حكم الشرع فى الخلوة بين الجنسين
أنا فتاة ملتزمة للحجاب الشرعى، وأعمل فى شركة كبيرة ، ولكن فى بعض الأحيان تقتضى ظروف عملى أن أمضى ساعات وحدى مع أحد رؤسائى لمراجعة الأعمال، فما حكم الشرع فى ذلك؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية صقر فى كتابه "فتاوى.. وأحكام للمرأة المسلمة" فيقول: إن الحجاب الشرعى ليس مقصورا على تغطية الجسم بما يمنع رؤيته للأجنبى، بل إن من مقوماته التى تتعاون كلها على منع الفتنة وصيانة المجتمع من الفساد هو عدم خلوة المرأة برجل أجنبى عنها..
فالأحاديث كثيرة فى النهى عنها لخطورتها، ومنها ما رواه البخاري ومسلم "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذى محرم" وما رواه الطبرانى "إياك والخلوة بالنساء، فو الذى نفسى بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما".
إن الغريزة الجنسية تتحين أية فرصة للاستجابة لرغبتها، ومن أجل ذلك حرم الإسلام النظر واللمس والخضوع بالقول، والخلوة، وفرص الخلوة بين الجنسين كثيرة فى هذه الأيام، فقد تكون فى البيوت والفنادق والمكاتب، والسيارات الخاصة والمصاعد الكهربائية، حتى فى الأماكن الخلوية البعيدة عن الأنظار.
اقرأ أيضا : ما هو وقت قراءة سورة الملك وفضلها؟
إن مجرد الخلوة حرام حتى لو لم يكن معها سفور أو كلام مثير، وتتحقق باجتماع رجل وامرأة فقط، أو باجتماع امرأة برجلين، أو باجتماع امرأتين مع رجل على بعض الأقوال، فإن كان الاجتماع رباعيا أو أكثر، فإن كان رجل مع نساء جاز، وكذلك إن تساوى العدد فى الطرفين، وإن كانت امرأة مع رجال جاز إن أمن تواطؤهم على الفاحشة، هكذا حقق الفقهاء.
والخلوة لا تجوز إلا للضرورة، وليس من الضرورة كسب العيش بالعمل الذى يستلزمها ولو فى بعض الأحيان، كما أنه ليس من الضرورة خلوة المدرس الخصوصى بالمتعلمة، فقد يكون الشيطان أقوى سلطانا على النفس من العلم، ومن مأثور السلف قول عمر بن عبد العزيز: لا تخلون بامرأة وإن علمتها سورة من القرآن (المستطرف ج 2 ص 2) وليس من الضرورة خلوة المخدومة بخادمها، أو المخدوم بخادمته، فكم من مآسٍ ارتكبت بسبب ذلك.
هذا، ولا يعتبر من الخلوة المحرمة وجود الطالبات مع الطلبة فى أماكن الدراسة، كما لا تتحقق الخلوة فى الشوارع والمحال التجارية والمواصلات التى تمتلئ بالرجال والنساء، وإنما المطلوب هو الحشمة فى الملابس والأدب فى الكلام، وعدم الاحتكاك بين الطرفين، وبخاصة فى الزحام..
واقرأ ايضا: حكم سماع الأغانى والموسيقى
وحديث رواه الطبرانى يقول "لأن يزحم رجل خنزيرا متلطخا بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له" وحديثه أيضا "أن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" وحديث البيهقي "إذا استقبلتك المرأتان فلا تمر بينهما، خذ يمنة أو يسرة".
هذا، والرحلات المختلطة إذا أمنت فيها الفتنة وكانت تحت رقابة مؤمنة يقظة، وكانت النساء ملتزمات بالآداب الشرعية فى الستر والجدية والعفاف، لا بأس بها، وإلا حرمت.. والأولى أن تكون الرحلات لنوع واحد، اطمئنانًا للقلب وصيانة للشرف ومنعا للتهم والظنون.