الزعيم الذي صنع مجد بلاده في 30 عاما!
كانت الأمور شديدة التعقيد وهو يجد نفسه مسئولا عن شعب يعاني من الفقر والأمية، والأخطر أنه بلا موارد وبلا إمكانيات، بلا بنية تحتية وبغير مرافق عامة وأمية تزيد عن ٨٠ ٪، وأعداء متربصين وتنوع قومي وعالم يرفض المساعدة!
الحل وقد تم طرد بلاده من الاتحاد الماليزي كان في حشد طاقة الشعب في اتجاه التحدي.. والتحدي رأى أن يبدأ بالتخطيط.. والتخطيط إختار التعليم والسلوك الشخصي كنقطتي انطلاق في بلد صغير يكاد لا يُرى على خريطة العالم، أو حتى خريطة آسيا والهدف بناء الإنسان أولا!
اقرأ أيضا:
بالأدلة.. في ذكرى ميلاد المؤسس الحقيقي لمصر الحديثة!
كيف يتصرف؟ هكذا سأل زعيم سنغافورة الأسطوري لي كوان نفسه.. إنه مسئول فجأة عن 3 ملايين نسمة في دولة على مساحة من الأرض تعادل واحدًا على مائة من مساحة سيناء مثلا! لكن معركته من أجل بناء بلده انطلقت..
حرب على الفساد إلى أقصى درجة، بلغت الإعدام في بعض قضايا الفساد الإداري.. عقوبات مشددة على أي سلوك غير متحضر حتى لو كان إلقاء مخلفات أو أوراق أو أعقاب سجائر على الأرض رافعا شعار “فلتكن بلادنا خضراء نظيفة!"..
اقرأ أيضا:
المعركة في "المتوسط" وليست في ليبيا!
ديكتاتورية منعت حرية الصحافة والعمل الحزبي والنقابي لخلق استقرار في بداية التنمية.. وفر الاستقلال والهيمنة على النقابات الفرصة لتدفق الاستثمارات، ومع قدوم الأموال انتقلت سنغافورة من دولة للخدمات إلى التصنيع والتصنيع الثقيل..
اهتم بمحدودي الدخل، وسكنهم وأحوالهم فدعمهم ووفر لهم الإسكان المنخفض باقتطاع جزء من رواتبهم! لم يصدر قانونا للإيجار الجديد، وينحاز للملاك، ولم يبع ما لديه من مصانع، ولم تتفرج الدولة أمام دعوات بالتعصب لقومية ضد أخرى، بل صهر الجميع في مشروع وطني واحد..
خصوصا أن الدولة لم تتخل عن دورها بل تولى المجلس الإقتصادي الأعلى مسئولية التخطيط لاقتصاد البلاد، حتى إن الناتج المحلي تجاوز الـ 323 مليار دولار في 2017، ومتوسط عمر الفرد المتوقع وصل إلى 83 عاما، وتمتلك الدولة أنصبة في أغلب الشركات الخاصة الموجودة، وتمتلك شركتين كبيرتين بأموال تقترب من 600 مليار دولار، وهي أقل دول العالم فسادا، مع رفاهية كبيرة من تأمين صحي وعلاج وتعليم متميز، ودخل يصل إلى 55 ألف دولار للفرد سنويا!
اقرأ أيضا:
الرجل الذي قدم لمصر نور عينيه!
“لي كوان” جاء إلى مصر عام 1969 ليستفيد من التجربة المصرية في التنمية، وكانت سنغافورة في بدايتها.. الفرق أنهم استمروا في مخطط طويل الأجل.. لم يحدث عندهم تحولات من النقيض إلى النقيض ولا تجد بينهم من يعايرهم بالقمع في فترة من حياتهم، ولا من يقول لهم إن القطاع العام نقمة، ولا إن تدخل الدولة انتهى من العالم!
كان الله في عون الرئيس السيسي وقد ورث تركة اقتصادية وسياسية واجتماعية ثقيلة لكنه قادر بعون الله على تجاوزها بالكامل، وتعويض مصر ما فاتها.. كاملا!