أوصاف النفس وأمراضها الباطنة
عزيزي القارئ ما زال حديثنا عن النفس البشرية، وكنا قد تحدثنا في المقال السابق عن مراتب النفس البشرية الأمارة واللوامة والملهمة والمطمئنة والراضية والمرضية والكاملة، وفي هذا المقال نتحدث عن صفات النفس، وعن الأمراض المبطونة فيها، والسبيل إلى المعالجة والشفاء منها..
أعلم أيها القارئ الكريم أن للنفس البشرية صفات أربع وهي: أولا، الصفات السبعية، وهي التي تظهر عند ثورة الغضب والعداوة والبغضاء والتهجم على الناس بالضرب والشتم والعدوان عليهم والانتقام والتهور.. والصفة الثانية وهي الصفة البهيمية وهي المتعلقة بالغرائز والشهوات والتي تظهر في الشره والحرص والشبق وشهوة الطعام والشراب والنكاح وسائر الشهوات المعلوم منها والخفي..
والصفة الثالثة وهي الصفة الشيطانية وهي المتعلقة بالأنا والكبرياء والتجبر والاستعلاء والاستبداد بالأمور كلها، وحب الرياسة والتفرد بها والانسلاخ من ربقة العبودية وإطلاق العنان لهوى النفس، والاستغراق في الشهوات وادعاء التفرد والتميز بالعلم والطمع والاستيلاء بالقهر والقوة على ما لدى الغير، وحسد الغير والطمع فيما عنده وكذلك من مظاهرها الشر والكيد والمكر والخداع وقد يظهر الشر في معرض الخير..
أي في صورة الخير.. وكل هذه الصفات من صفات الشيطان، والصفة الرابعة هي الصفة الربانية وهي الصفات التي منحها الله تعالى للإنسان من صفات ربوبيته عز وجل، والتي منها صفة العلم والسمع والبصر والقدرة والإرادة وغيرها من صفات ربوبيته سبحانه وتعالى، وتقع كلها تحت لوائها، وبها يعطى الإنسان الصلاحية لمهمة استخلافه في الأرض حتى يكون الإنسان فعالا في الأرض، وذلك لأنها من مقومات استخلافه في الأرض..
هذه هي الأوصاف الأربع الكامنة في النفس البشرية.. هذا وبالنسبة للأمراض المبطونة في النفس، والتي هي مناط الحجاب والبعد عن الله تعالى وسر وسبب شقاء الإنسان في الدنيا والآخرة، وإفساده في الأرض وعجزه عن أداء الأمانة التي حملها وكان لنفسه ظلوما جهولا..
فهي أمراض كثيرة قد يجهلها الكثير من الناس، وذلك لكونها في باطن أنفسهم وليس لها أعراض ملموسة في الظاهر، ولعدم ورود إمدادات الإعانة الإلهية، والتي منها مدد أنوار الهداية والاستقامة، وذلك لابتعادهم عن منهج الله تعالى وهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهجر سنته الرشيدة.
هذا ولا شك أن أمراض النفس البشرية هي سبب شقاء الإنسان وإفساده في الأرض، وربما تكون سبب دخوله النار ومقامه في العذاب في الآخرة.. ومن المعلوم أن أشد وأخطر آفات النفس وهي الأصل في جميع الآفات والأمراض العالقة بالقلب والنفس.. حب الدنيا فهي رأس كل خطيئة..
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: “لا يجتمع حبان في قلب العبد حب الله وحب الدنيا”.. ثم تأتي آفة الكبر والاستعلاء والعظمة وهي من الآفات والأمراض المهلكة وذلك لأن فيها منازعة للحق سبحانه وتعالى فهي صفات ذاتية خاصة به عز وجل..
ولقد حذر سبحانه من منازعته فيها حيث قال تعالى في الحديث القدسي: “العظمة ردائي والكبرياء إزاري فمن شاركني في أحدهما ألقيته في النار ولا أبالي..وفي رواية أخرى.. فليبارزني”..
هذا ومن أمراض وعلى النفس الباطنة في النفس. النفاق وهو إظهار الإنسان عكس وخلاف ما يبطنه ولقد أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله إلى علامات المنافق بقوله: “آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.. وفي رواية.. وإذا خاصم فجر”..
وأهل النفاق هو أسوء أهل النار حالا، فهم في الدرك الأسفل من النار.. عزيزي القارئ نستكمل الحديث بمشيئة الله تعالى في المقالات التالية..