المعركة في "المتوسط" وليست في ليبيا!
الحقائق على الأرض تقول إن المجتمع الدولي يعترف بحكومة السراج حتى لو رفض اتفاقياته مع أردوغان.. المجتمع الدولي نفسه يعترف طبعا بأردوغان رئيسا لتركيا حتى لو رفض كل سياساته!
أعداء مصر ومنذ 5 سنوات يحاولون بكل ما لديهم من شر جرجرة مصر إلى أي نزاع مسلح ينهك مصر ويمنعها من استكمال التنمية التي تجري.. وبذكاء نجت مصر من كل الفخاخ التي نصبت لها لهذا السبب! صراعات عديدة كانت تبدو سهلة وبسيطة ويمكن حسمها في ساعات أو أيام لكنها استمرت لسنوات.. ولا يوجد في العالم صراع مسلح يستمر لهذه السنوات إلا أن كانت هناك أطراف تريده أن يستمر كل هذه السنوات، وأن هذه الأطراف نافذة دوليا بحيث تخطط وتقرر وتنفذ.. ودخول الصراعات تقرره الدول ولكن الخروج منها ليس كذلك!
المعنى باختصار ان تركيا ستدعم السراج بما يمنع قوات الجيش الليبي من تهديد طرابلس وما يتبعها.. وهذا يحتاج إلى صواريخ دفاع جوي لتحييد طيران "حفتر"، وربما أيضا طيارات وطيارين لمنح قوات السراج ميزة الهجوم على حفتر عند الضرورة، لإحداث التوازن الجوي ثم قوات بحرية تضمن حماية الإمدادات والتعاون!
اقرأ أيضا : استرداد أفريقيا مستمر والأمن القومي لا يقبل القسمة!
الأفضل طبعا إبقاء الصراع ليبي ـ ليبي.. لكن الأفضل منه إبقاؤه هكذا مع بدء معركة سياسية إن لم تسحب الاعتراف الدولي كاملا بحكومة السراج، فعلى الأقل تخلحل الاعتراف به وتضعفه إلى حد كبير يجعل شرعية السراج مهتزة ومحل جدل.. عندها الأمور ستتغير كثيرا.. وهذا لا يمكن أن يتم إلا عربيا أولا.. ويحتاج إلى الاعتماد على الدول التي تحارب الإرهاب أو تزعم ذلك على الأقل!
خلاف ذلك فالوجود التركي عسكريا بطرابلس يستهدف فرض التواجد التركي على غاز شرق المتوسط وهنا -وهنا- تحديدا تمتلك مصر المبرر القانوني والمبرر السياسي للتحرك عسكريا، وسيقدر العالم اي خطوة مصرية تمتلك البعد الأخلاقي (المشروعية) التي لا تتوفر الآن بنفس الدرجة في ليبيا للعوامل السابقة.. ولا يمكن عندئذ أن يلوم أحد مصر إن تحركت لحماية ثرواتها ومياهها الإقليمية أو الاقتصادية!
الخطوة الأولى لكسب أي حرب هي مشروعية إعلانها.. وبدلا من فخ الحرب في ليبيا ليكن الأمر فخ المتوسط لأردوغان! وهو بالمناسبة بحريا مصر الاقوي، ومصر الأقرب لشواطئها إمدادها فضلا عن ما قلناه.. المشروعية!
واقرأ أيضا : الصرامة عن "ليبيا" والتفاؤل مع "إثيوببا".. فروق تصريحات الرئيس!
وجود قوات الجيش الليبي في شرق ليبيا يؤمن حدودنا ولا نقف أمام خطر وشيك.. وربما تنفجر الأوضاع داخل حكومة الوفاق أو بين المليشيات الموالية له.. لتكون الأمور وقتها مختلفة تماما!
اليقين كله أن القيادة المصرية تدرك كل ذلك وأكثر.. ولا ولن يحركها الفيسبوك ولا غيره.. إذ إننا أمام قيادة لا تعرف الانفعال ولا الاندفاع ولا المجاملات على حساب الوطن!
