دق الجرس (1)
تأهبت الأسر المصرية كافة، لجرس بداية العام الدراسي الجديد، فالآباء والأمهات، اعتادوا إعلان حالة الطوارئ سنويا قبل بداية كل عام دراسي، ترى الوالد قد دبر ما يستطيع لتوفير نفقات الأبناء وتلبية متطلباتهم، أما الأم فتستيقظ ببزوغ فجر كل يوم جديد تعد العدة لإيصال أبنائها للمدرسة، وبعضهن يمكثن أمام الأبواب انتظارا لمواعيد خروج أبنائهن.
إن مشهد الصباح يترجم يوميا عظمة الشعب المصري ومعدنه وطبيعته العاشقة للتعليم واستقرار أجيال المستقبل، وهكذا يريد الوالدان تأمين مستقبل أبنائهما اعتدادا بحكمة مفادها «علموهم ولا تورثوهم».. إن هذا الوعي الجمعي المصري يؤكد حتمية مراجعة صانع القرار لفلسفة التعليم في بلد اتخذ شعبه العلم دينا ومنهجا وحلما، على الرغم من كل الحروب التي تستهدف العملية التعليمية.
المشهد الذي أريد أن يحتل الأولوية الأولى للدولة، يحتم عليها تشكيل جبهة موحدة مع الشعب للنهوض الشامل بالتعليم، والتصدي لتلك الحروب التي تُشن ضده ما بين تدمير ممنهج لأوضاع المعلمين والذي بدأ بتحويل بعضهم من «أصحاب رسالة»، إلى «جالبي جباية»، بمسمى الدروس الخصوصية؛ لأن المرتب الرسمي لن يوفر على حاله تلك حياة كريمة للمدرس؛ يحدث هذا بالإضافة إلى أوضاع المدارس وخصوصا الحكومية التي لا تسر عدوا ولا حبيبا.
لا حرج من مراجعة تجارب الدول العربية التي ربما سبقتنا بخطوات في مجال التعليم بعد أن كانت تستقدم معلمينا لتعليم أبنائهم، ولا حرج من تحرك قومي فاعل، ولست أتصور أن دولة بأكملها تتراجع أمام ضربات مافيا الدروس الخصوصية، فصحافتنا يمكنها التحرك بنشر حلقات مطولة وشروح للمواد الدراسية، وقنواتنا يمكنها تخصيص ساعات يومية لكل المراحل التعليمية.
إن مصر التي كسرت محتليها وتهزم الإرهاب هي ذاتها التي يمكنها تحقيق انتصار مؤزر في حرب الجهل، والنهوض الشامل بالتعليم.. والله من وراء القصد.