حكم الشرع فى طاعة الزوج في عدم الالتزام بالحجاب
أقيم مع زوجى فى بيت والديه، لذا فإننى التزم بالحجاب الشرعى طوال اليوم، فى البداية كان زوجى مسرورا ثم بدأ يغضب ويطالبنى بخلع الحجاب فى البيت، وقال إنه سيتحمل الذنب وحده، لأنه هو الذي أمرني، وعندما رفضت لأن له اشقاء يقيمون معنا فى نفس الدار، هددنى بالطلاق والآن أنا في حيرة هل أطيعه ولا ذنب علي؟ فما هو حكم الشرع فى عدم التزامى بالحجاب الشرعى فى المنزل؟
أجابت دار الإفتاء المصرية على هذا السؤال بالآتى: نفيد أنه يحرم على السائلة إبداء زينتها لأخوي زوجها، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز فى سورة النور: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".
اقرأ ايضا: حكم دعاء الاستفتاح وصيغته؟.. لجنة الفتوى تجيب
فإذا أمرها زوجها بمعصية كانت إطاعته محرمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ» رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه".
هذا، وطاعة الزوجة لزوجها وإن كانت واجبة بل هي أوجب من طاعتها لأبويها كما دلت على ذلك النصوص الشرعية التي منها قوله عليه الصلاة والسلام: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأةُ حقَّ ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه» رواه ابن ماجه في "سننه"، فهي -أي طاعة الزوجة لزوجها- فيما له من حقوق عليها، وليس من الحقوق إبداء زينتها لمن لا يحل له النظر إليها.
هذا، وعليكِ أن تتقي الله وتتحملي أذى زوجك وتصبري على ذلك في سبيل رضاء الله عنك، وليكن نصب عينيك قوله تعالى فى سورة الطلاق: "وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا • وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"، وقوله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"، وقوله تعالى فى سورة الزمر: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ".
واقرأ ايضا : أبو عاصي: عدم الإكراه في العقيدة مبدأ أقره الله
واحذري أن تطيعي زوجك فيما يأمرك به مما نهى الله عنه وحرمه إرضاء له، فإنه لا يغني عنك من الله شيئا، ففي حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها الذي بعثت به إلى معاوية: "مَن أرضى اللهَ بسخط الناس كفاه الله، ومن أسخط اللهَ برضا الناس وَكَلَهُ اللهُ إلى الناس" رواه ابن حبان في "صحيحه".
وانتهزي فرصة صفو زوجك وانصحي له أن يكون معك في طاعة الله واجتناب معاصيه، وليكن ذلك منك بالحكمة وحسن التصرف ولين القول، واذكري له أنه بأمره لك بما جاء في كتابك إنما يأمرك بالمنكر، وليس هذا من شأن المؤمنين، بل هذا شأن المنافقين، كما قال الله تعالى فى سورة التوبة: "الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ • وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ".
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وسائر المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه وأن يجعل بينك وبين زوجك من الألفة والمودة والرحمة ما به تقيمان حدود الله تعالى، وأن يصلح لكما شأنكما وأن يسعدكما وذريتكما في الدنيا والآخرة إنه سميع الدعاء، وهو ولينا ونعم المولى ونعم النصير. والله تعالى أعلم.