رئيس التحرير
عصام كامل

حكم الشرع فى الدخول بالزوجة قبل الزفاف

حكم الشرع فى الدخول
حكم الشرع فى الدخول بالزوجة قبل الزفاف - صورة ارشيفية

ما حكم الشرع فيمن يطلب معاشرة زوجتِه، أو يفعلان ذلك سرا بعد أن تم عقد النكاح أمام الأهل والأصدقاء رسميا، ولكن لم يتم عمل الفرح أو الزفاف؟

 

ورد هذا السؤال إلى دار الإفتاء المصرية وأجاب عنه فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية بالآتى: أقر الإسلام الزواج وحث عليه باعتباره سنة من سنن المرسلين، وحاجة تتطلبها طبيعة الإنسان، وضرورة لبقاء نوعه في هذه الدنيا، وفيه من لطائف آيات الله تعالى ما يدعو إلى التفكير..

 

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾ [الرعد: 38]، وقال جلّ شأنه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]..

اقرأ ايضا: حكم الشرع فى تطليق الزوجة في مرض الموت

وعن أبى أيوب رضي الله عنه قَال: قَال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: الْحَيَاءُ، وَالتَّعَطُّرُ، وَالسِّوَاكُ، وَالنِّكَاحُ» أخرجه الترمذي وأحمد.

 

والزواج عقد تتوقف صحته على شروط وأركان، متى توفرت كان الزواج صحيحا شرعا وترتبت عليه آثاره.

 

ومِن أبرز آثار عقد الزواج: إباحة الدخول إذا اتفق العاقدان على أن يتم الدخول مباشرة بعد العقد، ومن ثم يحل الزوجان لبعضهما، أما في حالة عدم الاتفاق بينهما على موعد محدد للدخول بعد العقد فينبغي ألا يتم إلا بإذن الولي أو إعلامه، أو الإشهاد على ذلك..

 

اقرأ أيضا: حكم الشرع فى إقامة المرأة فى شقة والد مطلقها

 

لأن الدخول يترتب عليه أحكام أخرى قد ينكرها أحد المتعاقدين، ومنها النسب الذي يثبت بالفراش؛ فالفراش لا يتم إلا بالدخول، وكذلك استحقاق الزوجة كامل المهر؛ فإنها لا تستحق كامله إلا بالدخول، وكذلك أحكام الثيوبة والبكارة، وغير ذلك مما يفرق فيه بين ما قبل الدخول وبعده.

والعرف جار على أن المعاشرة الزوجية لا تكون إلا بعد الزفاف؛ فوجب احترامه ومراعاته؛ لقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199].

 

فإذا حدث الدخول سرا بين العاقد والمعقود عليها، ثم انكشف ذلك للناس قبل الزِفاف؛ فالعرف يعتبر ذلك أمرا مشِينا للزوجين معا، وقلة احترام للأهل تقتضي الاعتذار والأسف، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعدم ارتكاب ما يعتذر منه..

اقرأ أيضا: حكم الشرع فى سفر المرأة للدراسة فى الخارج

فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ وَاجْعَلْهُ مُوجَزًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «صَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، فَإِنَّكَ إِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، وَأْيَسْ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ تَكُنْ غَنِيًّا، وَإِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".

 

وما دام العرف لا يخالف الشرع الشريف وارتضاه الناس واطمأنت إليه نفوسهم، فيجب مراعاته، ويصير هذا المعروف بينهم كالمشروط المنصوص عليه، فالقاعدة الفقهية تنص على أن الثابت بالعرف كالثابت بالنص ينظر: "المبسوط" للإمام السرخسي، 30/ 220، ط. دار المعرفة).

اقرأ أيضا: حكم الشرع فى طاعة الزوج في عدم الالتزام بالحجاب

والزوج إذا دخل بزوجته سرا قبل الزفاف فلربما حدثت مفاسد كثيرة تترتب على هذا الدخول في حالة موت الزوج، أو وقوع الطلاق، لا سيما إذا حدث حمل من هذا الدخول، فإذا حدث أمر من هذه الأمور وتم إنكار الدخول من قبل الزوج أو ورثته، فلسوف ينتج عن ذلك وقوع العديد من الأضرار والآثار السيئة على الزوجة وأهلها، كإنكار النسب، وعدم استحقاق الولد الميراث، ولسد الذريعة للتسبب في تلك الأضرار -والتي تقع غالبًا بالفعل في هذا العصر-، يترجح الإفتاء بتحريم الدخول سرا بالمعقود عليها.

اقرأ أيضا: حكم الشرع فى الخلوة بين الجنسين

وعليه: فليس للزوج المطالبة بالمعاشرة الزوجية كحق من حقوقه بمجرد عقد الزواج؛ وذلك حتى يتمَّ الزفاف وتقيم الزوجة بمسكن الزوجية، أما الدخول بها سرا دون استئذان وليها ودون احترام للأعراف الاجتماعية والتقاليد المتبعة في ذلك فلا يجوز شرعا؛ حفاظًا على حقوق كلا الزوجين في تقدير حصول الطلاق أو الوفاة مع إنكار الدخول.

والله تعالى أعلم

الجريدة الرسمية