ ايضا: الكلاب الضالة تتحالف مع إهمال المحليات

 

أما البيوت التي تبدو مستقرة أحيانا في نظر الناس فوراء كل باب منها حكايات تحير العقل؛ فالزوجة ترى الزوج «ظالما شريرا يكرهها ويكره أهلها ويخطط لتدميرها إما بالزواج عليها أو خيانتها»، أو هكذا ينسج لها خيالها أوهاما عن شريك العمر، والزوج هو الآخر يراوده الشك في زوجته بأنها «مصدر الابتلاء في حياته وأنها ترهقه ماديا أو تدبر له شرا»..

 

والغريب أن الطرفين يزعم كل منهما أنه صابر على الآخر من أجل «مصلحة الأولاد»، ولا أدري أي مصلحة لأولاد يعيشون في هم لا ينقطع بالمشاجرات المستمرة بين الأب والأم؟.

 

اقرأ ايضا: مطلوب دعم الدولة لتجديد قاعدة البيانات

 

حتى الصداقات باتت قصيرة العمر، أمام منطق المصحلة؛ والأدلة على هذا قائمة في مكالمات الهاتف؛ فالرجل طالما ظل مؤثرا في محيط مجاله، او مطلوبا لخبراته أو للاستفادة منه، تجد هاتفه لا يتوقف عن الرنين والسؤال عن الأولاد والحال والعم والخال، وإذا ترك موقعه يصبح يوميا يشكو إلى الله هجر الأهل والأصدقاء والجيران..

 

إنني أستعيد بملاحظة أحوالنا على المشار إليها حكمة أو رميا مقالا قرأته في صباي يقول كاتبه: «إن الإنسان يبحث عن الحرية مسجونا ويتركها سجانا.. ويبحث عن العدل مظلوما ويتركه ظالما»، والخلاصة أنه يجب على كل منا أن يكون وصيا على نفسه يجري لها ما يمكن أن نسميه «عملية صيانة»، ينقيها من الحقد والحسد والضغائن.. يغسل لسانه من كلمات الزور والسب واللعن، نريد استعادة إنسانيتنا..

اقرأ ايضا: دق الجرس (1)

إن العدالة التي نريدها ليست فقط في أروقة المحاكم أو في أحكام القضايا، لكنها أيضا منهج نريده واقعا مطبقا في ضمائرنا وتعاملاتنا اليومية، ومشاعرنا التي تتلاعب بها الماديات الفانية.. والله من وراء القصد

Advertisements
الجريدة الرسمية